التوجيه المدرسي: د.الصمدي يوجه نصيحة لابنته.. ورسالة عاجلة للمسؤولين

هوية بريس – علي حنين
عبّر الدكتور خالد الصمدي، الأكاديمي والخبير التربوي المغربي، عن استغرابه من محدودية آفاق التوجيه المدرسي كما تعكسه وثيقة رسمية توصلت بها ابنته من مؤسستها التعليمية.
يقول الصمدي، في منشور على حسابه على فيسبوك، مستغربًا غياب مسارات أخرى أساسية مثل اللغات والتواصل، والعلوم الإنسانية والاجتماعية والقانونية:
“أحضرت ابنتي من مؤسستها وثيقة التوجيه المدرسي، ليس بها إلا خيارات ثلاث: العلوم الرياضية والفيزيائية، علوم الحياة والأرض، التكنولوجيا”!
🔸غياب التنوع في التوجيه.. هل يُقصي مهن المستقبل؟
يرى الصمدي أن هذا الإقصاء غير المبرر لبعض التخصصات يعكس استمرارًا لـ”النظرة النمطية التقليدية” التي يحملها النظام التربوي تجاه العلوم الإنسانية والاجتماعية، رغم التغيرات الكبيرة التي يشهدها سوق الشغل عالميًا، داعيا إلى إصلاح نظام الباكالوريا ليستجيب للمستجدات.
🔸الذكاء الاصطناعي يغيّر قواعد اللعبة
في ظل تطورات الذكاء الاصطناعي، يحذر الخبير التربوي من انقلاب في موازين سوق الشغل، حيث ستتراجع الحاجة إلى الكفاءات التقنية التقليدية لصالح المهارات الفكرية العليا.
“تدل كل المؤشرات على أن المهارات العليا التي يتميز بها الإنسان كالتفكير والتحليل والنقد وغيرها من المهارات العليا، ستضمر وتُدمر، وسيكثر الطلب عليها وعلى من يمتلكها ويحرص على تطويرها”.
🔸الاستثمار في التفكير.. لا في العدد
ويرى الدكتور الصمدي، أن الاستثمار الحقيقي في المستقبل لم يعد يتمثل في إعداد آلاف التقنيين، بل في تكوين نخبة مفكرة قادرة على التحليل والتنظير وصناعة القرار.
يقول الصمدي:
“سيصبح الاستثمار في تكوين مفكر واحد يجيد التخطيط والتحليل والتنظير، أجدى من الاستثمار في تكوين ألف تقني ومهندس لسوق شغل غير قارٍّ يعرف سرعة رهيبة في التغيير”.
🔸الجامعات العالمية تغيّر أولوياتها
نبه الدكتور الصمدي إلى أن كبريات الجامعات في العالم بدأت تعيد ترتيب أولوياتها، حيث ” تخصص منحًا مزجية للتكوين والبحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية المتقدمة “Etudes Avancées“، وتعتبره استثمارا في المستقبل يمكن الاستفادة منه في إنشاء مراكز للتفكير، أكثر مما تخصصه للمجالات الفنية والتقنية”.
🔸هل نحن جاهزون لتعليم المستقبل؟
يرسم الصمدي ملامح “تعليم المستقبل“، والذي “سيعطي الأولوية لتطوير القدرات العليا للإنسان، أكثر من تأهيله لمهن العمران التقنية والفنية”.
وحسب رؤيته، فإن هذه المهن ستتحول إلى “تكوينات قصيرة المدى” تقتصر على بعض الدول النامية، مع استقطاب مؤقت لليد العاملة التقنية، قبل أن تُستبدل أو يُعاد تدويرها حسب الحاجة.
وحذر الصمدي من أن:
“العامل الذي لا يعد قابلاً للتدوير سيُلقى به عند أول فرصة في سلة المهملات”!
🔸نصيحة أب لابنته.. ورسالة للمسؤولين
ختم الدكتور الصمدي منشوره برسالة مؤثرة وجهها إلى ابنته:
” شرحت لابنتي أن المستقبل لتملك لغات العالم، وأن العلوم الإنسانية والاجتماعية هي مصدر مهن المستقبل القارة بالنسبة للنخبة، ثم تركت لها الاختيار بين مسارات تحملها في ورقتها هي أقرب الى الإجبار”.
🔸خلاصة: أي مستقبل نريده لتلامذتنا؟
ما طرحه الدكتور خالد الصمدي ليس مجرد رأي شخصي، بل صرخة تنبيه إلى خلل عميق في منظومة التوجيه المدرسي بالمغرب، والذي لا يزال أسيرًا لنظرة تقليدية تُقصي تخصصات واعدة كعلوم اللغة، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، رغم التحولات الكبرى التي يشهدها سوق الشغل العالمي بفعل الذكاء الاصطناعي وتسارع الرقمنة.
إن دعوته لإعادة النظر في نظام التوجيه التربوي، وإصلاح منظومة الباكالوريا بما يواكب مستجدات العصر، تمثل نداءً مستعجلًا لصناع القرار التربوي، من أجل بناء مدرسة مغربية تؤهل أبناءها ليكونوا فاعلين في المستقبل، لا مجرد مستهلكين له.
في النهاية، يبقى السؤال معلقًا: هل نملك الإرادة للاستثمار في العقول القادرة على التفكير والتخطيط والتنظير لعالم ما زال يتشكل؟ أم سنواصل تخريج آلاف التقنيين لسوق شغل لم يعد يتسع لهم؟




السلام عليكم. شكرا لهوية على إثارة موضوع دقيق ومصيري. أقول أن في رأي الأسناذ الصمدي نظر لأن العلوم اللغوية والاجتماعية والانسانية تنهل من المناهج العلمية والتقنيات المعلوماتية أدواتها المفاهيمية والتطبيقية، وبالتالي، وكما يقول الدكتور الخمسي، فإن تعليم جميع المعارف والعلوم لمن سبق له دراسة العلوم الحقة أجدى وأيسر. وعليه ما يتيعن اعتماده ببلادنا، كما هو معمول به في كبريات الجامعات الانجلوسكسونية، هو نظام المجزوءات الاختيارية متعددة المعارف والعلوم، لتمكين المتعلم من أكبر قدر من المهارات والكفايات ولتنويع أفق الاختيار والتأقلم مع المتغيرات المستقبلية. والله أعلم. والشكر الموصول لهوية والأستاذ الصمدي.