التعليم هو المبتدأ والمنتهى

28 مايو 2025 22:04

هوية بريس – ابراهيم أقنسوس

هناك مقولة تنسب إلى العالم الفيزيائي (ألبرت أينشتاين )، مفادها مايلي : (الغباء هو أن تفعل نفس الشيء مرتين أو أكثر، بنفس الأسلوب، ونفس الخطوات، ثم تنتظر نتائج مختلفة )، هذا بالضبط هو ما يحصل عندنا، حين نبحث عن نتائج مختلفة، وننتظر نهايات مغايرة، مع الإبقاء على نفس المقدمات، والإصرار على نفس البدايات والحسابات، الخاطئة والمتخلفة بداهة.

لست أدري ما الذي ننتظره، من تغيير، ونحن نعيد، في كل مرة، تدوير نفس المنطلقات والأساليب، في العديد من المجالات، ومنها المجال التعليمي؛  ما الذي ننتظره من أخبار، تأتينا من المؤسسات التعليمية، ومنها الجامعة، في وقت تعجز فيه كل الحكومات على مواجهة سؤال التعليم، المواجهة المطلوبة، وتفضل اختزال الهم التعليمي، وعيا وبغير وعي، في جملة من الانشغالات التقنية والرقمية والإدارية، بعيدا عن أسئلة التعليم الجوهرية، أسئلة الثقافة والوجود والكيان والهوية، الأسئلة التي يقتضيها ويفترضها هذا القطاع، الأسئلة المؤسسة، والتي يحملها ويتحملها المثقفون والعلماء وأهل الرأي والنظر ابتداء؛ واضح أن ما أثير مؤخرا حول مسألة المتاجرة بالشواهد الجامعية، وما إليها من بذل للنقط مقابل الجنس، ليس إلا انعكاسا جزئيا، ونتيجة عادية، لما ظل يعتمل في حقل التعليم، والتعليم الجامعي لسنوات طوال، وليس إلا صورة من صور، هذا الإرتباك الكبير الذي صاحب أشكال التعاطي مع ملف التعليم، الذي يبدو مع الأيام، أنه كان ولازال، ضحية إرادات متعارضة، وحسابات متضاربة، وأن فشل عملية الإصلاح، بمعناها الجدي والمسؤول، أو تأجيلها إلى حين، يعني أن إرادة عدم التغيير، هي الغالبة، إلى حدود الساعة على الأقل.

إن أصعب شيء في ملف التعليم، هو أنه سؤال ثقافي، يهيمن على كل القطاعات، ويحدد مآلات كل المجالات، لأنه ببساطة، يعني المعرفة، التي تعني القراءة والفهم، والتحليل والتركيب، والتأويل والنقد، والهدم والبناء، كما تعني التدبير والتسيير والإنجاز والمحاسبة ؛ والمشتغلون بالتعليم، هم بالضرورة مثقفون، في مستوى من المستويات، يستصحبون وإياهم سؤال المعرفة، الذي يعني سؤال الوجود والكيان والذات، وما تقتضيه هذه الأسئلة من قضايا، رئيسة وفرعية ؛ كالأنا والآخر، واللغة أو اللغات وغيرها، وأصحاب هذه الأسئلة، لا يمكن أن يتوقفوا عند حدود شهوتي البطن والفرج، بمعانيهما المبتذلة والمنحطة، ويشتد ذلك أكثر حين يتعلق الأمر بالمستوى الجامعي، الذي يعني الإنخراط الواعي والنوعي  والمسؤول، في مضمار البحث والسؤال، ولذلك، ينتظر دائما من الجامعة، أن تكون سباقة لتقديم الأجوبة العلمية الرصينة، وأن تعرض التحاليل والمقاربات المعمقة، لكل ما يفيد الإنسان في مناشطه كلها، الفردية والجماعية، الفكرية والتدبيرية، ومستوى هذه الإجابات والإنشغالات، هو الذي يحدد المستوى المعرفي والقيمي لرواد هذه الجامعة، وللمجتمع الذي تشتغل فيه وعليه بالتبع.

إن أصعب شيء في سؤال التعليم، هو كونه يسكن كل التفاصيل، ويتواجد في كل مناحي الحياة، سلبا وإيجابا ؛ أنى وليت وجهك يصادفك سؤال التعليم، في الشارع، في المجالس المنتخبة، وغير المنتخبة، في النقاش السياسي، في نوعية الخلافات و الإختلافات، وفي مستوى تدبيرها، في الحرص على المصالح الذاتية، وفي تبرير الإستفادة من المناصب، وعائدات الريع، والمال الحرام، في قراءة الجمل الركيكة بصعوبة، أمام العالمين في البرلمان.

إن التعليم بهذا المعنى ليس قضية عادية، بل هو أم القضايا، به تكون جميعها، أو لا تكون، وسنظل ندمن نفس النتائج، ونراكم نفس السلوكات والخيبات، والأخبار المؤسفة، وبدرجات تزداد سوءا مع الأيام، ما لم نحدث التغيير المطلوب والضروري في المقدمات والبدايات، التي تعني قطاع التعليم، كما تعني غيره، سواء بسواء.

 

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
12°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة