الحدود الصحراوية للمغرب (3/3) 1957م

29 نوفمبر 2025 21:09

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

…آخر اتفاقية فرنكو-مغربية، أبرمت حول التخوم، وقعت في باريس، في 4 مارس 1910 من قبل الوزير الكبير -مستقبلا- المقري، الذي جاء للتفاوض على قرض، ورغم أن هذا الإتفاق في الأساس، يتعلق بشروط إخلاء المناطق المتاخمة التي سبق لنا احتلالها، شيئا فشيئا، بدون أي سبب يمُتُّ بصلة، لطبيعة معاهدة ترسيم الحدود -ومع ذلك في بعض النقاط- سنة 1845 والبرتوكولات اللاحقة.

الفصل الثاني من المعاهدة خاص بمجال الرعي؛ لدوي امنيع وأولاد جرير، “الذين قبلوا حكم الحاكم العام للجزاير”؛

الفصل 10 الذي ينص على أنه بعد إخلاء مراكز بودنيب وبُوعْنان، سينتميان للمخزن الشريف، لضمان سلامة القوافل القادمة، من مراكز كصور تافلالت، والقبائل المنتسبة لها، وغير المنتمية، كعادة مراكز الحدود.

على الجانب الآخر من التخوم، على حافة المحيط، فرنسا لم تعد الطرف الوحيد المعني؛ إسبانيا ثم انجلترا، أبرمتا معاهدات مع المغرب، فرنسا وإسبانيا حددتا لهما مناطق نفوذ صحراوية ومغربية، كل هذه المعاهدات ينبغي أن تؤخذ بعين الإعتبار، حتى وإن أصبح بعضها عتيقا.

بداية، عدة معاهدات إسبان-مغربية تتراوح بين 1767 و1861، الأولى يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر، لم يكن لها سوى أثر سلبي، لمرتين في عامي 1767 و1799، حيث تنازل المغرب عن كل مسؤلية له في حالة ما إذا غرقت سفن في منطقة واد نون، “حيث لم تكن لصاحب الجلالة المغربي سيادة عليه، واكتفى باستخدام أنجع الوسائل، دون تحديد ما” لينقذ الطواقم الذين ربما قد يتعرضوا -لسوء الحظ- للوقوع في أيدي سكان ذلك المكان المتوحشين القساة.

بعد مرور قرن، أبرمت معاهدة التجارة الموقعة في 20 نونبر 1861 التي كانت أكثر تشجيعا، إذ فوَّضت للمسؤولين القنصليين الإسبان، التعاون مع السلطات المحلية من أجل إنقاذ، وإعادة الطواقم الإسبانية الغارقة سفنهم بواد نون، أو على أي جزء آخر من هذا الساحل، مما دل على أن السيادة المخزنية متفق عليها نظريا حتى هنا.

وحتى أبعد كثير في الجنوب، على الأقل إذا ما اعتقدنا أن المعاهدة الأنكلو-مغربية، الموقعة في 13 مارس 1895 والتي كان يعتقد “بول كامبو” بأنها لم تؤخذ على محمل الجد من قبل القوى العظمى، والتي اعترفت بموجبها الحكومة البريطانية بالسيادة المغربية على المنطقة الممتدة من نهر درعة إلى رأس بوجدور، مقابل تعهد السلطان بعدم التنازل عن أي جزء من هذه الأراضي للأجانب دون موافقة بريطانية، فإن هذه المعاهدة خدمت في الواقع غرضا محددا للغاية بالنسبة للبريطانيين، وهو حماية المراكز التجارية التي أنشأها مؤخرا مواطنان بريطانيان وحمايتهم من كل منافسة أجنبية، ومنحهم حق التعويض عند الإقتضاء.

أيضا في عام 1904 لم تجد حكومة لندن صعوبة في إبلاغنا بأنها لا تنوي استخدام هذا البند ضد ضم هذه الأراضي إلى نطاق النفود الإسباني، مع التحفظ الدبلوماسي على توقف السلطان عن ممارسة سلطته عليها، وقد أعيد التأكيد على هذه الصيغة لاحقا في المعاهدة الفرنسية الإسبانية المؤرخة في فاتح أكتوبر 1904 والمتعلقة بالمغرب.

