الجــزائـــر.. العَــــداء للمغــرب عقيدة ثابتــة
هوية بريس – عبد الله النملي
أثار التحرك الدبلوماسي المغربي في القارة الأفريقية، لتشجيع الدول المتحالفة معه على فتح تمثيليات دبلوماسية في المدن الصحراوية، ردود فعل غاضبة من جانب كل من جبهة “البوليساريو” الانفصالية والجزائر، حيث اعتبرت “البوليساريو” افتتاح عدد من الدول الأفريقية قنصليات في مدن الصحراء “خطوة غير مسؤولة” و “عدواناً غير مبرّر”، متوعدةً بالردّ من خلال خطوات ستسلكها لدى كل من الاتحاد الأفريقي وعبر القانون الدولي. وبدورها، اعتبرت وزارة الخارجية الجزائرية، أنّ هذا الإجراء يرمي إلى ” تقويض مسار التسوية الذي ترعاه الأمم المتحدة في الصحراء، ويخرق القواعد والمبادئ وممارسة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في الحالات المشابهة “.
هذا الأمر دفع الجزائر إلى تغيير استراتيجيتها لمواجهة ما تصفه بـ” النفوذ المغربي” في القارة الأفريقية. وفي هذا الصدد، أنشأت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، صندوقًا تتمثل مهمته الرئيسية في تمويل أعمال الضغط المختلفة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ونقلت صحيفة “مغرب أنتلجنس” عن مصادرها، أن إجراءات الضغط الجزائرية تهدف إلى إفشال ما أسمته ب “اللوبي المغربي ومشروعه التوسعي في إفريقيا”، وقد تم بالفعل تمويل هذا الصندوق الجديد بميزانية تعادل 3 ملايين دولار أمريكي. كما لجأت الجزائر، قبل عام واحد فقط، إلى اختلاق “منصب وهمي” تابع لوزارة الخارجية، تحت عنوان “المبعوث الخاص المكلف بملف الصحراء ودول المغرب العربي”، ووضعت له تسمية ومهام وهمية، وبعد الفشل الذريع “للمبعوث” تم حذف المنصب وإبعاد صاحبه من قبل الطغمة العسكرية الجزائرية، ليصبح، أمينا عاما لوزارة الخارجية الجزائرية.
وتتحدث تقارير مختلفة أن الجزائر منذ سنة 1975، تخصص ميزانية ضخمة لعصابات “البوليساريو”، من ميزانية الدولة ومن الصناديق السوداء المخصصة للإساءة للمغرب والتحرش به إقليميا ودوليا، حيث تضع أجهزتها الدبلوماسية في خدمة أجندة واحدة، هي الصحراء المغربية، مبرزة أن قيمة الانفاق فاقت 555 مليار دولارا طوال 47 سنة. ففي كل يوم يمتص جنيرالات الجزائر 23 مليون دولار من خزينة الشعب الجزائري لتمويل الحملات العدائية ضد المغرب، أي بمعدل 10 مليار دولار في السنة. وهو ما يفيد أن الجزائر تخصص كل سنة 6 في المائة من ناتجها الداخلي الخام لتمويل التحرش بالمغرب والمس بحقه المشروع في استرجاع الصحراء، حيث جعل حكامُها من مُعاداة المغرب عقيدة ثابتة لهم، مركزين جهودهم على إضعاف المغرب، وشن حروب عسكرية واقتصادية ودبلوماسية ضده، وصرف الأموال الباهظة على تسليح “البوليساريو” وتدريبه، وتقديم الرشاوى للحكومات والمنظمات التي تخصصت في المتاجرة بمواقفها لفائدة الجهات المعادية للمصالح العليا للمغرب، حيث أن تصريحات النظام الجزائري لم تعد تقوى حتى على نطق اسم المغرب كما هو متعارف عليه منذ قرون عديدة، وأشارت إليه في إحدى تلك التصريحات بـ ”دولة في شمال إفريقيا”.
