الحماية تؤسس مدرسة لتعليم اللغة البربرية 1914م
هوية بريس – ذ. ادريس كرم
في إطار سعي سلطات الحماية تثبيت مواقعها على المستوى الفكري والثقافي وطمس الهوية المغربية الإسلامية، نقدم فيما يلي تأسيس أول مدرسة لتعليم اللغة البربرية، من أجل التفريق بين سكان المغرب لغويا وعرقيا على طريقة “فرق تسد”، وهو ما سيظهر لاحقا في مجموعة من القوانين والظهائر التي توجت سنة 1930، بالظهير البربري المشهور.
جاء في مجلة إفريقيا الفرنسية 1914؛ ص:36، ما يلي:
(قلنا في أكثر من لقاء بوجوب تعلم اللغة البربرية للذين يمثلون الحكومة بالمغرب في الداخل، ذلك أن التعامل مع البرابرة بلغتهم يعتبر أحسن وسيلة للحيلولة دون تعريبهم حتى يتفادى الخطأ الذي ارتكبناه في الجزائر.
من أجل تعلم البربرية تم فتح مدرسة بالرباط لتعليم البربرية إلى جانب العربية بواسطة قرار صدر في الثاني من دجنبر بإنشاء مدرسة اللغات الشرقية الحية، عبارة عن كرسي ومنصب معيد أهلي للبربرية.
البعض قال بأن تعليم البربرية تدبير نظري لاختلاف اللهجات، لكن المنطقة الفرنسية بالمغرب لا يوجد بها إلا فرعان للتعبير البربري، ونحن سنأخذ المحدد الذي سيسمح لمدرسة اللغات هذه باعتماد إطار مرجعي موحد عملي يساعد على اكتساب أسس التحدث بها على أن يتم إغناؤها بالممارسة في عين المكان، وقد وضع لذلك حوافز إدارية من حيث التعيينات في مناصب المراقبة المدنية للناطقين بها من الضباط في مراكز المراقبة المدنية).
وحول نفس الموضوع جاء في مجلة france-maroc n56/1922، المدرسة العليا للغة العربية واللهجات البربرية بالرباط:
أرادت مصلحة الحماية الفرنسية بالمغرب عند بدايتها إنشاء ما تحتاج إليه من موظفين ضروريين لمعرفة عادات البلاد، فأصدر المقيم العام قرار إنشاء المدرسة العليا للغة العربية واللهجات البربرية بالرباط في 15/11/1912، وبدأ العمل بها في بداية سنة 1913 بدار في باب شالة بعدما جهزت إحدى غرفها بالمقاعد وجاء بتلامذتها من المدرسة العربية الفرنسية سيدي فاتح، ثم نقلت لباب لعلو حيث كان بالنزل ثلاث قاعات بإدارة جورج مرسي ومكتب للكاتب وأخر للمدير، وبدأ بناء مقر لها بحي أكدال في 15/4/1917، وفي 12/3/1913 صدر قرار وزيري بإنشاء أول اختبار للتراجمة الرسميين، وفي 22/9/1913 صدر قرار ثاني بإجراء اختبار بالجزائر لنفس الغرض، وفي 24/11/1913 تم إعلان قبول عشرة تلاميذ تراجمة رسميين و16 تلميذ مساعد.
تعليق:
لقد قدم خريجو هذه المدرسة لسلطات الحماية من مواقع عملهم في الدوائر التي كانوا يديرونها خدمات جلا، سواء في ضبط حركة السكان أو تدمير مؤسساتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية من خلال الدراسات الميدانية التي كانوا ينجزونها إما بطلب من الإقامة العامة التي كان يعمل بها خريجو هذه المدارس أو لصالح المؤسسات العلمية التي كانت تهتم بالمغرب وكيفية تحويله لإحلال الحضارة الغربية، التي كان الفرنسيون يعتبرون أنهم ملاكها والساهرون على نشرها وحمايتها من الحضارة الإسلامية، التي كانوا يعتبرونها غازية للمغرب الذي كان جزء من أوربا أو على الأقل سلة غذائها وسواعد لحراستها والدفاع عنها.
إن المراجع للكتابات الكولونيالية الفرنسية على المغرب لا يعدم أدوات التدليل على ما ذهبنا إليه، بيد أن تلك الجهود لا تخلوا من فوائد جمة لقيامها بتدوين وقائع ومناشط يعز العثور عليها في غيرها من الكتابات والدراسات، مما يجب معه الاهتمام بها في مجالي التوثيق والتحليل عند تناول الحياة المعاصرة للمغاربة، وما يلاحظ في المجتمع من عاهات يستغرب من وجودها في كثير من الأحيان، ما لم يبحث فيها عن أثر الفكر الاستعماري ومخرجاته.