فتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإثنين، النار على الرئيس الأمريكي جو بايدن وذلك لأول مرة منذ وصول الأخير إلى البيت الأبيض، معتبراً أن مواصلة واشنطن دعمها للوحدات الكردية في سوريا والعراق يعتبر بمثابة مشاركة مباشرة في قتل المواطنين الأتراك، وذلك بعد يوم من إعدام 13 تركياً على يد تنظيم بي كا كا شمالي العراق، في حين استدعت وزارة الخارجية التركية السفير الأمريكي في أنقرة للتعبير عن غضبها من بيان للخارجية الأمريكية حول العملية.
وأكدت مصادر تركية أنه جرى مساء الإثنين استدعاء السفير الأمريكي في أنقرة ديفيد ساترفيلد إلى مقر وزارة الخارجية للاحتجاج على تصريح للخارجية الأمريكية حول عملية غارا، وقال التلفزيون الرسمي إنه تم إبلاغ السفير برد الفعل التركي “بأقسى طريقة”.
وأثار تصريح للخارجية الأمريكية غضب الأتراك رسمياً وشعبياً بعدما اعتبر بمثابة “إدانة خجولة” لمقتل المواطنين الأتراك، حيث قال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان إن “الولايات المتحدة تستنكر قتل مواطنين أتراك في كردستان العراق.. إذا صحت التقارير التي تشير إلى مسؤولية حزب العمال الكردستاني فإننا نندد بهذا العمل بأشد العبارات الممكنة”.
واعتبرت أوساط تركية مختلفة أن بيان الخارجية الأمريكية “ضعيف ومتخاذل ومتواطئ” فيما اعتبره آخرون “محاولة لتبني رواية تنظيم إرهابي”، حيث اشترط بيان الخارجية الأمريكية التأكد من مسؤولية العمال الكردستاني لإدانة مقتل المواطنين الأتراك الـ13 الذين شيعوا في محافظات تركية مختلفة، الإثنين، وسط غضب شعبي واسع.
يذكر أن وسائل إعلام مقربة من العمال الكردستاني ادعت أن الأتراك قتلوا في قصف جوي تركي، لكن وزارة الدفاع التركية أكدت أنهم قتلوا رمياً بالرصاص في الرأس من مسافة قريبة جداً، فيما أكد والي محافظة مالاطيا التركية التي وصلتها الجثامين أن الطب الشرعي أكد أنهم قتلوا بإطلاق النار من مسافة قريبة، كما كشف أردوغان أيضاً، الإثنين، أن عائلات الضحايا تمكنت من رؤية الجثامين للتأكد من طريقة مقتلهم، وأعلن طلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول ما جرى.
ورداً على هذه التصريحات، وصف أردوغان بيان الخارجية الأمريكية بـ”المزحة”، وقال: “من الآن فصاعداً، أمام الجميع طريقان، إما اتخاذ موقف واضح بالوقوف إلى جانب تركيا ضد الإرهاب بدون قيد أو شرط، أو أن يصبح شريكاً في الجرائم التي يرتكبها التنظيم الدموي ويدفع ثمن ذلك أمام ضميره والمحافل الدولية”.
وهاجم أردوغان الذي بدا غاضباً في خطاب جماهيري في مسقط رأسه بولاية ريزة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بشكل عام بسبب “تقديمهم الدعم لمنظمة بي كا كا الإرهابية”، وقال: “إن كنتم تريدون استمرار علاقات التحالف مع تركيا على صعيد المجتمع الدولي والناتو فعليكم التراجع عن الوقوف بجانب الإرهابيين.. كل من يقدم الدعم لمنظمة بي كا كا الإرهابية أو يؤيدها أو يتعاطف معها يداه ملطختان بدماء المواطنين الأتراك الـ13 الذين قُتلوا في (منطقة) غارا (شمالي العراق)”.
وخاطب الرئيس التركي الولايات المتحدة قائلا: “كنتم تزعمون أنكم لا تقفون بجانب بي كا كا وي ب ك و ب ي د، لا شك بأنكم تدعمونهم وتساندونهم”، مضيفاً: “لو جمعنا مجازر منظمة بي كا كا الإرهابية بحق المدنيين في كتاب واحد، لتجاوز عدد صفحاته الموسوعات الغربية الضخمة”. مضيفاً: “أدعو دول العالم لنعرّفهم الوجه الحقيقي لأولئك الخونة، أدعو السيد بايدن للتعرف عليهم جيداً، ويُفضّل أن يحاول معرفة الوجه الحقيقي لتنظيم غولن الإرهابي أيضا”.
في السياق ذاته، انتقد وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو ما سماه صمت دول غربية عن العمليات الإرهابية التي تستهدف تركيا، قائلاً: “رأينا قيام دول تزعم مكافحة الإرهاب، بالتزام الصمت إزاء المجزرة التي ارتكبتها منظمة بي كا كا، أو تحاول التغطية عليها من خلال عبارات مثل (لو) و(لكن)”.
وأضاف الوزير: “تركيا لم تتصرف بنفاق أو ازدواجية معايير إزاء مكافحة الإرهاب مثل الكثير من الدول الغربية. وسنواصل الكفاح ضد التنظيمات الإرهابية بمختلف أشكالها مثل بي كا كا، وي ب ك، وداعش”، وتابع: “الجيش التركي انتقم وسيواصل الانتقام من المنظمة الإرهابية، لغاية القضاء على آخر إرهابي فيها”.
وفي السياق ذاته، انتقد رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون ما وصفه بالصمت الغربي، وقال: “صمت الغرب تجاه هجمات بي كا كا الإرهابية وجرائمها البشعة يظهر وجود فرق كبير بين الحديث عن الديمقراطية والحقوق والقانون وبين دعم هذه المبادئ”، مضيفاً: “لهذا السبب لم يبق لكم أي اعتبار. في الوقت الذي يحزن فيه شعبنا على استشهاد أبطالنا، نؤكد عزمنا القبض على آخر إرهابي مختبئ في الكهوف والمنازل. سيكون انتقامنا مؤلما. عدالتنا ستتحقق بسرعة”.