يحدث كل ذلك، على حساب التنمية السوسيو اقتصادية للجزائر، وهي التي يقضي مواطنوها ساعات طوالا في طوابير يتشاركها رجال، ونساء، وأطفال، ومسنون كذلك، من أجل ممارسة حقهم في اقتناء سلع تموينية كالخبز، والحليب، والزيت، والسكر، والطحين، والماء، تتخللها أحيانا أعمال عنف، حتى صارت الطوابير علامة مسجلة باسمها، لا تنازعها دولة من دول العالم. وحسب الاعلام الجزائري بالمنفى، فالقادة السياسيون والنخب والاعلام بالجزائر، يجهلون تماما قيمة التكلفة المالية للدعم غير المشروط الذي تقدمه الجزائر لجبهة “البوليساريو”، لأنه يعد من المحرمات، ومن أسرار الدولة، ومن أقدس المقدسات، مبرزة أن دائرة الاستعلامات والأمن الجزائرية وحدها على علم بذلك. ولا يمكن لأي صحفي أو سياسي جزائري أو باحث إثارة هذا الموضوع أو التجرؤ لإثارته. ونذكر هنا واقعة أحد البرلمانيين الجزائريين الذي قوطع وهوجم بعنف، عندما أراد طرح سؤال على رئيس الحكومة الجزائري متعلق بمصادر تمويل عصابات “البوليساريو” وبأي عملة. وكمثال على نهب موارد الشعب الجزائري لتحويلها “للبوليساريو” وللمنظمات الحقوقية الدولية وإلى اللوبيات المعادية للمغرب، نذكر أن مجموع موارد ميزانية التجهيز بالجزائر خلال عام 2019 لم تتجاوز 3 ملايير دينار (أي ما يمثل 23.250.678 دولار أمريكي)، بمعنى أن حجم ما أنفقه عسكر الجزائر ضد المغرب في سنة (8.3 مليار دولار)، يساوي 358 مرة ميزانية التجهيز.
وأفادت مصادر صحفية أن السلطات الجزائرية، أطلقت استراتيجية ضغط جديدة داخل أروقة البرلمان الأوربي، بغاية تعزيز صنيعتها ” جبهة البوليساريو ” الانفصالية، واستمالة النواب الأوربيين، بورقتها الخاسرة أو ما تسميه بهتانا وزورا ” الصحراء الغربية”، حيث وافقت الجزائر على الإفراج عن ميزانية كبيرة لتمويل العديد من التجمعات والجمعيات الصحراوية التي تأسست بكل من فرنسا وبلجيكا للسماح بتنظيم مسيرات وعدة تجمعات في بروكسيل ولوكسمبورغ وستراسبورغ أمام مقرات البرلمان الأوروبي، والهدف هو دعوة نواب البرلمان الأوروبي لمراجعة موقفهم فيما يتعلق بالصراع حول الصحراء، على أمل حشد أكبر عدد ممكن من أعضاء البرلمان الأوروبي ضد المغرب ووحدته الترابية.
والجزائر لم تكتف بتسليح وتمويل “البوليساريو”، بل شاركت مباشرة في حربي أمغالا 1 و2، سنوات السبعينيات من القرن الماضي، والتي تم فيها أسر عشرات الجنود الجزائريين من طرف القوات المسلحة الملكية. عداء لم يكتف بالدعم والمشاركة المسلحة في الحرب ضد المغرب، وإنما اتخذ أبعادا أخرى، أخطرها تجريد ما لا يقل عن 40 ألف مغربية ومغربي مقيمين بالجزائر من ممتلكاتهم وطردهم نحو المغرب.
أطروحــــة الانفصال تتـهـــــاوى
وبالموازاة مع التحرك الدبلوماسي المكثف للمغرب، خلصت القمة الخليجية المغربية بتاريخ 20 أبريل 2016 على دعمها بشكل واضح لمبادرة مقترح الحكم الذاتي، وهذا ما أكدته القمة الخليجية بالعلا بمدينة السعودية بتاريخ 5 يناير 2021 من خلال افتتاح دولتي الإمارات العربية المتحدة والبحرين قنصلياتهما بمدينة العيون. كما نظمت المملكة المغربية مع الولايات المتحدة الأمريكية مؤتمرا وزاريا لدعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يوم 15 يناير 2021 ﻋﺒﺮ تقنية التواصل عن بعد، حيث ﻋﺮف المؤتمر مشاركة 40 دولة. وفي ضوء هذا المؤتمر الوزاري، أعرب المشاركون عن دعمهم القوي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، باعتبارها الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لهذا النزاع الإقليمي.
