“الجمعة السوداء”.. استفزاز بشع وغش تجاري مكشوف!

هوية بريس – متابعات
يتكرّر كل عام في نهاية شهر نونبر ما يُعرف عالميًا بـ“الجمعة السوداء”، وهو اليوم الذي تغمر فيه التخفيضات المتاجر والمنصات الإلكترونية.
غير أن استعمال هذه التسمية في بلد مسلم مثل المغرب يثير استنكارًا واسعًا، لما تحمله من استفزاز بشع لمكانة يوم الجمعة، هذا اليوم الذي عظّمه الإسلام وميّزه عن سائر الأيام.
وإلى جانب إشكال التسمية، تتكشف حقائق كثيرة حول طبيعة هذه التخفيضات التي وُصفت في تجارب دولية عديدة بأنها غش تجاري مكشوف.
تسمية دخيلة تمسّ قدسية يوم الجمعة
يعد يوم الجمعة في الإسلام يحظى بمكانة عظيمة وسامية، ففيه تقام صلاة الجمعة وخطبتها الجامعة، وفضائله كثيرة كما نصت على ذلك نصوص الكتاب والسنة.
ومع ذلك، جرى نقل وصف “السواد” المرتبط بهذا اليوم من الثقافة الأمريكية دون مراعاة لحرمته، وبالتالي، فإن استعمال هذا اللقب في بيئة مسلمة ليس مجرد “ترجمة حرفية”، بل يعكس غيابًا في الوعي الرمزي وافتقارًا لاحترام الخصوصية الدينية للمجتمع.
جذور الظاهرة وتسويقها العالمي
بدأت “الجمعة السوداء” بعد أزمة مالية أمريكية سنة 1869، تسببت في ركود كبير وتكدّس البضائع، فاختارت المتاجر إطلاق تخفيضات واسعة للتخلص من الخسائر.
وفي سنة 1960، أطلقت شرطة فيلادلفيا وصف “السوداء” على اليوم بسبب الفوضى والازدحام الشديدين داخل المتاجر والشوارع.
ومع مرور الزمن، تحولت المناسبة إلى صناعة تسويقية عالمية تتجاوز قيمتها السنوية مليارات الدولارات، لتنتشر في أوروبا وآسيا والعالم الإسلامي.
ورغم هذا الانتشار، يبقى السؤال قائمًا: هل هي حقًا أفضل لحظة للشراء؟
عروض قد تكون مضلِّلة.. الغش التجاري في أوضح صوره
كشفت دراسة لمجموعة المستهلكين البريطانية “ويتش” سنة 2022 أن صفقة واحدة فقط من أصل سبع صفقات خلال “البلاك فرايداي” كانت تتضمن تخفيضًا حقيقيًا، أما البقية، فإما أنها بيعت بنفس السعر أو بسعر أقل خلال الأشهر الستة السابقة.
وفي البرازيل، ظهرت ظاهرة سميت بـ“الاحتيال الأسود”، حيث يلجأ بعض التجار إلى رفع الأسعار مسبقًا ثم تقديم تخفيضات وهمية، في ممارسة تجارية مخالفة تكررت لسنوات.
هذه المؤشرات تُظهر أن الظاهرة، رغم بريقها الإعلامي، تحتوي على قدر غير قليل من الغش التجاري المكشوف الذي قد يوقع المستهلك في شراء منتجات دون استفادة حقيقية.
الإقبال مستمر.. ولكن الوعي ضرورة
ورغم الانتقادات، ما تزال هذه المناسبة المثيرة للجدل واحدة من أكثر أيام التسوق ازدحامًا عالميًا.
ويؤكد الخبراء أن بعض الصفقات قد تكون مفيدة بالفعل، لكن ذلك مشروط باليقظة، والمقارنة المسبقة للأسعار، وعدم الانسياق وراء الدعاية التي تُضخّم التخفيضات أو تخفي تفاصيلها.
ختاما.. فإن “الجمعة السوداء” ظاهرة مستوردة تجمع بين تسمية مستفزّة ليوم معظم عند المسلمين، وممارسات تجارية أثبتت التجارب أنها قد تكون مضللة في كثير من الأحيان.
وبين ضغط التسويق العالمي ورغبة المستهلك في اقتناص العروض، يبقى الوعي، واحترام الهوية الإسلامية، والحذر من الغش التجاري عناصر أساسية للتعامل مع هذه المناسبة.



