البيان الختامي لمؤتمر دعم القدس: 19 بندا تستهدف حماية ودعم صمود المقدسيين
هوية بريس – متابعات
تضمن مشروع البيان الختامي لمؤتمر دعم القدس الذي عقدته جامعة الدول العربية اليوم الأحد في القاهرة، 19 بندا تستهدف حماية المدينة المقدسة ودعم صمود أهلها، على المستوى السياسي والقانوني والتنموي، في مواجهة السياسات والممارسات الإسرائيلية العدوانية الممنهجة التي تستهدف المدينة وأهلها.
أكد مشروع البيان على أن القضية الفلسطينية العادلة، وفي القلب منها القدس الشريف، هي القضية المركزية للأمة العربية وللأحرار والمتمسكين بالقانون الدولي وحقوق الإنسان والعدل والمساواة حول العالم.
وبحسب البيان: لن يتحقق السلام العادل والشامل والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، إلا بعد أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق العودة والتعويض وتقرير المصير والاستقلال، وزوال الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة، على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1947، وعاصمتها القدس ومطالبة جميع دول العالم بالتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني والانتصار لقضيته العادلة، والاعتراف بدولة فلسطين ومنحها حقها بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وتضمن البند الثاني، دعوة المجتمع الدولي للتحرك العملي لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ومواجهة العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني بأشكاله كافة، بما فيها الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، ونظام الفصل العنصري والإجراءات التمييزية ومطالبة مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته نحو التنفيذ الفعلي لقراراته ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، بما فيها قرارات 242 و338 و1515 و2334، والعمل على وقف السياسات والممارسات الإسرائيلية غير القانونية بحق الشعب الفلسطيني، وإزالة المستوطنات غير القانونية وجدار الضم والتوسع.
أما البند الثالث، فأكد على أن جميع السياسات والخطط الإسرائيلية الممنهجة وغير القانونية التي تهدف لإضفاء الشرعية على الضمّ الإسرائيلي الباطل واللاغي لمدينة القدس الشرقية، وتشويه هويتها العربية، وتغيير تركيبتها الديموغرافية وتقويض النمو السكاني والعمراني لأهلها، وعزلها عن محيطها الفلسطيني، بما في ذلك تكثيف سياسة هدم المنازل والتهجير القسري للمواطنين من أحياء وبلدات مدينة القدس المحتلة، بمن فيهم أهالي بلدة سلوان وحي الشيخ جراح وباقي أحياء ومناطق المدينة، ضمن حملة إسرائيلية ممنهجة للتطهير العرقي وتثبيت نظام الفصل العنصري، هي انتهاكات فاضحة للقرارات الدولية.
كما دعا البيان لحماية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، ووقف المحاولات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس، وفي المسجد الأقصى، ومحاولات تغيير مسماه، وتقسيمه زمانياً ومكانياً، وتقويض حرية صلاة المسلمين فيه، والسعي لتقويض أساساته وتزوير تاريخه من خلال الحفريات الإسرائيلية تحته، والإدانة الشديدة للاقتحامات المتكررة والمتصاعدة للمسجد الأقصى والاعتداء على حرمته والمصلين الآمنين فيه من قبل مسؤولي حكومة الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين المتطرفين.
مواجهة تقويض الكنائس
كما أكد البيان على رفض الإجراءات الإسرائيلية الممنهجة وغير القانونية لتقويض الكنائس وإضعاف الوجود المسيحي في المدينة المقدسة.
وحذر البيان من أن هذه الانتهاكات الجسيمة للوضع القانوني والتاريخي القائم لمقدسات مدينة القدس، تشكل مخالفات خطيرة للاتفاقات والالتزامات الدولية ذات الصلة وسيكون لها تبعات وانعكاسات خطيرة على الأمن والسلم الدوليين.
وطالب البيان جميع الدول بتنفيذ القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية، الصادرة عن الأمم المتحدة، والمجلس التنفيذي لمنظمة “اليونسكو”، ولجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو، التي أكدت على أن المسجد الأقصى المبارك الحرم القدسي الشريف هو موقع إسلامي خالص لعبادة المسلمين فقط، وجزء لا يتجزأ من مواقع التراث العالمي الثقافي، والتأكيد على سيادة دولة فلسطين على مدينة القدس ومقدساتها، وحق إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية، باعتبارها الجهة القانونية الحصرية والوحيدة المسؤولة عن الحرم في إدارته وصيانته والحفاظ عليه وتنظيم الدخول إليه.