واعتبر مشاركون في ندوة دراسية احتضنتها العاصمة التنزانية، أن وجود “كيان غير حكومي” بين الدول الأعضاء ذات السيادة في الاتحاد الإفريقي بمثابة “خطأ تاريخي مرهق”، و” انحراف قانوني” و” تضارب سياسي”، حدث في سياق تاريخي سابق ارتبط بصراع الإيديولوجيات، ومن تم يجب التعجيل بتصحيحه. وفي البيان الختامي للندوة أوضح المشاركون أنه “لا يوجد مجال للانفصال في المجتمعات الأفريقية اليوم”. ودعوا إلى طرد “جبهة البوليساريو” من المنتظم الإفريقي، حيث جاء في البيان، أن طرد الكيان الوحيد من غير الدول الذي يجلس بين 54 دولة ذات سيادة ومستقلة، لن يضمن تخلص المنظمة الأفريقية من النزعة الانفصالية فحسب، بل سيمكّن أيضًا من المساهمة الفعالة والموثوقة والشرعية للاتحاد الأفريقي.
وفي سياق الاعترافات الدولية المتوالية بمغربية الصحراء، وما خلفه القرار الرسمي الفرنسي الداعم لمخطط الحكم الذاتي المغربي، أكد معهد الولايات المتحدة للسلام، التابع للكونغرس الأمريكي، أن اعتراف فرنسا، باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة والفاعل الأجنبي الأكثر نفوذاً في المنطقة، بالسيادة المغربية على الصحراء، يعد خطوة حاسمة نحو إنهاء الصراع الإقليمي المستمر منذ عقود. ويأتي هذا القرار في أعقاب اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، ودعم العديد من الدول العربية والأفريقية والأوروبية لموقف المغرب.
ودعا المعهد “جبهة البوليساريو” والجزائر إلى الجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سلمي، قبل أن يصبح الوضع الراهن دائماً. وأكد المعهد، أن الخيار الأفضل للصحراويين وداعمتهم الجزائر هو اغتنام الفرصة للتفاوض على أفضل شروط السلام الممكنة مع المغرب. وخلص المعهد إلى أن الزخم الدولي يصب حالياً في صالح المغرب، مؤكداً أن استمرار إنكار هذا الواقع من قبل “جبهة البوليساريو” والجزائر لن يؤدي إلا إلى ضمان تسوية نهائية أقل ملاءمة لهم. ودعا المعهد جميع الأطراف إلى اغتنام الفرصة للتفاوض على تسوية شاملة تنهي أحد أطول الصراعات في أفريقيا.
ورغم الدعم المالي والدبلوماسي السخي من طرف نظام العسكر في الجزائر، فإن عدد الدول المؤيدة للكيان الوهمي في تراجع واضح عما كان عليه الحال في وقت سابق، ناهيك عن استقالة رئيس أكبر هيئة داعمة للانفصاليين بالاتحاد الأوروبي بتاريخ 15 دجنبر 2020 بسبب خرق جبهة “البوليساريو” اتفاقية وقف إطلاق النار، وهي الهيئة الداعمة الرئيسية للانفصاليين في البرلمان الأوروبي، أو ما يطلق عليها “المجموعة المشتركة للصحراء”. وهو ما يعني حسب المراقبين، مرور المغرب إلى السرعة النهائية لطي الملف، وكلمة السر هي “الاتحاد الإفريقي”، المنظمة التي عاد إليها المغرب وسط اعتراض مُعلن من الجزائر ومن جبهة “البوليساريو”، التي تملك العضوية في المنظمة باعتبارها “الجمهورية الصحراوية”، وهو ما تستند عليه إلى غاية اليوم لاكتساب “شرعيتها”. الأمر الذي يتطلب نفسا طويلا لجمع أصوات ثلثي الدول.
