التعريف بسلسلة إصدارات “منتدى إحياء” الموجودة في المعرض الدولي للكتاب والنشر

       قصة “الاسد الثائر” عنوان الكتاب الذي اردت ان اخرجه في حلة انيقة للقارء الكريم كهدية، ليس من منطق الواقع الحقيقي المعاش ولاكن ينجلي بساطه الى عالم الخيال، وهي موجهة بالاساس الى فئة الاطفال، وتشويقا منهم حتى على ثقافة الكبار. وبنوع من التسلية في الوقت الذي يجلس فيه القارئ في مكان تحدوه السكينة والاستقرار، والهدوء النفسي في فترة وقت من الاوقات. يستظل الكتاب بفترة من فترات حياة الاسد الثائر الغير المتوحش بطبعه ومن قوة بطشه الازلي، اردت من خلال اهم فصول المؤلف اخذ المعلومة والوقائع المقررة وبسطها في قاعدة المعاني ونسج خيوط التوجه الفكري الذي لا حدود له. وحيث يستفاد من وقائع القصة التي جاءت مستوفية لجميع الشروط الشكلية الموضوعة في ادبية الرواية القصصية، في الشكل كما في المضمون مما يوحي بالقبول. والله ولي التوفيق.
                                                                                                                                     الفصل الاول 

       لقد بدا الاسد يستعيد عافيته، حتما سيعود الى زئيره، بعدما طال امد عجزه وفترة مرضه وانتكاسته. ولاكن قوة عزيمة الاسد جعلت من شخصيته يتحدى المرض والكسل ويقف دوما كالبطل، رغم فترة غيابه الطويل في احد المنتزه الاخضر تكسوه مختلف انواع الاشجار والزهور واصناف نادرة من الطيور، بعيدا عن الصراخ والبعير. في احد قمم الجبال الشامخة التي تطل على بسيطة ارضية شاسعة، بنا الاسد عرينا مفصل من عدة بيوت ضيقة يستعين فيها كل جزء من خباياه التي لا يدركها الا الاسد بنفسه. اراد الاسد ان يتحرى من قيود العيش كباقي الاسود الاخرى بالتحدي، اراد ان يبقى بمفرده ولا يرى احدا بجواره، وبعد مرور ايام واسابيع وهو يتجول في محيطه السرمدي بعدما يستيقظ من نومه وسباته. فقرر في نفس الاسد ان لا يشد الرحال من ذلك المكان وجعل من عرينه موطنه الاصلي. ويبقى الاسد اسدا ابداحيت ما حل ورتحل. 
       في ذات يوم كان الاسد في عرينه، في سكنات الليل الهادئة، سمع صوتا لم يكن قد سمعه من قبل قط، فاخد يتامل عن مصدر هذا الصوت الغريب الذي يطرب القلب، انه طائر الغراب. فاءقر الاسد في نفسه ان لهذا الصوت معنى فتخده انيسا له ينصت لنغماته الرنانة التي توحي لميلاد فجر صبح جديد. فمرت الايام والشهور حتى جاء الهدهد عند الاسد بالخبر اليقين، فاخبره بان مجموعة من القرود في طريقها غربا من مقربة من بضع اميال من تواجده بعد اشعاره بان تلك القافلة يتزعمها احد فصائل القرود في رحلة استجمام وصيد. ولاكن ذكاء وقوة الاسد ليست كالقرد في ساحة المعركة والقتال بالبطش لكل من سولت له نفسه الاقتراب ولو من بعيد منه فجزاءه المحتوم سيكون وليمة دسمة له وطاقة حرارية تغنيه عن السؤال لوقت بعيد والضحية في مصيرها المجهول اذا لم تتمكن من الفرار. انه الاسد الذي لا تفارقه الحمى وما يحمله اسمه من معنى استطاع ان يمحي من ذاكرته كل ما من شانه ان يقلقه ولو باشارة صغيرة، وان يتعامل مع باقي الكائنات بالتوقير والاناة، وان يعيش في جو يطبعه السكينة والنعيم بعيدا عن كل غلو وتطرف وجحيم. استقبل الاسد ضيوفه بنوع من الود بعد تحية السلام، اقروا جميعا باعجابهم الكبير تجاه حفاوة الاستقبال من طرف الاسد بالتقدير، فقرروا ان يتخدوه قاضيا لهم. وبعد تبادل اطراف الحديث بين الطرفين اشاروا بوجود العديد من الخلافات والارهاصات بين باقي الحيونات، بالتصعيد، وطلب من الاسد ان يكون قاضيا للمنازعات، حتى على ابسط الوشايات، وحل مختلف الاحداث، وهذا ما اعتبره الاسد استفزازا له في حد ذاته وشيئ قد لا يعنيه ولا دخل فيه. فاشار الاسد اليهم بالانصراف الى حال سبيلهم من عين المكان. فوقف زعيم القرود مندهشا ومصدوما من ردة فعل الاسد القوية تجاههم بالرفض فنصرفوا غاضبين فقال زعيمهم في نفسه انه لا صداقة مع الاسد انه عديم الود. فجاء الهدهد مسرعا عند الاسد بالخبر المستنير، بان فصيلة من الغزلان مكونة من بضعة قطيع من جهة الشرق من عرينه فاءقر الاسد في نفسه بان فصيلة الغزلان وجبة غذائية دسمة وأن خصره ضامر بشكل واضح، فأسرع الاسد من مكانه متجها تواجد الغزلان في ارضية تكسوها اشجار التين واليقطين. وعندما شهد الاسد غزالة من بعيد قال في نفسه يا لها من لؤلؤة  فقرر ان تكون صديقة له. وقف الاسد عن كثب يتامل ويشاهد جمالتها وهي تمرح في نسيم الطبيعة بين جوار الاشجار ويحيطها مياه العيون ونفحات الزهور….وبقي الاسد لوقت ليس بالنزر اليسير على ذلك الحال حتى ادركه التعب و غلب عليه النعاس وحل عليه الظلام. فستيقظ الاسد من نومه فوجد نفسه في مكانه والغزلان قد راحت في طريقها سيرا الغير معلوم، وبوحشته وغضبه المرعب كاد ان يفر جميع الكائنات في حينها من مكانها والعصافير من وكرها وكل من يتأمل عن مراد زئير الاسد القوي…./… 
        لقد كان للاسد الفضل وسعة الصدر عندما اتخد من ادبيته وعاطفته ان يتميز بنوع من الكمال في توجهاته  الإرادية  والمعنوية. لقد عرف عنه مبدا الرافة والرحمة، حتى لقب بملك الغابة والمهابة. فاشرقت الدنيا بوجوده على كوكب الارض فشاعت اخباره في كل مكان فعترفت جميع الحيونات بالمكانة التي يحضى بها على مر الايام والاعوام.
        لقد كانت زيارة فصيلة القرود عند الأسد المفاجئ وبدون سابق إعلام دورا حاسما في القيام بعملية تشهير واسعة بالأسد وإصدار محتوى القرار بالرفض والمغادرة. مما إختلفت المفهوم الحقيقي للمغزى المشار إليه في مضمونه عند باقي منطق الطير والحيوان. حتى جاء الهدهد عند الأسد مبتسما معربا عن تضامنه المطلق والصادق مع جميع قراراته وتوجهاته بدون قيد او شرط.
         فأمر الأسد طير الهدهد للذهاب كرسول الى زعيم القرود بهذا الكتاب. جاء فيه : ” إنه من الأسد أبعث بكتابي هذا إليكم ومن خلالكم بكامل الإحترام والود، ومنذ زيارتكم الأخيرة المفاجئة وبدون سابق إعلام  وعند وصولكم تم إستقبالكم، ولإعتبارات شتى بعد تبادل أطراف الحديث مؤداها بإقتراح من طرفكم من باب الإستئناس منصب قاضي بحل النزاعات والخلافات وزجر المخالفات والنظر في مختلف الأحداث حتى على أبسط الوشايات، والحد من الحروب والصراعات، من منطق الطير وباقي الحيوانات. ولاكن مهمة الأسد الصعبة والمكانة التي يحظى بها بالشهامة والهيبة تجعله في غنى تام عن أي مهنة كقاضي بعزته، والذين لا يملكون من الأمر شيئا ليس لذيهم ما يحسدون عليه.
         ومن مصادر خاصة علمت بوجود فئة ضالة ومضلة تتكاسل كما تبيع وتشتري  في حقوق الغير بالمكر والخديعة وإنعدام الضمير لخدمة أصناف الحمير، بالزعامة الفاشلة والدعاية الرخيصة وبدون أي تبرير من قبلها وبوجود أذلة دامغة بتورطها بالمنسوب إليها كما يستوجب معاقبة كل المتورطين في النازلة. والسلام على من إتبع الهدى”.
         فأسرع الهدهد حامل كتاب الأسد إلى من يهمهم الأمر باحثا طريق ومكان تواجدهم، وبعد البحث والتحري والإكتشاف، حط رحاله في أرضية كلها أشواك وكقاف، ولا يوجد فيها لا أخضر ولا يابس، فتذكر قول الأسد بالأمس، بإستدعاء جميع الطيور بالحضور، قبل إلقاء الهدهد رسالة الأسد،…/…

