التعاون والتعاونيات في الاقتصاد الإفريقي
هوية بريس – ذ. عبد السلام حجي
ما فتئ المغرب عبر التاريخ يروم إلى تأكيد هويته الإفريقية، ودوما جعل من بين أهم أولوياته الاستراتيجية، تطوير روابطه التاريخية المتينة وعلاقاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع الدول الأفريقية، وتقوية مجموعة شراكات في مختلف المجالات التي تجمعه بها؛
وفي خضم إعادة التشكيل التي يعرفها الاقتصاد العالمي والسير نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب ومن خلال النتائج الاقتصادية التي تم تسجيلها، أضحى من المفروض على القارة الإفريقية النظر في إعادة تموقعها التنموي الجديد والتي تفرض على إفريقيا بأن تتقوى بمؤسسات مهيكلة وقوية قادرة على المنافسة الشديدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، أخذا بعين الاعتبار التوقعات والتموقعات الجديدة التي يتم رسمها والتي تفرض على إفريقيا التحول الاقتصادي الاستراتيجي.
بالنسبة لبلد المغرب وعلى المستوى الاقتصادي تنامى وتزايد الوعي لديه بفكر الانفتاح على الواجهة الإفريقية، وهذا التوجه يجسد رؤية ملكية شريفة سامية رامية إلى تعزيز التعاون والتضامن بين بلدان القارة الإفريقية في إطار شراكة رابح – رابح؛
هذا أمر ليس بجديد، بل هو نهج وجد منذ قدم تاريخ المغرب الاقتصادي ومنذ زمن عهد سلاطين وملوك المغرب الشرفاء، والتي كانت تبصم وتفعل عن طريق تبادل القوافل التجارية القادمة والمتوجهة إلى دول جنوب الصحراء وإلى مجموعة دول إفريقية تربطها علاقة متميزة مع المغرب على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية وأيضا السياسية، كدولة السنيغال والسودان ومالي وموريتانيا ودول إفريقيا الوسطى ودول إفريقيا الساحل…؛
وتشكل التعاونيات واتحاداتها مجالا خصبا ومحورا أساسيا ونموذجا اقتصاديا متكاملا يمكن أن يكون موضوع تعاون و شراكة حقيقية بين القطاع التعاوني في البلدان الافريقية، لاسيما بالتركيز على مجالات تسويق منتوجات التعاونيات والتشجيع على تبادل المعرفة و الخبرات بين التعاونيات المحلية ونظيراتها من البلدان الإفريقية وخلق فضاء واسع لتقاسم الخبرة بين التعاونيات الإفريقية و الحوار فيما بينها في خضم تعزيز أواصر التعاون بين هذه البلدان الإفريقية، سعيا إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى لهذه الدول و المتمثلة في محاربة البطالة ومحاربة الفقر والهشاشة وتوفير فرص الشغل وتدعيم الأنشطة الاقتصادية لهذه البلدان أجمعها.
ويجذر التذكير إلى أن المغرب ماض في هذا النهج القويم الداعي إلى تقوية الشراكة في هذا المجال، وخير مثال على ذلك هو الملتقى الاقتصادي الإفريقي الأول للتعاونيات الذي انعقد مؤخرا بمدينة الداخلة بتاريخ 15 فبراير 2024 تحت شعار “التسويق الاقتصادي جسر لتوطيد العلاقات الأفرو-مغربية”، وذلك بمشاركة عدد من التعاونيات المغربية والإفريقية والذي احتفى بدولة السنيغال كضيف شرف.
هذا الملتقى الاقتصادي الإفريقي للتعاونيات كان مناسبة لكل من التعاونيات الإفريقية والمغربية لعرض منتوجاتها وتثمينها، وفرصة لطرح ودراسة مختلف مجالات التعاون خاصة ما يتعلق بتطوير وإنعاش التسويق بين تعاونيات هذه البلدان الإفريقية وبحث مختلف وسائل التعاون فيما بينها، مع تنظيم أنشطة مختلفة ومتنوعة في إطار شراكات تجعل التعاونيات تنفتح على أداءات بعضها البعض.