ويُلاحظ أن الدبلوماسية المغربية ضخت دماء جديدة في مسلسل افتتاح القنصليات، مع التركيز أساسا على الدول الإفريقية لطرد جبهة “البوليساريو” من المنظمة، في سياق سياسي دولي مختلف، يتميز أساسا بالاعتراف الأمريكي الصريح والواضح بمغربية الصحراء، بتاريخ 10 دجنبر 2020 ، وهو الموقف الذي لم يتغير مع قدوم الرئيس “جو بايدن” إلى البيت الأبيض، وإعلان سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالرباط السيد “ديفيد فيشر”، في لقاء صحفي، عن الخريطة الجديدة للمملكة المغربية المعتمدة رسميا من قبل الحكومة الأمريكية بتاريخ 12 دجنبر 2020، قائلا “يسعدني أن أقدم خريطة المملكة المغربية المعتمدة رسميا من قبل الحكومة الأمريكية “. وعلى إثر ذلك، قام السفير بالتوقيع على الخريطة الكاملة للمغرب التي اعتمدتها الحكومة الأمريكية رسميا، مما يعني تحولاً استراتيجياً في تعاطي الإدارة الأمريكية مع الملف. ويأتي هذا الإعلان الرسمي تتويجا للروابط العريقة والعلاقات متعددة الأبعاد التي تربط حليفين يتقاسمان أكثر من قرنين من التاريخ القائم على الصداقة والتقدير.
ونجح المغرب في استصدار قرار من الاتحاد الإفريقي يمنع “البوليساريو” من حضور المحافل الدولية للمنظمة، وحصر مشاركة المنظمة بالمحافل الدولية الكبرى في الدول الأعضاء بالأمم المتحدة. هذا القرار يمثل ضربة دبلوماسية قوية قد تكون هي الأقوى التي وجهها المغرب إلى الطرح الانفصالي منذ عودته إلى الاتحاد القاري سنة 2016. ويأتي هذا القرار بعد عقود من نشاط البوليساريو داخل الاتحاد الإفريقي. ويعكس تحولا مهماً في السياسة الإفريقية تجاه التنظيم المدعوم من طرف النظام الجزائري، الذي تؤكد التطورات الأخيرة لقضية الصحراء المغربية استمرار تفككه وانتهاء صلاحية أطروحاته البائدة.
هذا القرار موجّه ضد “البوليساريو”، لأنها الوحيدة التي تتوفر على عضوية الاتحاد الإفريقي دون أن تكون دولة عضوًا في الأمم المتحدة. وهو أمر يدخل في سياق سعي المغرب، منذ سنوات، إلى إخراجها من المنظمة، الأمر الذي يستدعي تغيير النظام الأساسي بأغلبية ثلثي الأعضاء، على اعتبار أنه لا يتطرق إلى هذه الإمكانية حاليا، لكنه يحرم جمهورية الوهم من اكتساب أي شرعية عبر المشاركة في المؤتمرات الدولية تحت غطاء الاتحاد الإفريقي، وتقزيم وجودها إلى أقصى درجة ممكنة على المستوى القاري. وهذا يعني أن “البوليساريو” لن تكون ممثلة في أي من المؤتمرات المنظمة بين الاتحاد الإفريقي والدول والمنظمات الشريكة، وخصوصا المؤتمرات الاقتصادية الدورية، إذ لن تتلقى أي دعوة بقوة القانون، وهو ما سيُبعد الاتحاد الإفريقي والدول المعنية عن أي إحراج يُسببه الضغط الجزائري والجنوب إفريقي، على اعتبار أن الأمر يتعلق بـ “إقصاء عضو”.
والقرار الذي اتخذه الاتحاد الإفريقي، سيطوي صفحة صدام أضاع العديد من الفرص على القارة، ووضعها في حرج أمام قوى اقتصادية كبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، واليابان، وفرنسا، ودول الخليج، وغيرها من اللقاءات والمحادثات ذات الصبغة الدولية، وهو نهج أثبت فعاليته مُسبقا على المستوى الرياضي، حين نجح المغرب في استصدار قرار من “الكاف” بعدم قبول عضوية أي كيان لا تعترف به الأمم المتحدة.
الصحــــراء في مغربها والمغرب في صحرائـــــــه
إن النجاح الدبلوماسي، والدعم العربي والإفريقي الواسع النطاق لمغربية الصحراء، حكم على الأطروحة الانفصالية بالعزلة الخانقة، كما دفن أحلام تقرير المصير، وجعل التسوية هي الطريق الوحيد القابل للتطبيق للتوصل إلى حل دائم وممكن سياسيا في ملف الصحراء. ويرجع المراقبون ذلك، إلى قدرة الدبلوماسية المغربية المتحركة على الاستثمار في التحولات الاقتصادية والسياسية الإقليمية والإفريقية والعربية والعالمية. وما نشهده حالياً من توالي مواقف بلدان عربية وأفريقية وغيرها داعمة للموقف المغربي، يؤسس لموقف جماعي تسعى من خلاله الرباط إلى توفير شرعية دولية لتغيير الواقع القائم للنزاع بطريقة هادئة، وفق استراتيجية دبلوماسية وتنموية جديدة تنتهجها بهدف تعزيز سيادتها على الإقليم، وبالتالي ستُمكنها هذه الخطوة من اكتساب دعم إقليمي ودولي يقوي طرحها للحكم الذاتي. وترى الرباط أنّ التمثيل الدبلوماسي سيهيئ لها الأرضية لتعزيز موقفها ويثبت سيادتها على إقليم الصحراء، وسيعطيها الأحقية والشرعية السياسية، وذلك بالارتكاز على مبادئ اتفاقية جنيف لعام 1963.
