عزل الأئمة بالمغرب وجدل الدين والسياسة يصل قناة الجزيرة
هوية بريس – الجزيرة
أثار توقيف وزارة الأوقاف المغربية للشيخ محمد أبياط عن الخطابة منذ أيام في مدينة فاس وسط المغرب جدلا عن العلاقة بين أئمة المساجد والسياسة. ودفع كثيرين إلى طرح السؤال الذي يتجدد كل مرة: أين تنتهي مهمة الإمام وأين تبدأ السياسة؟
وقال الشيخ أبياط -في تصريح للجزيرة نت- إن وزارة الأوقاف عللت إيقافه عن الخطابة بـ “خلط الدين بالسياسة”. وعبر عن استغرابه من وضع حدود للخطيب في تناول قضايا تتعلق بالوطن وبالأمة وبالإسلام.
واختلفت تأويلات توقيف الشيخ الذي اعتلى المنبر منذ 27 عاما، بين من يرى أن السبب هو حديثه في خطبته الأخيرة عن أن “حرائق إسرائيل عقوبة للصهاينة لمنعهم الأذان بالمكبرات الصوتية” ومن ذهب إلى قوله في خطبة سابقة إن “استقلال المغرب منقوص”. وآخرون أرجعوا السبب إلى “انتقاداته الدائمة للمهرجانات الغنائية بالبلاد”.
ورغم أن البعض رحب بقرارات عزل أئمة مساجد فإن هناك قلقا من تناميها في السنوات الأخيرة، إذ أوقف خطباء جمعة لأسباب متعددة منها انتقاد استضافة مهرجان غنائي لمغن شاذ جنسيا، ومهاجمة وزيرة طلبت بمنع أذان الفجر حتى لا يزعج السياح، وانتقاد مشاهد عري في التلفزة والمطالبة بإعادة النظر في مهرجان غنائي لكونه لا يستقيم مع إسلامية الدولة، ووصف زلزال ضرب منطقة الريف بأنه عقاب إلهي على زراعة سكان في تلك المنطقة نبتة الحشيش المعروف في المغرب باسم الكيف.
حسابات سياسية
وعبر الخطيب كمال العيد (الموقوف عن الإمامة) عن استنكاره لقرارات وزارة الأوقاف، مضيفا أن “المؤشرات تؤكد أنها تأتي في إطار تصفية حسابات سياسية لا أكثر” لأن “الأسس التي بنت عليها الوزارة هذه القرارات لا تحترم دستور المملكة ولا القانون”.
وقال العيد للجزيرة نت إنه رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية ضد الوزارة التي وصف قراراتها بأنها “متعسفة ومزاجية، وحملت طابعا سياسيا بهدف تقييد حرية الأئمة وتكميم أفواههم”.
وجاءت قرارات التوقيف التي طالت مجموعة من أئمة وخطباء مساجد على خلفية إثارتهم لمواضيع مثار خلاف في المملكة، وهو ما انتقدته بعض الأطراف منبهة إلى أن هذه السياسة “تسيئ للدولة” وتثير جدلا بأن الدولة توجه وتضغط في اتجاه تقوية قراءة معينة للإسلام، وإسلام يدعو إليه الأئمة والخطباء المعزولون.
إثارة الفتنة
وطالب رضوان بنشقرون رئيس المجلس العلمي السابق لجهة الدار البيضاء (هيئة رسمية للفقهاء) “السلطة بالكف عن التدخل المباشر في المنبر وأهله” بذريعة عدم قراءة خطبة واردة من الإدارة الوصية أو تناول موضوع مسلم به كتحريم الربا أو الخمر أو الشذوذ “أو انتقاد نظام ظالم كالنظام الصهيوني الظالم للشعب الفلسطيني”. وقال بنشقرون للجزيرة نت إن على المسؤولين “أن يكونوا أعقل وأعلم بالمنهج النبوي، بعيدا عن التعصب لفكر معين أو توجه خاص”.
وتساءل بنشقرون عما يضر السلطة من تناول الخطيب لـ “ظاهرة مرضية أو انحراف اجتماعي أو توجه سلبي لبعض الجهات” أو “تقرير شيء له أصل في الكتاب أو السنة أو إجماع العلماء أو المشهور من الأحكام الفقهية، أو استنكار محرم شائع أو فاحشة منتشرة، ولو خالف ذلك توجه وزير أو مسؤول”.
غير أن المتحدث نفسه شدد على أن وزارة الأوقاف تنتهج سياسة قوامها “بث توعية دينية حقيقية ترقى بالناس فعلا إلى الأمن الروحي والاجتماعي والاستقرار السياسي”.
رأي مرحب
بالمقابل، رحب الباحث في الشأن الديني سعيد الكحل بتوقيف “الأئمة المخالفين للدليل الذي يمنعهم من الخوض في المسائل السياسية” والتي من شأنها برأيه “أن تشوش على المصلين وتثير الفتن وتمزق النسيج المجتمعي”.
وأضاف الكحل أن ذلك يشكل “حماية للحقل الديني وحماية لبيوت الله، التي أسست للعبادة وليس لممارسة الأنشطة الحزبية” أو “إثارة النعرات والتفرقة والكراهية”.
ودعا عبد العزيز خربوش الكاتب العام لرابطة أسرة المساجد بالمغرب (تكتل نقابي للأئمة) إلى مراجعة “دليل الإمام والخطيب والواعظ” (مطبوع رسمي يحدد ضوابط الخطابة) معتبرا إياه “أداة تقصي به الوزارة كل إمام تجرأ على الانتقاد”.
وفي هذا السياق، قال الباحث والأكاديمي محمد مصباح إن الوزارة مطالبة باعتماد مقاربة تعتمد معايير موضوعية لمسألة التوقيف من الإمامة والخطابة، مع سن مسطرة واضحة وشفافة للتظلم.
إنهم يطبقون أوامر اليهود والنصارى.