التـ.حـ.رش بفتاة طنجة.. طابو العـ.ري وقلة الحياء!!

23 سبتمبر 2024 21:58

هوية بريس – نبيل غزال

فجر مقطع فيديو منشور على شبكات التواصل الاجتماعي يوثق لتحرش مجموعة من القاصرين بفتاة في مدينة طنجة نقاشا مجتمعيا حول هذا السلوك المخل، ومن يتحمل مسؤولية هذا الفعل المشين.

وفي هذا الصدد أقدمت عناصر الشرطة بولاية أمن طنجة، على تحديد هوية المتورطين واعتقال قاصر (15 سنة)، فيما لازالت الأبحاث والتحريات جارية بغرض توقيف باقي المشاركين والمساهمين في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية.

جرائم التحرش بالمغرب

ليست هذه المرة الأولى التي يقع فيها سلوك منحرف من هذا النوع، فبذات المدينة (طنجة) سبق وأقدم شاب على تجريد فتاة من ملابسها والتحرش بها بالشارع العام بمنطقة “بوخالف”، وبالبيضاء أقدم مراهقون على التحرش بفتاة وتجريدها من ثياباها داخل حافلة عمومية، واشتهرت قضيتها آنذاك باسم “فتاة الحافلة”، ومثل ذلك وقع بـ”السويقة” بالمدينة العتيقة بالرباط، وتفجرت حوادث التحرش والجنس مقابل النقط بعدد من الجامعات.. ومقابل العمل.. ومقابل الأدوار الفنية وغيرها كثير وكثير جدا.

فالتحرش انتشر كالفطر السام بالمجتمع، وبات لدى بعض المنحرفين خبزا يوميا، وذلك على الرغم من التجريم القانوني، والتحريم الشرعي.

فكم تسبب هذا السلوك المنحرف وغير المسؤول، في جرائم شرف، وضرب وجرح وقتل، وتشتيت لأسر ومعاناة لأطفال، وكم كلّف، ولايزال، الدولة غاليا على المستوى الأمني والقضائي والاقتصادي والاجتماعي..

من أجل كل هذا يتعين معاجلة هذا الانحراف بعيدا عن الأدلجة والضغط الإعلامي واستصنام ثقافة دخيلة على هويتنا ومجتمعنا.

مركزية القيم ومحورية منظومة العفة

إن تغييب مركزية القيم ومحورية العفة في هذا النقاش وتحميل الشباب المتورط في الأفعال الإجرامية المسؤولية لوحده؛ لن يضع حدا للمعضلة، فالمرأة ليست هي الضحية وحدها، لأن جريمة التحرش يتقاسمها طرفان، من يثير للتحرُّشِ به، ومن وقع في فعل التحرش.

وكما أن بعض المتدخلين يطالبون الشباب بالتحلي بالقيم والأخلاق، بغض النظر عن مرجعية هذه القيم والأخلاق التي يتحدثون عنها، فكذلك المرأة عليها، وفق عدد من الخبراء والمتابعين، أن تراعي حدود الله أولا، وتراعي بعد ذلك الطرف الآخر، ولا تثير غرائزه وتدفعه للوقوع في الخطأ، خاصة إن كنا نتحدث عن مجتمع تآكلت فيه منظومة القيم والأخلاق بشكل مخيف.

وقد أشار الحق إلى هذا المعنى في سورة الأحزاب عقب آية الحجاب فقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}. فاللباس المحترم يدفع في الغالب عن المرأة الأذى وقول وفعل السوء.

وموضوع لباس المرأة هو الطابو في هذا النقاش، وهو ما يرفض التيار اللاديني إثارته، وذلك على الرغم من أن المغرب يصنف الثاني عربيا في معدلات التحرش الجنسي، وفقا لإحصائيات موقع World Population Review.

أرقام تكشف عن المعاناة

إن الواقع الذي نصف بعض مآسيه في هذه المتابعة هو من مخرجات منظومتنا التعليمية والإعلامية والثقافية والفكرية والفنية والاقتصادية.. التي تعتبر قيمة العفة والأخلاق الإسلامية رجعيةً وتخلفا، ويكفي أن نشير باختصار أن وزيرة مغربية سابقة، قالت: إن بكارة المرأة لا تساوي شيئا، وأن قيمتها لا تتعدى 500 أو 1000 درهما، مضيفة “من أجل هذا علينا استبعاد مثل هذه المفاهيم في القوانين المؤطرة”!!!