ومع ذلك وحتى قبل إثارة المسألة المغربية، أبرمت فرنسا وإسبانيا معاهدة بتاريخ 27 يونيو 1900 بهدف ترسيم حدود ممتلكاتهما في إفريقيا الغربية، على سواحل خليج غينيا والصحراء الكبرى، هذا الإتفاق لا يهم المغرب إلا في الحد التكميلي للمعاهدات اللاحقة.

الحدود التي تنتهي عند مدار السرطان، وهو يشير فقط إلى أنه سيستمر بعد ذلك في اتجاه الشمال، على خط الطول 14’20’ غرب باريس (12 غرب غرينيتش) تحت المنطقة المدارية، لم يكن للحدود التي نصت عليها سوى قيمة استرشادية، لأنها تتعلق بمناطق لم تستكشف عمليا بعد، ولن يتم اختراقها إلا تدريجيا في السنوات القادمة، في ظل هذه الظروف، المفاوضون استطاعوا بالكاد الرسم على خريطة بيضاء تقريبا، إلا خطوطا، أي شيء أكثر من خطوط الطول والعرض، على خريطة فارغة تقريبا، في انتظار مسوحات أراض أكثر دقة، وترسيم حدود لن لن تكتمل إلا مؤخرا.

بخلاف معاهدة 1900 فإن اتفاقيتـي 3 أكتوبر 1904 و27 نونبر 1912 تخصان المغرب مباشرة، مع أنه ليس طرفا فيها، وتتوافقان مع مرحلتين من السياسة المغربية للقوتين: الأولى افتراضية نوعا ما، في حال استحالة الحفاظ على الوضع الراهن، وتوقف ممارسة السلطة المغربية على الأراضي التي تشملها (وهذه هي صيغة تخلي بريطانيا عن معاهدة عام 1896) والتي تستخلص النتائج الإيجابية الآن لقيام الحماية، بحيث تؤثر معاهدة عام 1912 على معاهدة عام 1904 فتمنع تطبيقها، إلا في نقاط معينة، وفي ظل شروط مشكوك فيها.

من وجهة نظرنا، تمتد معاهدة عام 1904 من الحدود المدارية إلى حدود عام 1900، فهي تُحدد على التوالي خط الطول 20.ْ14 وخط العرض 26، وخط العرض الحادي عشر حتى نهاية درعة، الذي يُعترف لإسبانيا شماله بامتلاكها مجال نفوذ افتراضي يتزامن إلى حد كبير مع إنشاء مصايد الأسماك الممنوحة لها في سيدي إيفني، ولكن دون تحديد مداها، بموجب المعاهدة الإسبانية المغربية المؤرخة في 12 أبريل 1800، علاوة على ذلك، وبغض النظر عن الشروط العامة لتطبيق المعاهدة بأكملها، تحصل إسبانيا على الحق الذي لا تمارسه، في احتلال المنطقة التي يحدها خط العرض 26 وخط الطول 11، وخط العرض 4 27ْ، والتي” تقع خارج الأراضي المغربية “.

معاهدة 1912 التي لا تتعامل مع الحدود الخارجية للإمبراطورية المغربية، لكن فقط لتحديد الأجزاء الموضوعة تحت كل من المراقبة الفرنسية والإسبانية، لغاية درعة، الحد الشمالي لمنطقة إسبانيا، مما يجعل إيفني جيبا، وحدودها محددة بوضوح داخل المنطقة الفرنسية، يُرَسَّخ أحكام معاهدة 1904 المتعلقة بالفصل الفوري للمنطقة الواقعة بين خطي العرض 26 و27.40 وخط الطول 11 الخارج من الحدود بين 27.40 الذي يمر أسفل رأس جوبي، ودرعة، حيث يوجد هذا المغرب الجنوبي الذي أرجأت إسبانيا ضمه لسلطتها، نتيجة إعلان استقلال المغرب في أكتوبر الماضي، بسبب انعدام الأمن في المنطقة المحيطة، وبالتأكيد أيضا بسبب الأحداث التي وقعت مؤخرا في إفني.

لنقُم بالتقييم

تلك أوجه الإختلاف في المشكلة، فما هي الدروس والخلاصات المستنتجة منها؟

1- من منظور جغرافي بحث، تمتد الحدود الجنوبية للمغرب عموما على طول؛ نُون-بَاني-بورْدور، جنوب تافلالت، أما الحدود الشمالية للصحراء فتمتد على طول الخط الوهمي لدرْعَة، جبل الوركزيز، هضبة كمكم، حيث تلتقي في اتجاه شمالي شرقي، بالحدود المغربية في منطقة فكيك، بين هتين المنطقتين تقع منطقة ما قبل الصحراء، التي برهن “روبيرت مونطاني” على أهميتها الإجتماعية والإنسانية.

