إن إصلاح المناهج والبرامج حاجة مستمرة وضرورة قائمة كلما استنفذ التغيير السابق أغراضه وتولدت مستجدلت موجبة، شريطة التمييز بين الثابت والمتغير، فيثبت الأول مع تجديد في شكله وتنويع في أساليبه ووسائله، ويستبدل الثاني بما يناسب، على أن عملية الاصلاح تستدعي شروطا فيمن يتولون الاصلاح مثل: العلم بالدين الاسلامي، العلم بطبيعة المتعلمين والفئة المستهدفة، العلم بالمحيط وطبيعة الزمان والعصر الذي يراد فيه التغيير والاصلاح، العلم بتنوع مداخل الاصلاح وشموليتها، اعتماد أحسن وأجود وسائل التأثير وتحقيق المقاصد والكفايات.. وفيما يلي رؤوس أقلام وبعض الخطوط العريضة أو المداخل التي وجب استحضارها في عملية إصلاح مناهج التربية الدينية الاسلامية سواء في عملية البناء أو طبيعة التحديات التي يروم المنهاج علاجها أو طبيعة المخرجات المنشودة:
1- العناية في التربية الاسلامية بعملية البناء
مدخل المعلوم من الدين بالضرورة: (العقائد، العبادات، المعاملات، الاخلاق) (أي سماع ما ورد في الشرع من خبر أو أمر أو نهي ملخصا ومبسطا في التعليم الأساسي، ويكون عرضا متوسطا في المستوى الثانوي الاعدادي والتأهيلي، ومعمقا متجاوزا للمعلوم من الدين بالضرورة في التعليم العالي للمتخصصين سواء كان تخصصا شرعيا أو تخصصا حياتيا يضبط جميع ما ورد في الشرع في تخصصه فيعرف المحامي قول الشرع وميزانه فيما هو مقدم عليه وكذلك الطبيب والمهندس وغيرهم)، والرؤية الحاكمة في هذا المدخل هو تأهيل المتعلمين للإقامة الفرائض واجتناب الكبائر والاجتهاد في الخيرات والمكرمات، مع الآثار الاجتماعية المناسبة لذلك.
مدخل المقاصد والكليات الشرعية: (العبادة، السعادة، العدل، الأمن، العدالة الاجتماعية، الاحسان، الرحمة، الهداية، إقامة الدين وإصلاح المجتمع..) ثم (التأهيل للمساهمة في الحفاظ على: الدين، حرمة النفوس، حفظ العقول من التدمير المادي (المخدرات..) والمعنوي، حفظ النسل والعرض(الزواج والعناية بالأسرة، العفة والبعد عن الفواحش والتحصين ضد الميوعة والانحلال)، حفظ المال(كسبه تنميته واعتماد ميزان الحلال والحرام) والرؤية الحاكمة في هذا المدخل هو التحقق بالحياة الطيبة في هذه الدنيا والنجاة يوم القيامة وإقامة دين الله وحفظ المصالح الدنيوية والأخروية.
مدخل القيم الفردية والجماعية والعابرة لهما: (الإيمان الراسخ، العلم النافع، العمل الصالح، الدعوة والرسالية، البذل والتضحية)+(العناية بالهوية والأصالة، الشورى والديموقراطية، العدل والعدالة، التنمية والنهضة، التوحيد والوحدة)+(الإخلاص والتوحيد، الاستقامة وسلامة المنهج، الأخوة والتعاون، القوة في الخير، التوبة والتجديد) والرؤية الحاكمة في هذا المدخل وضوح البوصلة من خلال معالم فردية وجماعية وكفايات متى تحققت تحقق معها خير الفرد والجماعة.
مدخل الواجبات والحقوق، الفردية والجماعية، العينية والكفائية، الدينية والدنيوية وإشباع حاجات المتعلمين وحاجات المجتمع
بالتأهيل في العلاقات المتعددة (مع النفس، مع الله، مع الناس (المسلم وغير المسلم)، مع الحياة الدنيا، مع الكون، مع الاخرة) مع مراعاة مراحل: الطفولة، المراهقة، الشباب.. والقيام بفروض الكفاية (والتأهيل للمسؤوليات مع القرابة والجوار والعمل ثم مع المؤسسات) والرؤية الحاكمة في هذا المدخل تحديد المسؤوليات والبدء بالنفس لأداء الواجبات قبل المطالبة بالحقوق واستحضار أبعاد المسؤولية الشمولية لمصالح الدنيا والآخرة.
2- العناية في التربية الإسلامية بمواجهة التحديات
مدخل التحديات الداخلية (الشرك، الاستهانة بالنفوس والأرواح، الجهل، الغلو والتطرف، التكفير بغير حق، البدع والخرافة، الفكر التجزيئي، الميوعة والانحلال والتحلل من الالتزامات، الاستبداد والتحكم، الظلم، التفرقة والعنصرية، الكسل والتخلف، الاستهانة بالوقت وبالنظام والنظافة.. الرشوة والمحسوبية وأكل أموال الناس بالباطل، قطع الرحم…).
مدخل التحديات الخارجية(حصر العناية والاهتمام بالدنيا فقط، التنصير، التشيع، الالحاد، العدوان، التقليد الأعمى بغير بصيرة).
3- العناية في التربية الاسلامية بالمخرجات الراشدة، بتخريج:
الرباني العليم (له صلة قوية بربه، يعبده ويطيعه على علم وبصيرة ويهتدي في حياته وعلاقاته كلها بصراطه المستقيم)
القوي الأمين (له قوة في الايمان والعلم والعبادة والعمل الصالح وفعل الخير والدعوة إلى الله والبذل والتضحية وقوة في المال والبدن ويجمع بين الكفاءة والأمانة في تولي المهام والمسؤوليات..).
المجاهد الحكيم (يجاهد نفسه وهواه ليستقيم على الحق والخير ويجاهد الباطل والفساد والظلم من حوله بحكمة وتؤدة في إطار من العلم الراشد والاجتهاد الرزين والمشروعية المعتبرة والمصلحة المقدرة).
المغربي الأصيل (يعتز بجذوره وتاريخه وحضارته ولغاته، وله غيرة قوية على وطنه وأمته، ويعيش زمانه وتحدياته، وينفتح على الحكمة البشرية ويشع بالخير على الانسانية).
جزاك الله خيرا وفيت و كفيت في إيجاز
فقط كلمة “الديموقراطية” و كأنها مقحمة في المقال و تبدو نشازا بين مصطلحاته الراقية، فلو أزيلت لكان أفضل و الله أعلم