المشاريع الاستيطانية
كما طالب البيان المجتمع الدولي بتحمل المسؤوليات القانونية والأخلاقية والإنسانية من أجل الوقف الفوري للمشاريع الاستيطانية الإسرائيلية في مدينة القدس، بما فيها ما يُسمى بمخطط مركز مدينة القدس ومشروع واجهة القدس ومشروع “وادي السيليكون” ومشروع “مدينة داوود”، ومشروع المنطقة الصناعية في العيسوية، ومشروع القطار الهوائي للمستوطنين، ومشروع تسوية العقارات والأملاك في المدينة، والقوانين العنصرية الإسرائيلية التي تخول سلطات الاحتلال سحب بطاقات هوية آلاف المقدسيين، ومصادرة ممتلكاتهم من خلال ما يُسمى بـ “قانون أملاك الغائبين”.
التراث الفلسطيني
وأكد البيان على إدانة ورفض السياسة الإسرائيلية الممنهجة لتشويه وتغيير الثقافة والهوية العربية والإسلامية لمدينة القدس، سواء من خلال إغلاق المؤسسات الوطنية والثقافية الفلسطينية ومحاولات السطو على التراث الفلسطيني، أو من خلال محاولات تغيير المناهج التعليمية الفلسطينية في مدينة القدس، وفرض مناهج مُحرّفة بدلاً منها، وتطبيق سياسة الحبس المنزلي على الأطفال، وفرض عقوبات مالية وإدارية على المؤسسات التعليمية الفلسطينية التي لا تنصاع لهذه السياسة الخبيثة، تصل إلى حد إغلاقها.
ملف الأسرى
وأدان البيان سياسة الاعتقال التعسفي والإداري الإسرائيلي، والحرمان من العلاج والإهمال الطبي المتعمد القاتل للأسرى، والتعبير عن الدعم لنضال الأسرى لتحقيق حريتهم، ومطالبة المؤسسات والهيئات الدولية والحقوقية المعنية، بالتدخل العاجل لإلزام حكومة الاحتلال بتطبيق القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، واتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية حقوق الطفل، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والضغط على إسرائيل للإفراج الفوري عن جميع الأسرى والمعتقلين وجثامين الشهداء، ووقف سياسة الإبعاد والإقامة الجبرية، والحبس المنزلي التي تمارسها إسرائيل.
وأكد البيان رفض أي قرار يخرق المكانة القانونية لمدينة القدس الشريف بما يشمل فتح أي مكاتب أو بعثات دبلوماسية في المدينة؛ ما يشكل عدواناً على حقوق الشعب الفلسطيني، واستفزازاً لمشاعر الأمة العربية الإسلامية والمسيحية، وخرقاً خطيراً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصِّلة.
ورحب البيان بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 77/247، القاضي بطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي على أرض دولة فلسطين، والآثار المترتبة على هذا الوجود، والممارسات غير القانونية المرتبطة به.
المحكمة الجنائية الدولية
وحث البيان المحكمة الجنائية الدولية على إنجاز التحقيق الجنائي، ومساءلة ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وغيرها من الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، بما فيها جرائم الاستيطان والضم، والعدوان والحصار المتواصل على قطاع غزة، والإعدام الميداني، والمتعمد للمدنيين والصحافيين والمسعفين، والتهجير القسري.
وطالب البيان المجتمع الدولي بتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، وتشكيل آلية فعالة لتنفيذ ما جاء في قرار الجمعية العامة وتقارير الأمين العام للأمم المتحدة، التي تضمنت خيارات قابلة للتطبيق لحماية المدنيين الفلسطينيين.
ودعا البيان إلى البدء في تشكيل لجنة استشارية من خبراء القانون الدولي في إطار جامعة الدول العربية؛ بهدف دعم الجهود والمساعي الفلسطينية الهادفة إلى إنصاف الشعب الفلسطيني ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الحالية والتاريخية المرتكبة بحقه، عبر آليات العدالة الدولية، وتقديم المشورة القانونية والمساندة الفنية والمالية اللازمة لهذه المساعي.
توفير التمويل
وأكد البيان على المسؤولية العربية والإسلامية الجماعية تجاه القدس، ودعوة جميع الدول والمنظمات والصناديق العربية والإسلامية ومنظمات المجتمع المدني، إلى ترجمة الدعم السياسي إلى تدخلات عملية تشمل توفير الدعم والتمويل اللازم في مجالي التنمية والاستثمار، لتنفيذ المشروعات الواردة في إطار التدخلات التنموية 2023-2025 (ملف المشاريع) الذي قدّمته دولة فلسطين للمؤتمر، وفق خطتها التنموية القطاعية، التي تهدف لإنقاذ المدينة المقدسة وحماية مقدساتها وتعزيز صمود أهلها ومؤسساتها، في مواجهة الخطط والممارسات الإسرائيلية لتهويد المدينة وتهجير أهلها.
وأكد البيان على ضرورة تشجيع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بالشراكة مع صناديق الاستثمار والقطاع الخاص العربي، على تأسيس آلية تمويل تطوعية مشتركة في إطار جامعة الدول العربية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الهادفة إلى تعزيز صمود أهل القدس في مدينتهم، وتمكينهم من مواجهة السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى تقويض وجودهم في القدس وتهجيرهم منها.
قرار فاتورة الهاتف
ودعا البيان إلى وضع الآليات اللازمة لتنفيذ قرار الدورة 31 لقمة الجزائر العربية، بخصوص التبرع بقيمة أصغر عُملة نقدية محلية تضاف على فاتورة الهاتف الثابت والمحمول لمشتركي الخدمة في الدول العربية.
وثمن البيان الدور الأردني في رعاية وحماية وصيانة المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، في إطار الرعاية والوصاية للملك عبد ﷲ الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، والتعبير عن دعم دور إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى الأردنية في الحفاظ على الحرم ضد الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية.
ودعا البيان الأمين العام لجامعة الدول العربية للعمل على اعتماد أعمال ونتائج مؤتمر القدس رفيع المستوى، في الدورة القادمة لمجلس جامعة الدول العربية.
وفي وقت سابق، افتتح الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ، اليوم الأحد، أعمال مؤتمر دعم القدس بمشاركة الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس، وملك الأردن عبد الله الثاني.
وأعلن الرئيس عباس في كلمته أمام المؤتمر، أنه سيتم الطلب بمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة خلال الأيام القليلة المقبلة.
وقال إنه “أمام التعنت الإسرائيلي وممارساته التي تخطت كل الخطوط الحمراء، سوف نتوجه في الأيام القليلة القادمة إلى الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي”.
وأوضح: “سنطالب باستصدار قرار يؤكد على حماية حل الدولتين من خلال منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ووقف الأعمال الأحادية، وعلى رأسها الاستيطان الذي يعتبر كله باطلا وغير قانوني، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة وقرارات الشرعية الدولية، والدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام”.
وأكد عباس أن “فلسطين تحتفظ بحقها، بل ستواصل الذهاب إلى المحاكم والمنظمات الدولية حماية لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة”.
وذكر أن القدس تواجه “تحديات جسام بفعل الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لها ولأرض دولة فلسطين منذ 55 عاما، وبفعل المخططات والإجراءات التي ينفذها الاحتلال والتي تستهدف تاريخ المدينة ومقدساتها وأهلها وهويتها الحضارية الفلسطينية العربية والإسلامية المسيحية”.
وحث عباس المؤسسات والصناديق العربية على “أن تؤدي واجب الدفاع عن القدس وحماية هويتها التاريخية والدينية، من خلال دعم المشاريع التنموية في فلسطين، خاصة في مدينة القدس”.
وقال عباس: “كلي أمل أن تكون أعمالنا على مستوى هذه القضية الكبيرة وأن نبذل كل جهودنا لحمايتها بكل الأدوات السياسية والقانونية والتنموية”، مضيفا: “القدس بحاجة إلى أمتها العربية والإسلامية وبحاجة إلى من يشد إليها الرحال ليشد على يديها”.
من جانبه، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، موقف بلاده الثابت إزاء رفض وإدانة أية إجراءات إسرائيلية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم لمدينة القدس.
وقال السيسي إن مصر “تؤكد على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، بما في ذلك المسجد الأقصى بكامل مساحته باعتباره مكان عبادة خالصا للمسلمين”.
وحذر “من العواقب الوخيمة التي قد تترتب على الإخلال بذلك، أو على محاولة استباق أو فرض أمر واقع يؤثر سلباً على أفق مفاوضات الوضع النهائي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي”.
وأشار إلى أن اجتماع اليوم يأتي على خلفية “ظروف طارئة ومتأزمة تواجه القضية الفلسطينية وظروف تهدد الأمن الإقليمي وتهدد مفهوم التعايش بين شعوب المنطقة.. حيث تستمر الإجراءات أحادية الجانب المخالفة للشرعية الدولية، من استيطان وهدم للمنازل، وتهجير ومصادرة الأراضي، وعمليات تهويد ممنهجة للقدس، واقتحامات غير شرعية للمسجد الأقصى، فضلاً عن الاقتحامات المستمرة للمدن الفلسطينية على نحو يزيد الاحتقان على الأرض ويهدد بانفلات الأوضاع الأمنية”.
وأضاف أن “كل ما تقدم إنما يعوق حل الدولتين ويضع الطرفين، والشرق الأوسط بأكمله أمام خيارات صعبة وخطيرة”، مجددا دعوته للمجتمع الدولي وشركاء السلام لضرورة العمل سوياً على إنفاذ حل الدولتين، وتهيئة الظروف الملائمة لاستئناف عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، باعتباره حجر الزاوية لتطلعات شعوب المنطقة لتحقيق الأمن الإقليمي والاستقرار والتعايش السلمي.
ودعا السيسي “الأطراف الدولية لعدم الاستسلام للجمود السياسي، الذي يتراكم مع الزمن ويزيد من تعقيد التسوية في المستقبل”، مؤكدا أن “مصر ستستمر في الدعوة لمعالجة جذور الأزمة المتمثلة في الاحتلال ولن تألو جهداً في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي طالت معاناته، وستواصل العمل مع طرفي الصراع لإعادة إحياء المسار السياسي، كما سنواصل جهودنا للتعامل مع التحديات الآنية وسنعمل مع جميع الأطراف على التهدئة بالضفة الغربية وقطاع غزة”.
وأكد السيسي استمرار الجهود في دعم إعادة إعمار القطاع ودعوة المجتمع الدولي لزيادة إسهامه لتخفيف معاناة إخوتنا الفلسطينيين بغزة، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية “لا زالت أولوية لدى مصر والعرب، وتظل مكوناً رئيسياً لعملنا المشترك، وجزءاً لا يتجزأ في وجدان الشخصية العربية”.
ووجه السيسي حديثه لإسرائيل حكومة وشعباً، قائلا: “لقد حان الوقت لتكريس ثقافة السلام والتعايش، بل والاندماج بين شعوب المنطقة، وأنه لهذا الغرض، فقد مددنا أيدينا بالمبادرة العربية للسلام التي تضمن تحقيق ذلك وفقاً لسياق عادل وشامل، فدعونا نضعها سوياً موضع التنفيذ، ولنطوِ صفحة الآلام من أجل الأجيال القادمة… الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء”.
من جهته، قال أحمد أبو الغيط إن قضية فلسطين والقدس هي التي جمعت العرب بشكل لم يحدث مع قضية أخرى، مؤكدا أن الهدف من المؤتمر هو دعم صمود المقدسيين.
واعتبر أن المدينة المقدسة جزء من التاريخ، مشددا على أنها “تقع تحت الاحتلال، ولا يستطيع أحد تغيير هذه الحقيقة، في ظل حكومة متطرفة”.
وأكد أن محاولات التهويد لن تؤدي إلا لمزيد من العنف، مشيرا إلى أن “القدس حاضرة في وجدان العرب، إلا أنها تعاني ليس فقط من وطأة الاحتلال وإنما محاولات لطمس الهوية التاريخية وتهويدها وتفريغها من السكان عبر القمع وهدم المنازل وغيرها من الإجراءات التعسفية”.
وفي السياق، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن “الفترة الحالية تستدعي تكثيف الجهود، لدعم صمود الأشقاء في الأراضي الفلسطينية”، مشددا على أن القضية الفلسطينية تظل في مقدمة أولويات القضايا العربية.
وقال الملك عبد الله، في كلمة خلال أعمال المؤتمر في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة: “نطالب المجتمع الدولي بتلبية حقوقهم العادلة والمشروعة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأضاف: “نعيد التأكيد على أهمية الحفاظ على فرص السلام، وأن أساس حل الدولتين يعتمد على وقف كل الانتهاكات الإسرائيلية والاقتحامات في المسجد الأقصى المبارك، ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني التي تعيق فرص السلام المنشود”.
وتابع: “أي محاولة للمساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم، له انعكاسات سلبية على أمن واستقرار المنطقة بأكملها” مؤكدًا أن “الأردن مستمر في بذل الجهود، لرعاية حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس”.
وأشار إلى أن بلاده ستواصل المشاريع للحفاظ على هوية المدينة المقدسة، مؤكدا الوقوف مع الاخوة المسيحيين في القدس والالتزام بالعهدة العمرية منذ 1400 عام.
ومن جانبه، دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأحد، الفرقاء الفلسطينيين إلى الإسراع بإنهاء الانقسام الداخلي للحديث بـ”صوت واحد”، مؤكدا أن بلاده تواصل مساعيها التي بدأتها قبل شهور لتوحيد الصف الفلسطيني.
دعوة تبون جاءت في كلمة له قرأها نيابة عنه وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، خلال المؤتمر، بمشاركة عربية وإقليمية ودولية رفيعة المستوى.
وشدد تبون على أنه “أمام التحديات الوجودية التي تواجهها القضية الفلسطينية اليوم، لابد من الإسراع في إعادة توحيد الصف الفلسطيني للتعبير بصوت واحد عن التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني الأبي وعن حقه الأكيد والراسخ في نيل حريته واستعادة سيادته”.
وتابع: “تواصل الجزائر بالتنسيق مع الجميع مساعيها الرامية للم الشمل وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار مسار المصالحة الذي كلل بتوقيع الأشقاء الفلسطينيين على إعلان الجزائر والتزامهم بالعمل على تجسيد الاستحقاقات المتضمنة فيه”.
وفي 13 أكتوبر الماضي، وقّعت فصائل فلسطينية على وثيقة “إعلان الجزائر” في ختام أعمال مؤتمر “لم الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية” الذي استضافته الجزائر.
وتعاني الساحة الفلسطينية، منذ صيف 2007، من انقسام سياسي وجغرافي، حيث تسيطر حركة “حماس” على قطاع غزة، في حين تُدار الضفة الغربية من جانب حكومة شكلتها حركة “فتح” بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويهدف مؤتمر القدس، الذي يأتي تنفيذا لتوصيات قمة الجزائر الأخيرة، إلى دعم وتعزيز صمود المقدسيين باعتبارهم خط الدفاع الأول عن المدينة، ويخوضون معركة يومية بصمودهم وتمسكهم بهويتهم.
وكانت الجامعة العربية قالت في بيان لها، إنها “حرصت على أن يكون البعد الاقتصادي والاستثماري حاضرا بالتوازي مع المحور القانوني، باعتبار أن تعزيز الاستثمار بالقدس والبلدة القديمة منها، أحد أساليب المقاومة والصمود، لذا تمت دعوة عدد من المستثمرين والاتحادات العربية المعنية بالاستثمار والصناديق السيادية وكل من له علاقة بالتنمية والاستثمار في العالم العربي لكي يستطيع المساهمة العملية في دعم صمود المقدسيين”.
يذكر أن قمة الجزائر الأخيرة أوصت بضرورة وضع وصياغة استراتيجية عربية موحدة، تحدد المواقف تجاه القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية، وعدم التنازل عن اعتبار مدينة القدس، ذات المكانة العربية والإسلامية.