2- من منظور تاريخي تبدو التدخلات في الصحراء مهما كثرت، متباعدة، وغير متسقة، لدرجة أنها لم تُحدث تأثيرا حقيقيا على السكان الصحراويين، والتدخل الوحيد الذي أسفر عن نتائج ملحوظة، هو تدخل سعديي المنصور، فهل بدأ ذلك التدخل في التراجع بعد موت خلفائه؟

عكس المرابطين القادمين من الصحراء، محتلين المغرب، وبدرجة أقل مؤسسو السلالات التي خلفتهم، والذين جاؤوا جميعا من التخوم الصحراوية، مما يدفعنا للتساؤل عما إذا كان كل ما يقال، بأن مساهمة الصحراء غير مستبعدة، أو خارج الحماية، منذ 1912.

مع ذلك لا جدال في وقوع توغُّلات للسلاطين في الصحراء، وخاصة تلك التي قام بها المنصور، حيث تركت آثارا دينية وعاطفية دائمة، خلال انتشاره في موريطانيا، بعد إخفاقه في الشمال.

بنو معقل الناطقين بالعربية، أُدْرِجوا كوحدات مخزنية لتحصيل الضرائب، بعد إخفاقهم في الإنتشار بالشمال، وهو ما يفسر هجراتهم للجنوب، والذي اعتبره السلاطين فتحا باسمهم لتلك الأسقاع، وبناء عليه، طالبوا بأجزاء كبيرة من الصحراء، كجزء من إمبراطورياتهم، واستمروا طويلا في تفويض بعض قادة موريطانيا والحَوْض للحكم باسمهم هناك.

وأخيرا أصبح عرب الصحراء في أوقات الخطر يلتفتون إليهم عادة، كما حدث بالضبط في نهاية القرن التاسع عشر، لما هددت قواتنا تمبوكتو، وفي القرن العشرين عندما اخترقنا موريطانيا، ظهر بشكل طبيعي تضامن إسلامي كبير، لا يفرق فيه بين السياسي والديني، ورأينا كيف يمكن إثارة التصوف بعض العقول، لتغذية حجج الأهداف التوسعية للإستقلال.

ولم يبق أقل من أن دوام هذه الذكريات لم تتخذ شكل النزعة الوحدوية التي لا تضع أي عقبات للنهضة العظيمة لصنهاجة، بمجرد ما بدأت هيمنة السعديين في الإنهيار، الذي ساهم فيه من سبق ذكرهم، وفقا للقانون الذي يحدده مونطاني، المرابطون أنفسهم بمجرد تجاوزهم حدود بَاني، فقدوا الإهتمام بما تركوه وراءهم، باستثناء المحاولات الأخيرة لمولاي الحسن في ثمانينات القرن 19.

السلاطين العلويون انشغلوا بالتأكيد بمهامهم الداخلية، لإرساء حكمهم ضد العصاة والروكيين، ولم يكن لهم لا الرغبة، ولا الوسائل لخوض مغامرات صحراوية جديدة، وكان استدعاء مولاي ادريس عام 1907 وتوقيف إمدادات السلاح والذخيرة، لماء العينين بمثابة علامة على التخلي النهائي.

3- كان تغلغلنا في الصحراء، وهو نتيجة مباشرة لا مفر منها لاستقرارنا في الجزاير، والنيجر، مهيأٌ دبلوماسيا بموجب اتفاقياتنا مع انجلترا في نهاية القرن 19، حتى قبل نشوء المسألة المغربية، وتطور وفق خطة منفصلة تماما، سُدَّ أمامنا أي منفذ إلى الصحراء عبر المغرب في جبال الأطلس الصغير، مما دفعنا لإنشاء القيادة العسكرية للحدود الجزائرية الصحراوية.

وبينما كنا نتحدث عن كلمبشار وتابلبالة، كانت بعثاتنا الاستطلاعية قد وصلت بالفعل في مناسبتين لتندوف، التي اجتاحها الرقيبات، وهجرها التجكانت، دون أن يفكر المغاربة قط في مساعدتهم، هناك وجدنا زعيما سابقا لتجكانت الذي كان قد قدم لأطَارْ وبلْعَبَّاس، لطلب مساعدتنا ضد هجمات الركيبات.