وكتب مدير يومية الأحداث المغربية (جريدة ورقية)، أحمد لغزيوي “مضى إلى غير رجعة ذلك الزمن الذي كانت فيه الحرة الغبية تجوع ولا تأكل بثديها، وحل مكانه زمن لا ينبغي للحرة “القافزة” أن تجوع أمام إمكانية التوفر على سيارة فخمة ومنزل راق ورصيد محترم في البنك، فقط بالقيام باللعبة الرياضية المدرسية، دون أن ندرك أنها كانت تهيئ عددا كبيرا من زميلاتها التلميذات للتعود عليها وجعلها مهنة في القادم من الأيام” (الأحداث:ع3807).

أكيد أن التحرش كان موجودا، ومنذ القدم أيضا، لكنه لم يكن يصل إلى هذه الأرقام المخيفة والنسب القياسية، خاصة لدى الدول الغربية، التي تصنف بأنها متحضرة، ومواطنوها ينعمون بتعليم جيد واحترام كبير لحقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة.

فبلغة الأرقام فقد أظهرت دراسة التي نشرتها وكالة الاتحاد الأوروبي أن حوالي 11% من النساء في الاتحاد الأوروبي تعرضهن لعدة أشكال من العنف الجنسي منذ بلوغ سن 15 عاما.

وفي ألمانيا 24 بالمائة من النساء تعرضن للمطاردة والملاحقة منذ سن الخامسة عشر، و60 بالمائة من النساء تعرضن على أقل تقدير لشكل من أشكال التحرش الجنسي. ووفقا للدراسة التي أجراها معهد لايبنتس للعلوم الاجتماعية في مدينة كولونيا الألمانية، فإن ما يقرب من ثلث الذين شملهم الاستطلاع تعرّضوا للتحرش الجنسي أثناء دراستهم أو في العمل.

وفي العاصمة البريطانية لندن تعرّضت أكثر من 40 في المائة من النساء للتحرش الجسدي في الشوارع خلال عام واحد. كما تعرّضت 35 في المائة من النساء في ذات البلد للمس بشكل جنسي غير مرغوب به في حياتهن.

أما السويد فتأتي في المرتبة الرابعة عالميا من حيث الدول التي تتصدر معدلات جرائم الاغتصاب، والأولى أوروبيا وغربيا، بواقع 64 حالة اعتداء جنسي لكل 100 ألف شخص. كما سجلت السلطات السويدية 66 حالة اغتصاب لكل 100 ألف نسمة، وفقا للبيانات المقدمة من المجلس الوطني السويدي لمكافحة الجريمة (حكومي).

وفي فرنسا تعرضت 100% من النساء للتحرش في وسائل النقل الباريسية، وفقا لتقرير أعده المجلس الأعلى للمساواة بين الرجال والنساء الحكومي (حكومي).

أما في أمريكا فالواقع أدهى وأمرّ حيث كشفت وزارة العدل الأمريكية أن كل 107 ثانية يتم الاعتداء جنسيا على شخص واحد في الولايات المتحدة، و91% من ضحايا الاغتصاب من الإناث.

فواقع الدول الغربية يحكي عن معاناة كبيرة وكبيرة جدا إزاء جرائم التحرش والاغتصاب، ومن يتخذ من هذه الدول نموذجا يحتذى به في مجال القيم والأخلاق ونظام الأسرة، فلا محالة أنه سيجر المجتمع إلى حافة الهاوية والدمار.

في الختام

عودة إلى موضوع فيديو الاعتداء على فتاة طنجة، وبعيدا عن المقاربة الأمنية التي تعالج المخرجات والإفرازات المجتمعية، لم يعد مقبولا بالمرة مقاربة موضوع التحرش الجنسي في المغرب من زاوية لادينية، واستغلال المرأة المغربية في سوق الرقيق الأبيض والاتجار بالبشر وقطاعات اللذة المحرمة والسياحة الجنسية وصالونات التدليك.. كفى مقامرة بموضوع المرأة واستغلالها فكريا واقتصاديا واجتماعيا.. فقد وصلنا إلى وضع مزر ومزر للغاية..

فلا يغار على حقوق المرأة من لا يوفر لها بيئة دينية وظروفا اقتصادية واجتماعية تتمكن بواسطتها أن تحافظ على شرفها وتعيش بعزة وكرامة..

لا يغار على المرأة من يصمت عن أوكار الدعارة بالفنادق الراقية وأحياء “مالاباطا” و”بوخالف” بطنجة وغيرها من المدن المغربية..

لا يغار على المرأة من يقبل تسليعها وتشييئها في سوق الليبرالية الموحشة.

كما لا يحمي الشباب من الانحراف من يروج للتفاهة ويقذف بهم في أتون أفلام الجنس والصور الإباحية والحريات المنفلتة من كل القيم..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M