     وفي الوقت المحدد حل الهدد مع رئيس سرب الغراب مع باقي أصناف الطيور عند زعيم القرود الذي كان محاطا بمرافقيه وبنوع من الإستغراب على كثرة حضورهم بهذه الطريقة المفاجئة وبتلك الصفة وبدون سابق إنذار وبتلك الشاكلة، كسرعة البرق رمى الهدد كالسهم اللامع كتاب الأسد بين يدي زعيمهم وبنوع من الفزع والإرتباك وقاب قوسين أو أدنى من الإرتجالية كأن على رؤوسهم الطير. مصرحا الهدد بالقول : “لقد جأت إليكم بكتاب من حضرة الأسد معربا لكم عن تقديره وإحترامه الكبيرين. كما يسعدني اللقاء بكم اليوم بحضور رئيس سرب الغراب وباقي الطيور وسوف تجدون في مضمون كتاب الأسد ردا جازما وجوابا شافيا على محتوى موضوع زيارتكم السابقة عند الأسد والأحداث المتلاحقة والمتسارعة مع موافاته بجميع الصعوبات التي تجدونها والإقتراحات الفعالة المفيدة التي ترونها مناسبة لمواجهة والتصدي والحد الشامل كل تلك الإنحرافات الغير المسبوقة والصراعات والخلافات المعلنة “.
     وبدون أي رد من طرف زعيم القرود وبدون أي إشارة أو كلمة تذكر، كأنه أصيب بسحر، مد كتاب الأسد إلى أحد من أبناء عمومته كان بجواره  يعرف المعرفة التامة للقراءة  ويجهل الكتابة، بينما هو كذلك يتفحص كتاب الأسد، أخد الهدهد مكانه في أقرب شجرة عالية كما أعطى الضوء الأخضر إلى باقي الطيور المشرفة بالحضور من أجل أخذ مكانها بين أغصان الأشجار، والهدد يراقب ويشاهد عن بعد ويتأمل ويفكر ما يجري حولهم من أفعال وأقوال. وبعد وقت قليل من السكون وإنعدام أي حركة أو صوت في كافة أرجاء المحيط، …/…..