4- أخيرا من وجهة نظر دبلوماسية، المعاهدة القديمة لـ1845 لا تذكر الصحراء إلا لنفقد الإهتمام بها، غير أن الحماية طبقت ما أعطانا بروطوكول 1902 تحديدا من تفويض لإنشاء، سلطتنا وبسط الامن هناك.

المعاهدات الفرنكو-إسبانية لـ1904 و1912 بقيت ملتزمة الصمت بشأن إمكانية تمديد الخط الموازي 40 /27 طولا.

هذا الخط مجرد إشارة محتملة، علاوة على ذلك، لم يكن يقدم سوى طابع إرشادي، لأن الإسبان لم يستقروا في كاب جوبي إلا في 1916 ولم نجتز درعة إلا في سنة 1934، وعليه يمكننا التساؤل حول القيمة التي احتفظ بها منذ الإعلان الإسباني المغربي في 7 أبريل 1956 الذي قرر أن معاهدة 1912 قد وُحِّدت، وتقرر بأنه سيتوقف من الآن فصاعدا، تنظيم العلاقات بين البلدين، في هذا الجانب من المسألة، لا يتعلق إلا بالمغرب وإسبانيا.

أما بالنسبة للمغرب وفرنسا، المتاخمتين لبعضهما البعض بين خط الطول 11 وفكيك، فإن المعاهدات لن تحدث أي تغيير، وسيكون من غير المجدي الإستشهاد بنقطة عرضية في النصوص المتبادلة في برلين وقت توقيع المعاهدة الألمانية في 4 نونبو1911 والتي كما نعلم، رفعت آخر العراقيل أمام إقامة الحماية، “مع العلم أن المغرب يشمل كل الجزء الإفريقي الشمالي الواقع بين الجزائر وإفريقيا الغربية الفرنسية L.A.O.F ومستعمرة اسبانيا في وادي الذهب”.

هذا التعريف الجغرافي الموجز، على الرغم من عدم ظهوره في متن المعاهدة، لا يتعلق إلا بمفاوضاتنا مع إسبانيا، أما التي كانت تلتزم بها ألمانيا فقد بقي غريبا يثير التساؤلات، حول الحدود المنصوص عليها في معاهدة 1904 المتعلقة هي أيضا بمعاهدة 1900 الشاملة لمجموع تموضع البلدين في إفريقيا الغربية التي لم تعد صالحة ابتداء من يوم توقيع معاهدة 1912 التي لا فائدة من تذكر التزام المغرب بها، علاوة على ذلك، لم يكن من المهم أن لا يتطابق الأمر صراحة مع توزيع الحدود على الأراضي الموضوعة تحت السلطات المعينة، للحاكم العام بالجزائر وL.A.O.F

غرب إفريقيا الفرنسية، وفقا لحدود إدارية تخضع للسيادة الفرنسية، إذ كانت هذه الحدود وما تزال حدود الدولة.

فهل يعني هذا أن مجال الأرض ظل سليما، حتى مع غياب عناصر التقييم تماما؟

ودون أن تُعزى إليها أي قيمة تتجاوز ما تحتويه، فقد نشأت ممارسات خلال فترة الحماية، ساهمت بشكل أساسي في توضيح المسألة، ولتجنب النزاعات القضائية بين منطقة الإدارة المدنية في وجدة، وإقليم عين الصفراء، رُسِم خط يعين الحدود يُعرف بخط فارنيه Varnier، بين فكيك وبوعنان، وفقا لبند بروطوكول 1901 الذي نص على مراكز الحراسة والجمارك، والذي اعتبرته اللجنة المشتركة لعام 1902 غير قابل للتطبيق، لاحقا وفي إطار المراسيم المتتالية، التي تنظم القيادة العسكرية للحدود، حددت المراسيم سكان الحدود، وملحقات مناسبة للشؤون الأهلية؛ كما تراه الإقامة العامة، وقيادة القوات بالمغرب.

وهكذا تدريجيا رسم خط تحديد ثان يعرف بخط ترينكيه Trinquet وخاصة الإستطلاعات وعمليات سلوك البوليس، التي تم تنفيذها بنجاح، في جميع أنحاء القيادة، حيث ساهم في توضيح مجالات الحركة المعتادة للقبائل الحدودية الكبرى، حتى تلك التي تدين بالولاء للجزائر أو المخزن.

