الحافز للتعلم بإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال: الشروط، المزايا والصعوبات
هوية بريس – يوسف لمقدم
يذهب العديد من الباحثين إلى القول بأن للمتعلم حافز للتعلم عندما يبدي الاهتمام والمتعة الكافيين لإنجاز نشاط تعلمي ؛ بيد أن البحوث المعاصرة حول الحافز للتعلم تشير إلى وجود مؤشرات أكثر أهمية لأخذها بعين الاعتبار، كالالتزام المعرفي والمثابرة.
الالتزام المعرفي باستعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال في المدرسة يترجم مثلا بالتصفح التفصيلي لمواقع الإنترنت، أي النظر في كل جوانبها، ولن يقتصر فقط على النظر في الصور والمؤثرات الصوتية. بخصوص المثابرة، فمعناه الحيز الزمني الذي يخصصه لتصفح موقع ما وعدد مرات العودة إليه. هذان المؤشران هما الأكثر ملاءمة لقياس الحافز للتعلم.
ما يجب استيعابه هو أن ثمة شروط ذات طابع بيداغوجي يتعين استحضارها عند تحفيز المتعلمين على التعلم، بغض النظر عن استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال من عدمها: تقديم نشاط ذي معنى، منح الوقت الكافي لإنجازه، واقتراح تحد يستوجب مواجهته. هي شروط بيداغوجية يستدعي التقيد بها إن أردنا تشجيع الحافز للتعلم.
أولى مزايا تكنولوجيا المعلومات والاتصال أنها تقدم لنا بيئة تعلمية تفاعلية، هذا التفاعل ينطوي على كون الحاسوب مثلا، يمنح للمتعلم معلومات معدلة حسب خصائصه الفردية، تطور العملية التعلمية عنده، ومستوى تطلعاته.
ثاني مزايا تكنولوجيا المعلومات والاتصال تكمن في إمكانية برمجتها لتجعل كل متعلم في وضعية اختيار(Ambrose)، مثلا يمكن السماح له باختيار عناصر المحتوى، شكل العرض (رسم تخطيطي، مصور، سمعي.. إلخ)، أو إعطائه الحيز الزمني الذي يرغب في استثماره. بمجرد منح المتعلم هذه الاختيارات، تعزز لديه الشعور بأن له الكلمة في تعلماته. إن إدراك قدرته على الضبط هو مصدر مهم للتحفيز.
ثالث مزايا تكنولوجيا المعلومات والاتصال هي القدرة على تقديم ملاحظات سريعة للمتعلم والتي أشار إليها الباحثان (Astleinter & Keller). مثلا يمكن برمجة بيئة بيداغوجية معلوماتية تسمح له بتلقي تغذية راجعة فورية لما يقوم به، وملاحظات حول طريقة التصفح داخل الجهاز، وبالتأكيد التشجيعات المساعدة لتجاوز الصعوبات. كل هذه الدعامات تعزز لدى المتعلم مصدرا آخر للتحفيز :وعيه بقدرته على النجاح.
رابع المزايا هي قدرة البيئة البيداغوجية المعلوماتية بالتسامح مع الخطأ (Spitzer)، إذ بفضل تكنولوجيا المعلومات والاتصال، يمكن أن نقدم بيئة “متسامحة”، تمكن المتعلم من إعادة نشاط ما بعد ارتكاب الخطأ دون تعرضه للنقد والمؤاخذة من قبل الإنسان.
وآخر المزايا هي نتيجة البحث الذي قام به (Hamers & al) والذي يهم تقييم تأثير إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال على تلاميذ الصف الثانوي من حيث المواقف، الحافز للتعلم، ودرجة تطور المهارات اللغوية في الفرنسية والإنجليزية. تم تتبع أربعة فصول: فصل اعتمد فيه على تكنولوجيا المعلومات والاتصال والمقاربة بالمشروع(1)، فصل اعتمد فيه على تكنولوجيا المعلومات والاتصال فقط(2)، فصل اعتمد فيه على المقاربة بالمشروع فقط(3) وفصل لم يعتمد فيه لا على تكنولوجيا المعلومات والاتصال ولا على المقاربة بالمشروع(4). خلال ثلاث سنوات الأولى للدراسة، عبر تلاميذ الفصل الأول عن حافزية أكثر ومواقف أفضل مقارنة بالفصول الثلاثة الأخرى.
بين الباحثان (Lawless & Brown) بأن العناصر الجذابة (كالمؤثرات الصوتية، الصور الملونة والحركيات) يمكن أن تشتت الانتباه وتقلص من الالتزام المعرفي لبعض المتعلمين. وهذا لا يعني تفادي الاستفادة من المزايا السمعية-البصرية التي تقدمها لنا تكنولوجيا المعلومات والاتصال، بل العكس، يجب استغلالها لجعل المعلومات أكثر واقعية.
بعض الباحثين يعتبرون لاخطية المعلومات المقدمة كنقطة سلبية عند بعض المتعلمين الذين يشعرون بسببها بالتيه. (Plowman) ذهب بنا إلى درجة الحذر من التجزيء المفرط للمعلومات، لأن حسب رأيه، الطفل كأي إنسان، يفهم أفضل عندما نشرح له باستعمال عمليات السرد، أي المقدمة، العرض والخاتمة.
من المؤكد أن في بيئة بيداغوجية معلوماتية معقدة، يمكن أن يشعر المتعلم بالتيه في كل الدروب المقترحة وبالتالي عدم التحفيز. لهذا السبب، يشدد عدة باحثين ك (Small & Ferreira) على أهمية تقديم “خريطة تصفح” للمتعلم كي يتمكن طوال الوقت من تحديد موقعه أثناء القيام بنشاط تعلمي.
إن الحافز للتعلم بإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال سيكون أكثر فعالية وتأثيرا على أداء المتعلم، إذا تعود على اختيار طرق التعلم المناسبة وتعزيزها بالبيداغوجيات المختلفة، كالمقاربة بالمشروع والبيداغوجيا الفارقية وبيداغوجيا الخطأ، وسط بيئة بيداغوجية معلوماتية جذابة ومتناغمة مع الإشارة إلى استحالة الاستغناء عن الاستراتيجيات الاعتيادية الموظفة في العملية التعليمية-التعلمية والتي أثبتت نجاعتها رغم تنامي إدماج تكنلوجيا المعلومات والاتصال في التعليم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
Ambrose, D. W. (1991). The effects of hypermedia on learning: a literature review. Educational Technology, 31(12,51-55.
Astleitner, H. et Kelle, J. M. (1995). A model for motivationally adaptive computer-assisted instruction. Journal of Research on Computing in Education, 27(3, 270-280.
Hamers, J, D. Huo, F.-H. Lemonnier & S. Parks. In Lemonnie, F.-H. & L. Duquette (Dir.). 2001. « Impact de l’utilisation de l’ordinateur et des nouvelles technologies dans l’apprentissage des langues ». Cahiers scientifiques de l’Acfas, n° 98.
Lawless, K. A. et Brown, S. W. (1997). Multimedia learning environments: issues of learner control and navigation. Intructional Science, 25, 117-131.
Plowman, L. (1996). Narrative, linearity and interactivity: making sense of interactive multimedia. British Journal of Educational Technology, 27(2), 92-105.
Small,R. V., et Ferreira,S. M. (1994). Information location and use, motivation, and learning patterns when using print or multimedia information resources. Journal of Educational Multimedia and Hypermedia,3, 251-273.