الجدل حول ولوج الماستر: الثقة في الأستاذ خط أحمر

هوية بريس – علي حنين
أثار القرار الوزاري القاضي بإلغاء المباريات الكتابية والشفوية للولوج إلى سلك الماستر، والاكتفاء بالانتقاء الأولي عبر الملفات، نقاشاً محتدماً داخل الأوساط الجامعية، بين من اعتبره خطوة نحو ضمان الشفافية، ومن حذّر من انعكاساته على جودة التكوين ومكانة الأستاذ الجامعي.
وقد نشر القرار رقم 1891.25 في العدد 7430 من الجريدة الرسمية الصادر بتاريخ 25 يوليوز 2025، حيث صادق وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار على دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لسلك الماستر.
وينص القرار على أن ولوج هذا السلك يتم حصراً عبر دراسة ملفات الترشيح، وفق معايير محددة، فيما يُمنح طلبة “مراكز التميز” حق الولوج المباشر إلى برامج الماستر دون المرور بعملية التقييم.
🔹 الصمدي: الثقة في الأستاذ الجامعي خط أحمر
في منشور مطوّل، أكد الدكتور خالد الصمدي، الأكاديمي والخبير التربوي، أن تفسير القرار على أنه محاولة لقطع الطريق أمام “الزبونية والمحاباة” المنسوبة للأساتذة الجامعيين، تعميمٌ غير مقبول “لا قانونياً ولا بيداغوجياً”.
وقال الصمدي:
“إذا دخل هذا التفسير في قصد الوزارة، فهذا يعني أنها تزكي نزع الثقة من الأستاذ الجامعي، وهو قطب الرحى في التكوين والبحث العلمي من الإجازة إلى الدكتوراه. الثقة في الأستاذ خط أحمر، وأي انحرافات فردية مكانها القانون الجنائي وليس دفاتر الضوابط البيداغوجية”.
وأوضح أن السلطة التقديرية للأستاذ الجامعي ورصيده الأكاديمي هما أساس التعاقد معه لأداء مهامه، معتبراً أن النقاش ينبغي أن يبقى في إطاره البيداغوجي الصرف بعيداً عن التأويلات التي تُضعف مكانة الأستاذ.
🔹 دعوة إلى تنويع طرق الولوج
وأبرز الصمدي أن الأفضل كان ترك حرية اختيار طرق الولوج للفرق البيداغوجية، مع التنويع بين:
-
الانتقاء عبر الملفات العلمية.
-
إضافة المقابلة الشفهية.
-
إضافة الاختبار الكتابي.
وأشار إلى أن بعض المسالك، مثل مسالك العلوم الإنسانية والاجتماعية، تقتضي التعرف على الكفايات اللغوية والمنهجية والتواصلية للطالب المرشح، وهي جوانب لا يمكن قياسها عبر الملفات وحدها، بخلاف المسالك العلمية والتقنية التي يمكن الاكتفاء فيها بالانتقاء على أساس الملف العلمي.
🔹 انتقادات لمنح حق الولوج المباشر..
وانتقد الصمدي منح خريجي “مراكز التميز” حق الولوج المباشر للماستر قبل إخضاع هذه التجربة لتقييم علمي موضوعي، داعياً إلى مراجعتها في أول فرصة، عبر الوكالة الوطنية المختصة وبشراكة مع الجامعات، ضماناً لجودة التكوين وصيانة لمصداقية الجامعة المغربية.
🔹 جدل متواصل داخل الجامعة
ويأتي هذا النقاش بعد تفجر عدة فضائح في السنوات الأخيرة، أبرزها ما عُرف بملف “دبلومات قيلش”، ما دفع الوزارة إلى تبني هذا الخيار الذي تعتبره أكثر شفافية. لكن عدداً من الأكاديميين يرون أن فرض نمط موحد للولوج يضعف استقلالية الجامعات، ويُهدد جودة التكوين.
ومن المرتقب أن يستمر الجدل داخل الساحة الجامعية، في انتظار إجراء تقييم رسمي لتجربة “مراكز التميز” وقياس موضوعي لأثر تطبيق الضوابط البيداغوجية الجديدة.