المعطيات التي كشفتها عملية التهدئة وأكدتها التجربة، لم تكن غائبة عن المفاوضين، لكن يجب أن لا ننسى أنها تتعلق بقبائل رحل، تختلف مسارات تنقلهم من سنة لأخرى، وفقا للظروف المناخية والجوية، والتي تتشابك وتتداخل كثيرا، وبالتالي لا تستوعب حدودا صارمة للغاية.

لم يغب هذا الجانب عن مفاوضي معاهدة 1845 عندما اتفقوا، حتى على ترسيم الحدود التي تبينها المراجع الجغرافية بدقة، بين البحر الأبيض المتوسط وثنية الساسي، واتُّفِق على عدم إقامة أية أنصاب حجرية حدودية، لا حاضرا ولا مستقبلا.

نفس الأسباب التي دفعت منذ مائة عام، للإعتقاد بأن الحدود المستقبلية، يجب أن تحتفظ بقدر من المرونة والمطاوعَة، بينما في المقابل يتطلب منح تصاريح الإستكشاف، وتحديد مجال التنقيب، واستخراج الرواسب المعدنية، وحفر آبار النفط، مزيدا من الدقة والصرامة.

لذلك هناك اتجاهات متباينة، ومع ذلك ليس من المستبعد الإعتقاد، بأنها ستساهم مع تغيرها السريع نوعا ما، بالتخفيف من حدة الأسباب المختلفة لتراجع الترحال الملحوظ منذ بداية هذا القرن، على عكس تقدم الحضارة.

لاشك، أن هؤلاء كانوا من أصحاب التنظيم الصناعي الذين كانوا يديرون طبقة عاملة متنقلة لحد ما، ولكن كما لاحظ روبيرت مونطاني، لم يمض وقت طويل حتى أصبحوا مستقرين، وفيما يتعلق بهؤلاء تحديدا، فإن كبار الرحل الذين غزوا واحات باني، قبل حوالي 50 عاما صاروا بدون سلطة، على المستقرين الذين استبعدوهم

مما جعلهم ينجذبون حاليا، إلى العمل في الموانئ والمناجم، والذين بعدما تركوا ديارهم، وعجزوا عن زراعة النخيل، وقعوا في براثين الفقر، والذين سيتخلون بلا شك قريبا، عن رعاية الحدود، ليذهبوا ويضيعوا في الخيام بين الأقوام المستقرة في شمال المغرب، ومن شأن هجرة مماثلة، أن تسهل بالفعل حلا لمسألة الحدود.

لكن هناك عنصرا آخر نعتبره مؤقتا، حالة انعدام الأمن، إن لم نقل الفوضى العارمة، التي ابتليت بها هذه المناطق نفسها منذ استقلال المغرب، وانسحاب قواتنا التي كانت تحافظ على النظام هناك، والان شكلت قضية القبطان مورو الكارثية، ثم أحداث الجزاير، والهجمات على الممتلكات الإسبانية مؤخرا، أمثلة مؤسفة.

في النهاية، ما نزال على الوضع الذي كان سائدا قبل عام 1934 وهذا تحديدا هو السبب الذي جعل مخاوف الإسبان تتطابق مع مخاوفنا، ويؤجلوا نقل سلطاتهم على منطقة نفوذهم السابقة برأس جوبي، وفي هذا الصدد، لا بد من الإشارة إلى العنف المتواصل الذي نشأ في السنوات التي سبقت الحماية على الحدود الجزايرية المغربية، والتي يرجع سببها إلى عدم دقة الحدود نفسها، وعدم ملاءمتها، بقدر ما يرجع إلى انعدام سيطرة المخزن البعيد عن قبائله المضطربة والمستقلة عمليا، لذلك وهذا أمر بديهي، ودون المساس بأي اتفاقية قد تبرم على المستوى الإقتصادي كما هو منصوص عليه في القانون التأسيسي لــL.O.C.R.S الذي قد يفسر ذلك في المصلحة المشتركة للأطراف المعنية، بمثابة نوع من الشرط المسبق، لاستعادة سلطة المخزن، على الأرض التي نفذت فيها العمليات العسكرية باسمه، وبروح من التعاون المخلص والثقة من جانب الحماية الموضوعة تحت سيادته.

——————Henry Marchat

La frontier Saharienne du Maroc Revue :politique etrangere 22/6/1957

Pp 650-57

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
7°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة