الحبيب بن طاهر: من هو الّذي في أزمة .. الإسلام أم قادة الغرب؟
هوية بريس – الشيخ الحبيب بن طاهر
“الإسلام في أزمة” هكذا نطق الرئيس الفرنساوي، ونقول له:
إنّ الّذي حملك على هذا القول أنّ قادة الغرب ـ وخاصّة فرنسا ـ هم الّذين يشعرون أنّهم في أزمة، لم يعرفوا بعدُ كيف يخرجون منها.
هم الّذين في أزمة:
لأنّهم ما زالوا يعيشون على حنينهم الاحتلاليّ للشعوب الّتي أذلّها من سبقهم، وساموها سوء العذاب، وقتلوا أبناءها وشرّدوا بعضهم في أصقاع الأرض، واستعملوا البعض الآخر وَقُودا لمعاركهم في الحربين العالميتين، ونهبوا خيرات أراضيهم، ولم يستطيعوا بعدُ أن يقفوا موقف الشجاعة ليعتذروا لأحفاد هذه الشعوب عمّا فعله قادتهم السابقون بأجداد هؤلاء وبخيرات أراضيهم، بل ما زال قادة الغرب الحاليون متشبّثين ببعض المستعمرات ـ كما هو حال فرنسا ـ، ويعاملون حكّام الشعوب الّتي خرجوا منها معاملة الأسياد لعبيدهم، ويعاملون شعوبها معاملة الوصاية عليها، في عنصرية مفضوحة.
هم الّذين في أزمة:
لأنّ قادة الغرب السابقين ـ ومنها فرنسا ـ قصدوا بالاحتلال الثّأر من الإسلام، بتدمير هوية الشعوب الإسلامية العربية، بفرض مرجعياتهم المادّية الإلحادية عليها في الفكر والسلوك والقوانين، وزرع الفتنة بإحياء النّعرات الفئوية والطائفية فيها؛ لكنّهم وجدوا الإسلام ـ في مرجعيته الأصلية القرآنية والنّبوية وتفسيرات علمائه ـ صامدا، كما عرفته البشرية منذ ظهوره، تتحطّم عليه كلّ مؤامرات أعدائه بمساعدة حكّام نصّبوهم على رقاب الشعوب.
هم الّذين في أزمة:
لأنّ الإسلام فضح كذبهم في حقوق الإنسان وحقّ الشّعوب في تقرير مصيرها وقيم فرنسا الحقوقية، وجميع الحقوق الكونية، الّتي يفتخرون بها ويرفعون لواءها بيد، وباليد الأخرى يبيعون وسائل الدّمار لقتل الأبرياء للحفاظ على مصالحهم، ويغضّون الطّرف عن شعوب بأسرها من المسلمين تُسَام الظلم والقهر كالشعب الرّوهينغي المسلم في ميانمار ..
وأمّا القضية الكبرى الّتي فضحتهم وأسقطت ورقة التوت عن سوءاتهم الحقوقية الكونية، وقيمهم الحضارية، هي قضية الشّعب الفلسطيني الّذي اغتُصِبت أرضُه، وشُرّد نصفه في دول العالم، في حين أنّ جميع قرارات المؤسسات الدولية التي صاغوا قوانينها بأنفسهم لا مكرهين عليها، تساند هذا الشعب الصابر المحتسب في استرجاع أرضه، ولمّ شتاته، والإشراف على مقدّساته، ولكنّ قادة الغرب ـ ومنها فرنسا ـ ساكتون، بل ومفوّضون للكيان المغتصب التّصرّف كما يشاء، وكيفما يشاء.
هم الّذين في أزمة:
لأنّ قيم الإسلام في العدالة والمساواة وحقوق الإنسان وكرامته فضحتهم، وأظهرت وجههم الحقيقي العنصري، المادّي المصلحي.
الإسلام الّذي هو منهج حياة، ورحمة للعالمين، أرسل الله تعالى به رسوله الكريم محمّدا ﷺ؛ ليخرج النّاس والبشرية جمعاء من الظلمات إلى النّور، من ظلمات المعتقدات المنحرفة المتعلّقة بحقيقة الكون وخالق الكون، ودور الإنسان فيه إلى نور المعتقدات الإسلامية الصافية المنسجمة مع فطرة الإنسان العقلية، ومن ظلمات القيم والمفاهيم المادّية المبنية على الإلحاد، ومن ظلمات القوانين الظالمة الّتي يصنعها الحكام للمحافظة على مصالحهم ومصالح الطبقات التي ينتمون إليها، إلى عدل الشريعة الّتي أوحى بها العليم الخبير بما ينفع عباده.