التصوف المقاوم والتصوف المتصهين (فيديو)
هوية بريس – د.محمد عوام
التصوف عند أربابه المتحققين به هو تزكية النفس وتربيتها، وتصفيتها من كل الرعونات والكادورات، حتى ترتقي في سلم المقامات، وكل ذلك وفق الكتاب والسنة كما نص على ذلك فحول هذا العلم كالإمام الجنيد رحمه الله وغيره. فهو كما قال ابن زكري رحمه الله في نظمه:
علم به تصفيةُ البواطن….من كدرات النفس في المواطن
قال شارحه العلامة أحمد المنجور فيما نصه: “التصوف علم يعرف به كيفيةُ تصفية الباطن من كدورات النفس، أي عيوبها وصفاتها المذمومة، كالغل والحقد والحسد والغش وطلب العلو وحب الثناء والكبر والرياء والغصب والأنفة والطمع والبخل وتعظيم الأغنياء والاستهانة بالفقراء. وهذا لأن علم التصوف يطلع على العيب والعلاج وكيفيته. فبعلم التصوف يُتوصل إلى قطع عقبات النفس والتنزه عن أخلاقها المذمومة وصفاتها الخبيثة، حتى يتوصل بذلك إلى تخلية القلب من غير الله وتحليته بذكره سبحانه.” نقله عنه الشيخ ميارة في الدر الثمين والمورد المعين.
إذن هذا هو التصوف، وهذه مقاصده الأصيلة، تربية النفس ومجاهدتها، وحملها على الاستقامة ونشر الفضائل، ولكن مع ذلك لم يقتصر المتصوفة رحمهم الله على تربية النفس فحسب، وإنما ألفيناهم يقومون بالأعمال الخيرية الجليلة النفع، والعظيمة القدر، مثل العمل الخيري وتأمين الطريق للحجاج الذي قام به أبو العباس السبتي رحمه الله، ومن ذلك أيضا وأعظمه جهاد المتصوفة للاحتلال سواء البرتغالي أو الإسباني أو الفرنسي والإيطالي.
لقد شارك في معركة وادي المخازن شيوخ المتصوفة منهم يوسف الفاسي (ت1013هـ)، ومحمد بن علي بن ريسون، وغيرهما، وفي العصر الحديث قام الشيخ العياشي بسلا، وأبو حسون السملالي المعروف بـ(بو دميعة) وغيرهما بمحاربة العدو. وأنا لست بصدد الكتابة عن هذا الموضوع فحسبي منه هذه الومضات والإشارات. نعم وجد من المتصوفة كما هو الشأن عند غيرهم خونة تمالئوا مع الاستعمار، وقدموا له خدمات، أو على الأقل سكتوا عنه.
واليوم نحن أمام تصوف من نوع آخر، تصوف دخلته الصهيوونية لتفسده، وتستغله لأهدافها الخبيثة والحقيرة، لتشل به الوعي، وتزيف الحقائق، بادعاء السلام على طريقة الأفعى اليهودية، التي تبهر ببريق لونها المغفلين والمرتزقة، لكنها تحمل في أنيابها السم القاتل. في الوقت الذي تشن هذه الأفعى الصهيونية حربها منذ سنة كاملة على قطاع غزززة ولبنان، ناهيك عن احتلالها لفلسطين أكثر من خمسة وسبعين سنة، يطلع علينا هذا البليد المتدثر برداء التصوف المدعو محمد فوزي الكركري، ليصبح أداة في يد الصهاااينة، وينسق معهم، ويعانقهم ويصافحهم، شلت يمين تصافح الأوغاد الأنجاس.
تصوف الكركري ليس تصوفا خالصا، وإنما هو تصوف على الطريقة الأمريكية، وبرعاية أمريكية، وثناء صهيوني، ألم تمنحه أمريكا دكتوراه فخرية وتبعتها فرنسا، لماذا كل هذا الاحتفاء بهذا الدخيل على التصوف؟ ومتى كان هؤلاء يحبون شعرة واحدة في رأس مسلم، كما يقول المغاربة؟ وجوابه: أن الكركري ومن معه، ومن يبارك طريقته منخرطون في تحقيق الأهداف الصهيو أمريكية عن طريق قتل الوعي، وتبليد الإحساس باسم التصوف، وتمزيق صف المسلمين، واستغلال تصوفهم لتمرير الأجندة الصهوونية في المغرب وغيره من بلدان العالم، والضحك على العوام بأن هؤلاء علماء متصوفة لو لم يروا مصلحة بلادنا معهم لما حل لهم أن يصافحوهم. وهذا أكبر مخدر يفوق في مفعوله مخدر الشيرا أو الحشيشة المعلومة الملعونة.
هذا هو الخطر القادم الذي مع الأسف يستغلون اسم الملك فيه، ونحن لا ندري هل ما يقولونه مجرد ادعاء أم هو حقيقة لأننا لم نسمع كلاما من الملك في هذا، ونحن لا نثق في اليهود لأنه كما ورد في الحديث “قوم بهت”، وأمام سكوت الجهات الرسمية والمعنية بهذا الاستغلال الفاحش لاسم أعلى سلطة في البلاد يبقى الشعب في حيرة من أمره، أما نحن فلا نصدق الصهااينة المجرمين وعملائهم الخونة، لأنهم أكبر الأفاكين على وجه البسيطة، وتلك عقيدتهم وحرفتهم القديمة.
إذن نحن أمام مفارقة لا بد منها، وهي التفريق بين التصوف المجاهد والمقاوم والتصوف المتصهين المتأمرك، فالأول هو تصوف السلف، مع الانضباط بالكتابة والسنة. والثاني هو تصوف العملاء والخونة الذين باعوا دينهم بعرض من الدنيا. وعلى الأمة أن تعي ما يحاك لها، وتستفيق من غفلتها بأن تعرف مداخل أعدائها وعملائهم، لا تكتفي بالتفرج، والاطمئنان إلى كل من طالت لحيته، وهدومه، وأقام أورادا وأحزابا، وهو في حقيقته عميل متخف في زي متصوف.
وعلى المتصوفة الشرفاء الأحرار الحقيقيون أن يتصدوا لمثل هؤلاء الدخلاء المتصهينين، ويكشفوا عنهم النقاب، ويرفعوا عنهم الحجاب، ويتبرؤوا منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب، حتى لا يفسدوا عليهم تصوفهم، فجهادهم اليوم الحقيقي هو التصدي للتصوف المتصهين، هذا إن أرادوا فعلا أن يبرؤوا ذمتهم لله وللتاريخ، وإلا عد صمتهم خيانة للأمانة والمسؤولية. فالتصوف ليس فقط مجرد ترديد أوراد، وإنما هو أيضا تحطيم أصنام، أصنام الجاهلية، وأصنام الصهيووونية، وأصنام الظلم والطغيان، والذل والهوان، فالتصوف تغيير وتبديل، لا تصوف شلام على طريقة الصهينة.