الجزائر تتأهب لمخاطر داخلية وخارجية بـ22 مناورة قتالية
هوية بريس – وكالات
أجرى الجيش الجزائري خلال الـ12 شهر الماضية في الفترة بين غشت 2016 ويوليوز من العام الجاري، 22 تمرينا ومناورة قتالية بالذخيرة الحية في مناطق متعددة من البلاد، لاسيما في محافظات الجنوب الحدودية، فضلا عن مضاعفة القيادات العسكرية لعمليات التفتيش.
هذا النشاط العسكري المكثف أرجعه خبراء جزائريون، في أحاديث منفصلة مع الأناضول، إلى توافر “معلومات أمنية واستخباراتية” تحتم على الجيش التأهب لـ”تهديدات إرهابية داخلية وخارجية”، وإرسال رسائل مفادها أن الجيش “جاهز للتصدي لأي تهديد”.
وآخر تلك المناورات كانت في 24 يوليو المنصرم، أشرفت رئاسة أركان الجيش على مناورات شارك فيها آلاف الجنود والضباط في منطقة قريبة من الحدود مع إقليم الصحراء، المتنازع عليه بين المغرب وجبهة “البوليساريو”، التي تطالب باستقلاله، وهو مكان غير بعيد عن الحدود المغربية الجزائرية.
وفي كلمة ألقاها على الضباط والجنود خلال التدريبات الأخيرة، شدد الفريق أحمد قايد صالح، قائد أركان الجيش، نائب وزير الدفاع، على ضرورة التركيز أكثر على التدريب، وتحسين أداء الجنود، وفق بيان لوزارة الدفاع.
** برا وبحرا وجوا
ووفق إحصاء أجرته الأناضول استنادا إلى بيانات وزارة الدفاع الجزائرية، فإن الجيش بمختلف فروعه أجرى بين أغسطس 2016 ويوليو 2017، حوالى 22 تمرينا ومناورة مختلفة (بحرية وبرية وجوية)، بينها 9 مناورات منذ مطلع العام الجاري فقط.
وجرت أبرز هذه المناورات في مايو الماضي، عندما شاركت قوات برية وجوية في مناورة قتالية على بعد أقل من 80 كلم من الحدود البرية بين الجزائر وليبيا.
وفي مناورة 24 يوليو الماضي، التي جرت بمنطقة شمال تيندوف (2600 كلم جنوب غرب العاصمة الجزائر)، على بعد أقل من 50 كلم عن الحدود المغربية، شارك آلاف الجنود والضباط، إضافة إلى مقاتلات ومروحيات، بإشراف من رئيس الأركان.
وفي غشت 2016 شاركت قوات برية وبحرية وجوية في مناورة بالبحر المتوسط، وفي منطقة “سيدي بلعباس” غربي الجزائر.
** تهديدات محتملة
ويبدو من بيانات القيادة العسكرية الجزائرية بشأن المناورات القتالية، وتكثيف عمليات التفتيش التي تنفذها القيادة العسكرية للقوات الحدودية، أن قيادة الجيش الجزائري تتحسب لتعرض البلاد لتهديدات أمنية مختلفة.
وبهذا الخصوص، قال الخبير الأمني الجزائري، الدكتور محمد تاواتي، في تصريح للأناضول، إن “الجيش الجزائري يتوقع ويتحضر لمواجهة تهديدات من مصادر مختلفة، وأبرز هذه التهديدات اليوم هي حالة الفوضى التي تعيشها ليبيا”.
وتتصارع عدة كيانات ليبية مسلحة، للتنافس على بسط النفوذ في الجارة الشرقية للجزائر، منذ أن أطاحت ثورة شعبية بالزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، عام 2011، فيما تتصارع فعليا حكومتان حاليا على الحكم في هذا البلد الغني بالنفط.
لكن ما يجري في ليبيا، وفق تاواتي، “ليس التهديد الوحيد، ففي الجنوب توجد أيضا حدود مضطربة مع دولة مالي، التي تعيش حربا أهلية بين الحكومة المركزية، مدعومة بقوات فرنسية وإفريقية، وتنظيمات إرهابية مقربة من القاعدة”.
وأفاد أنه في الغرب ما زالت مشكلة الصحراء، المتنازع عليها بين الرباط وجبهة البوليساريو بلا حل، وهو المشكل الذي تسبب في “تدهور” العلاقات بين الجزائر (الداعمة للجبهة) والمغرب.
“يضاف إلى كل هذا الإرهاب في الجزائر، والذي رغم تراجعه، يبقى عنصر تهديد مهم للأمن الوطني الجزائري”، وفق الخبير الأمني.
كل هذه التهديدات، وفق تاواتي “دفعت القيادة العسكرية الجزائرية إلى التركيز أكثر على تحضير الجيش لمواجهة احتمالات مختلفة، تبدأ بعدوان خارجي من وراء الحدود تقوم به دولة أو منظمة إرهابية، مثل داعش في ليبيا أو منظمة نصرة الإسلام والمسلمين شمالي مالي، وهي مقربة من القاعدة، أو إرهاب داخلي، مثل التهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”.
** رسائل ردع
وللدكتور خير الدين عسري، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “سيدي بلعباس” غربي الجزائر، رأي مختلف، فهو يرى أن “زيادة حجم التهديدات ليس هو المبرر الوحيد للتمارين والمناورات العسكرية الجزائرية المتكررة، فهي تحمل أيضا رسائل سياسية إلى الخارج والداخل”.
عسري مضى موضحا، في حديث للأناضول، أن “المناورات المتكررة للجيش الجزائري لها أهداف أكبر من مجرد التدريب رغم أهميته بالنسبة لكل جيوش العالم”.
وتابع “فهي رسالة سياسية إلى الأعداء من منظمات إرهابية ودول، مفادها أن الجيش في جاهزية تامة للتصدي لأي تهديد، كما أن لها أهمية قصوى تتعلق برفع الروح المعنوية للجنود والضباط”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “الظروف الدولية الراهنة تجعل كل الجزائريين معنيين بشكل مباشر بأمن بلادهم؛ بسبب التهديدات القادمة من ليبيا، ومن شمال مالي، ومن المنظمات الإرهابية داخل الجزائر”.
** معلومات أمنية واستخبارية
وبحسب الصحفي الجزائري، سيد علي سعد الله، فإن “القيادة العسكرية الجزائرية تتحضر لأسوأ الاحتمالات، ولهذا تم تكثيف التدريبات والمناورات التي يجريها الجيش بفروعه المختلفة”.
وأوضح سعد الله، في حديث للأناضول، أنه “عندما نقول أسوأ الاحتمالات فهذا يعني أن قادة الجيش الجزائري يملكون معلومات أمنية واستخبارية غير متوفرة لدينا، وهم يعدون برامج تدريب القوات بناء على هذه التقارير، وبناء على دراسات سياسية وأمنية تجريها المؤسسات البحثية التابعة لوزارة الدفاع”.
وختم الصحفي قوله “لهذا عندما نشاهد تكثيف الجيش للمناورات والتدريبات القتالية، فهذا يعني أن الجزائر تتعرض لتهديد فعلي من جهات نعرفها نحن كمراقبين وأخرى لا نعرفها”.