إنّ سياسة فتح القنصليات لا ترمي إلى خلق واقع جديد، فالصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه، لأنّ هذا الواقع موجود منذ استرجاع المغرب لصحرائه، بل تعكس تطوراً في موقف العديد من الدول من النزاع، وانحيازها الكلي إلى دعم المسلسل السياسي المتمثل بالحكم الذاتي، ما سيشكل دعماً لهذا المسار، ونقطة قوة إيجابية في الملف المغربي. والأكيد أن المغرب استطاع أن يجني نتائج العمل الدؤوب لدبلوماسيته على جميع المستويات في التعريف بقضية الصحراء المغربية وجوهرها الذي يعتبر صراعا إقليميا، تمكن المغرب، بما راكمه من نجاحات، في تعرية الطرح الانفصالي، وفضح مناورات واستفزازات الدبلوماسية الجزائرية، التي تحاول افتعال الأزمات، بدلا من التفكير في حل سياسي مبني على الواقعية والتوافق.
إن تدشين قنصليات في الصحراء المغربية، وآخرها قنصلية جمهورية التشاد بالداخلة، يأتي تأكيدا وتفعيلا لقرار أبلغت به السلطات المغربية يوم 7 شتنبر 2022. وبفتح هذه القنصلية العامة الجديدة، يرتفع عدد القنصليات بالأقاليم الجنوبية إلى 29 قنصلية، منها 17 بالداخلة. وهو تطور يأتي أيضا في سياق انفتاح المغرب على مجاله الحيوي (إفريقيًا)، كما أن العديد من دول القارة الإفريقية خلصت إلى أن وجود “البوليساريو” بالاتحاد الإفريقي “مخالف لميثاق هذه المنظمة”، وإلى أن دخوله كان “خطأ تاريخيا فادحا يتعين تصحيحه “، كما باتت العديد من الدول بالقارة الإفريقية والعالم تعي حقيقة “الجمهورية الصحراوية” الوهمية، وكونها عامل زعزعة لاستقرار وأمن المنطقة، وهو ما أفضى إلى تنامي الدعوات إلى طرد هذا الكيان من صفوف الاتحاد الإفريقي، سيما وأنه لا يتوفر على أي من مقومات الدولة ذات السيادة وفق قواعد القانون الدولي العام، كالإقليم والسكان وفعالية السلطة السياسية، ولا يتمتع بأي وضع قانوني لدى الأمم المتحدة، ولا بأي شرعية قانونية أو ديمقراطية للتطلع لتمثيل ساكنة الصحراء المغربية، بالإضافة إلى محدودية الاعتراف الدولي به، وأنه في الواقع حركة انفصالية مسلحة تقوم بأنشطة تهدد الأمن والاستقرار والتكامل بالمنطقة.
الوصــول إلى قلب المملكـــــة المغربيـة يمر عبر الصحـــــراء
وفي كلمة وجهها للشعب المغربي، مساء السبت 20 غشت 2022، بمناسبة مرور 69 عاماً على ثورة الملك والشعب التي خاضها المغرب للاستقلال عن الاستعمار الفرنسي، ركز العاهل المغربي على قضية الصحراء المغربية، معتبراً أن هذا الملف هو “النظارة” التي تنظر بها بلاده إلى العالم، وأن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء هو ما يحدد علاقاته مع باقي دول العالم. وفي نفس الوقت طالب العاهل المغربي من الدول “شركاء المغرب التقليديين والجدد، والتي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”، مشددا أن ملف الصحراء ” هو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات “، إذا علمنا أن الوصول إلى قلب المملكة المغربية يمر عبر الصحراء.