الحكم على أمٍّ يوتيوبر مشهورة بالسجن 30 سنة بتهمة الإساءة لأطفالها!
هوية بريس – تسنيم راجح
قبل أيام حكمت محكمة في ولاية يوتا الأمريكية على اليوتيوبر التي كانت تدير منصّاتٍ مليونية على وسائل التواصل لتعليم طرق التربية بالسجن 30 سنة بتهمة الإساءة لأولادها وإيذائهم!
وقد تم اعتقال الأم في شهر غشت الماضي حين هرب أحد الأطفال لبيت الجيران واتصل بالشرطة من عندهم، فوجدت الشرطة بقايا اللاصق الذي كان مقيّداً به على يديه، وكذلك جروحاً مفتوحة وعلامات سوء تغذية، وكذلك الحال على إخوته الخمس الآخرين..
ومع الأم تمّ اعتقال شريكتها في الجريمة، مدربّة التربية التي كانت تعلّمها والتي باتت شريكتها في “تعليم التأديب” الذي تقوم به على وسائل التواصل، تلك المدرّبة هي التي بدأت كل تلك الأفكار المجنونة عن العقوبات المؤذية للأطفال وتعذيبهم لغايات التأديب!
وقد اعترفت الأم بكل جرائمها الموثقة وقالت بأنها كانت تظن نفسها تفعل الصواب لا أكثر!!
والذي يهمني من القصة وأنقلها لأجله هو عدة نقاط:
أولاً: لأن عالمنا يعيش تشوهات وأزماتٍ حقيقية في مجالات العلوم النفسية والاجتماعية، ومع السيولة وجعل الشعبية هي المعيار يصبح أي شخصٍ قادراً على التصدر في أي موضوع يريده، ومن أخطر ما يتم التكلّم فيه هو موضوع صناعة الإنسان وتربيته وتنشئته منذ الطفولة، فهذه الأم كانت ذات منصات يتابعها الملايين وهي تعلمهم التربية من خلالها، وقد ظهر أنها تبرر تعذيب الأطفال وتصنع وتعمق التشوهات النفسية والاضطرابات والانفصال عن الواقع وقتل الإنسان وهو حي!
لذلك انتبهوا ممن تسمعون وماذا ترون، ارفضوا تماماً الاستماع لمن لا تثقون به ولا زكّاه لكم أهل الفضل والعلم، صحيحٌ أنّ بعض الفساد واضح، لكنه ليس جميعاً كذلك، فهناك من يدس السم في العسل وهناك من يبدو كلامه جاذباً لطيفاً وهو يمشي بالمتابعين على طريق الكافرين ويصدّر أفكارهم وعباراتهم، فالإنسان يتحول أمام وسائل التواصل إلى مصاحبٍ لهؤلاء المؤثرين كأنه يعيش معهم يأخذ منهم نمط حياتهم وطريقة تفكيرهم وكلماتهم…
وإن كان تدمير هذه الأم لأبنائها واضحاً جسدياً فإن هناك من يدعو لتدمير الأبناء بقتل روحهم وفطرتهم وتنشئتهم على سوء الأدب مع خالقهم وغير ذلك من انحرافات ينبغي الحذر منها في المتصدرين للتربية..
ثانياً: لننظر لقبح وقذارة العالم الذي يخلو من نور الوحي ومنطلقاته الثابتة الواضحة والمتوازنة، إلى أين قد تصل الأم المتبعة لهواها، وكيف يضيع الإنسان وتتشوه أجمل علاقة بين مخلوقين!
فهذا الذي نرى هنا مثال للائتمار بالهوى والسير معه، وهذه أم مشوّهة الفطرة لا تحبّ أطفالها، وجلّ همها وهدفها هو منع ميوعتهم تماماً حتى باتت تعذبهم وتؤذيهم وهي تحسب أنها تربّيهم!
وثالثاً: لننظر لغياب توازن من اتخذ إلهه هواه، كيف لا يستطيعون هنا رؤية الحزم الرحيم الذي يحفظ كرامة الابن ولا تطبيقه، كيف الأمر عندهم إما ميوعة وإما عنف وقسوة، بل هذا الموقف هو رد فعلٍ على تطرّفٍ سبقه وهو ثقافة تعظيم الإنسان وتمييعه، وهو متطرّفٌ مثلها..
ولو كان مع هؤلاء قبس من نور هدي النبي صلى الله عليه وسلم لرؤوا أن التوازن ممكن وأن الحل ليس أبيضاً ولا أسود، إنما هو بحسب ما يحقق النفع الأغلبي للمتربي في الدنيا والآخرة وذلك برفق غالباً وبشدةٍ أحياناً، وبتدرج وصبرٍ كثيراً، لكن هؤلاء لا ثوابت لهم ولا يخرجون من قفزٍ بين ردّة فعلٍ وأخرى وتجريبٍ في الإنسان وآخر، وهذا حال المدارس التربوية الغربية لأن الاجتهاد الفكري والخبرة الحياتية لا تكفي، ولأن تربية النفوس ينبغي أن تنطلق من تعاليم خالقها الخبير بها، لا من أهواء وظنون وتجارب..