التحرش بفتاة طنجة.. من يتحمل المسؤولية؟
هوية بريس – نبيل غزال
أثار مقطع فيديو تم تداوله عبر تطبيقات التراسل الفوري، يوثق لإقدام شاب على تجريد فتاة من ملابسها والتحرش بها بالشارع العام بمنطقة “بوخالف” بمدينة طنجة، النقاش مجددا حول موضوع التحرش واللباس.
وكما وقع في محطات سابقة فقد حملت كثير من المنابر الإعلامية والجمعيات الحقوقية المسؤولية للشاب المتحرش فقط، معتبرة أن لباس الفاضح الذي كانت ترتديه الفتاة في الشارع العام يدخل في إطار الحريات الفردية.
أولا يجب التوضيح أن فعل الشاب الجانح مرفوض تماما وغير مقبول دينا ولا قانونا ولا سلوكا، كما أن التحرش لا تسلم منه محتجبة ولا متبرجة، لكن لا يمكن بحال المقارنة بين نسب التحرش الذي تتعرض له المرأة التي ترتدي لباسا غير محتشم، وتلك التي تراعي حدود الله في لباسها، وكلما كشفت المرأة عن مفاتنها كلما زادت نسب التحرش.
ووفق إحصائيات صدرت عن موقع World Population Review في سنة 2020، يصنف المغرب الثاني عربيا، في معدل حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي.
وكما سبق وأشرت في مقال سابق فهناك دراسات عديدة حاولت مقاربة هذا الموضوع والوقوف على أسبابه، وتقديم حلول للحد من ارتفاع مؤشراته، ومعظمها خلص إلى أن أدوات الزجر المعمول بها قانونيا، بالرغم من أهميتها، لكن فاعليتها تبقى محدودة جدا.
ووفق النظرة العلمانية للكون والحياة والإنسان فواقعنا اليوم يدفع، وبشكل كبير، نحو التطبيع مع الماديات، وإقصاء الأخلاق والقيم، مثل الحياء والعفة وتقوية الوازع الديني وما شابه، التي يعتبرها موروثا ثقافيا ودينيا يحول دون تمتع الإنسان بحريته الفردية، وهذا أمر يمكن لكل متابع أن يراه رأي العين في ميادين التعليم والثقافة والفكر والفن والسينما والإعلام.
ومع ارتفاع معدلات سن الزواج، وتوسع دائرة البطالة، وضعف الوازع الديني والخلقي، وعزف الإعلام على وتر الجسد، سواء بالنسبة للمرأة أو الرجل، ماذا ننتظر؟
المخرجات الطبيعية هي الأرقام الصادمة التي تطالعنا بها المؤسسات الدولية والوطنية حول هذا الانحراف الخطير، الذي يتسبب في ارتفاع معدلات الجريمة، وتفكك الأسر، ويكلف الدولة غاليا على المستوى الاجتماعي والأمني والصحي..
فمن زرع الشوك لا يجني العنب، ومشكلتنا الأساسية هي سؤال المرجعية، إذ أغلب من يتحكم في القرار السياسي ومن يملك النفوذ في الحقل الإعلامي، ينظر لموضوع التحرش من زاوية لا دينية، ويعدّ الضوابط والحدود التي وضعتها الشريعة الإسلامية لضبط سلوك الأفراد والمجتمعات، رجعية وظلامية، ومكبلا للحريات الفردية.
كما أن الطرح الذي يتم تسويقه هو أن المرأة هي الضحية فقط، علما أن جريمة التحرش يتقاسمها الطرفان، فكم من رجل وقع ضحية تحرش المرأة، وكم من عفيفة لم تسلم من الذئاب البشرية.
خلاصة القول أننا نحتاج إلى مقاربة موضوع التحرش بعيدا عن سلطة الثقافة الغالبة، التي تسببت بالأساس في هذا الانحراف، فدول الغرب المتقدمة ماديا، على الرغم من ارتفاع معدلات الوعي والتعليم والرفاهية و”التحضر”، إلا أن مؤشر منحنى الاغتصاب لازال في ارتفاع مستمر بل حاد.
فنحن بحاجة اليوم إلى إصلاح الفرد انطلاقا من مرجعيتنا باعتبارنا مسلمين، فمن لم يوقن أن الله يراه وأنه مطلع على صغير عمله وكبيره، وأنه سيسأل يوم القيامة ويحاسب، فهذا لا ينتظر منه بحال إن نزغته الشهوة أن يقول “معاذ الله”، بل سيستعمل كل الأساليب للوصول إلى مبتغاه، لأنه وباختصار غُيِّب لديه خوف الله والوقوف عند حدوده، ولقن بأن تصريف الشهوة “حرية فردية”.