التعصيب موجود في القرآن.. لكن بني علمان والحداثيين يكذبون
هوية بريس – د.رشيد بنكيران
الإرث بالتعصيب إرث بلا تقدير، وهو يخص العصبة الوراثيين من غير أصحاب الفروض (أي الذين لم يحدد لهم الشرع نصيبا معينًا كالنصف أو الربع أو السدس أو الثمن). وشأن العاصب أن يحوز المال كله إن لم يوجد صاحب فرض، ويأخذ الباقي بعد أصحاب الفروض إن وجدوا، فإن لم يبق له شيء لا يرث. وهو ما دل عليه الحديث النبوي الشريف المتفق على صحته ونسبته إلى النبي ﷺ إذ تلقته الأمة الإسلامية بالقبول ووقع الإجماع على العمل به؛ “أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ“.
وإذا كان لفظ التعصيب لم يأت ذكره في القرآن الكريم فمعناه موجود ومشار إليه في عدة مواضع من آلايات التي تناولت موضوع الإرث، من بينها:
✓ قوله تعالى: (یُوصِیكُمُ ٱللَّهُ فِیۤ أَوۡلَـٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَیَیۡنِۚ). فلم تنص الآية الكريمة على فرض معين للبنت ولا لابن، ولكن تركت الأمر مشاعا، وأسست لما يصطلح عليه عند الفقهاء بالتعصيب بالغير.
والأمر نفسه في قوله تعالى:(وَإِن كَانُوۤا۟ إِخۡوَةࣰ رِّجَالࣰا وَنِسَاۤءࣰ فَلِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَیَیۡنِۗ).
✓ وقوله تعالى: (فَإِن لَّمۡ یَكُن لَّهُۥ وَلَدࣱ وَوَرِثَهُۥۤ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ ٱلثُّلُثُۚ)؛ فالآية نصت على نصيب الأم وفرضت لها الثلث، وبقي الثلثان؛ ثلث يحوزه الأب بالفرض قياسا على نصيب الأم والثلث الباقي تعصيبا. نعم قد وقع فيه خلاف بين الصحابة لكن تقرر الأخذ به بعد ذلك وجرى به العمل، وعضده الحديث النبوي الصحيح؛ “أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ“، والمقصود بالرجال هنا العصبة بإجماع الأمة.
✓ وقوله تعالى: (إِنِ ٱمۡرُؤٌا۟ هَلَكَ لَیۡسَ لَهُۥ وَلَدٌ وَلَهُۥۤ أُخۡتࣱ فَلَهَا نِصۡفُ مَا تَرَكَۚ وَهُوَ یَرِثُهَاۤ إِن لَّمۡ یَكُن لَّهَا وَلَدٌ)؛
فالآية نصت على نصيب الأخت في هذه الحالة وفرضت لها النصف، أما الأخ في هذه الحالة فيحوز المال كله؛ النصف منه فرضا قياسا على نصيب أخته والنصف الباقي تعصيبا كما سبق بيانه.
بالمناسبة، نسعى في هذا المقال وفي غيره أن نبين لعموم المغاربة حقيقة الأشياء، وقد نضطر لتحقيق هذا المسعى النبيل إلى مخاطبة بني علمان والحداثيين بلغة الفقه كما لو أنهم من أهله، وهم بعيدون كل البعد عنه، بل البعيدون حتى على الصدق الذي هو أول شرط لتحقيق الحوار الناجح، فهم يزعمون أن التعصيب غير موجود في القرآن، ولهذا يمكن الاجتهاد فيه حسب ظنهم. فإذا قلت لهم تنزلا: هب لفظ التعصيب غير منصوص عليه في القرآن فما بال الزنا (العلاقة الجنسية الرضائية…) فهو
منصوص على تحريمه في القرآن ورتب الشرع على جريمته عقوبة وحدا، فماذا تطالبون برفع تجريمه!؟
فتجد القوم بعد هذا الالزام يصدون عنك صدودا.