الخطاب الملكي: رسائل هادئة… وبداية مرحلة جديدة

21 أكتوبر 2025 10:03

الخطاب الملكي: رسائل هادئة… وبداية مرحلة جديدة والمجلس الوزاري يؤكد التوجه: رفع ميزانية التعليم والصحة، وتشجيع الشباب على الفعل السياسي

هوية بريس – د.عبدالسلام بامعروف (باحث في الشأن السياسي و الثقافي الوطني)

في الأسابيع الأخيرة، ومع تصاعد الاحتجاجات الشعبية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتزايد النقاشات حول الأداء السياسي والمؤسساتي في المغرب، كان العديد من المغاربة، خصوصًا فئة الشباب، يترقبون الخطاب الملكي الأخير بتوقعات كبيرة.

كانت الآمال معقودة على أن يتضمن الخطاب قرارات “ثقيلة”: كحلّ البرلمان، أو الدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها، أو حتى رسائل سياسية مباشرة تُخاطب صراحةً موجة الغضب والتذمر التي عمّت النقاش العمومي. غير أن ما جاء في الخطاب الملكي كان مختلفًا عن هذه التوقعات… لكنه لم يكن أقل أهمية.

منطق الدولة لا يشتغل تحت الضغط

من يعرف منطق اشتغال الدولة المغربية، يدرك أن المؤسسة الملكية لا تتحرك تحت تأثير الضغط الشعبي أو الإعلامي المباشر. الدولة، في رؤيتها الاستراتيجية، تتعامل مع الأوضاع بشكل هادئ ومدروس، بعيدًا عن ردود الفعل اللحظية. هذه الطريقة تضمن أن القرارات المتخذة تكون متوازنة ومستدامة، بعيدًا عن التأثيرات العابرة التي قد تؤدي إلى قرارات متسرعة أو غير مدروسة.

الخطاب الملكي الأخير كان تأكيدًا على هذا المنطق، حيث لم يُجب بشكل مباشر على مطالب الشارع أو الاحتجاجات الشعبية. فالمؤسسة الملكية لا تعمل بموجب رغبات آنية أو تصعيدات غير محسوبة. بل على العكس، كانت الرسالة عميقة وواضحة:

-تحديد المسؤوليات: كانت هذه أولى رسائل الخطاب الملكي، حيث دعا جلالة الملك إلى تحمل المسؤولية من جميع الفاعلين: الدولة، الأحزاب، المنتخبين، الفاعلين المحليين، بل حتى المواطن العادي. وهي دعوة تتطلب أن يكون كل فرد في المجتمع على وعي بدوره في إحداث التغيير، لا أن يكون مجرد متلقٍ للمسؤولية أو التوجيهات.

-دعوة واضحة إلى الجدية: في الوقت الذي يعيش فيه المغرب تحديات عديدة، فإن المرحلة الجديدة تتطلب التزامًا أكبر من الجميع، وخاصة من الأحزاب السياسية والمسؤولين الحكوميين. الجدية لا تقتصر على الأقوال، بل يجب أن تكون نابعة من الأفعال التي يمكن أن تُترجم إلى نتائج واضحة ملموسة على أرض الواقع.

-استمرارية أوراش التنمية: جلالة الملك أكد على أن المغرب يواصل تنفيذ أوراش التنمية الكبرى، ولن تتوقف هذه المشاريع بسبب ظروف طارئة أو احتجاجات مؤقتة. بل على العكس، هذه الأوراش تمثل مستقبل المغرب، والمغاربة بحاجة إلى استمرار الجهود المبذولة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية.

-المغرب يدخل مرحلة جديدة: الدعوة كانت للانتقال إلى مرحلة جديدة تتسم بنهج أكثر وضوحًا، وأكثر التزامًا، مرحلة تعيد التوازن بين حقوق المواطن وواجباته، وتفتح آفاقًا جديدة للتنمية المستدامة، تكون فيها المسؤولية والمشاركة ركنين أساسيين.

الرسالة التي عبر عنها جلالة الملك كانت قوية رغم هدوئها: الجميع يتحمل المسؤولية. لم تكن هذه دعوة للاسترخاء أو التأجيل، بل كانت دعوة لكل فرد في المجتمع المغربي لكي يكون جزءًا من الحل، وليس مجرد جزء من المشكلة.

الشباب حرّك المياه الراكدة

قد يشعر بعض الشباب، الذين كان لديهم آمال كبيرة في الحصول على قرارات فورية وحاسمة، بشيء من الإحباط أو الاستياء من أن الخطاب الملكي لم يُلبِّ تطلعاتهم المباشرة. هذا الإحباط شعور طبيعي للغاية، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي جعلت من مطالب الشباب في المغرب أكثر وضوحًا وملحّة. لكن في الوقت نفسه، يجب أن نعي تمامًا أن ما قام به هؤلاء الشباب لم يكن مجرد ردود أفعال عابرة أو حركة عاطفية، بل كان نقلة نوعية في الوعي السياسي والمجتمعي.

على الرغم من أن مطالبهم لم تُستجب بشكل مباشر، فإن تأثيرهم على الساحة السياسية والإعلامية كان عميقًا ومحوريًا:

-تحريك الساحة السياسية والإعلامية: الشباب في المغرب اليوم لم يعد مجرد متفرج على ما يحدث في الساحة السياسية. بل أصبحوا فاعلين أساسيين في صنع الحوار العام. عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنوا من طرح قضايا جديدة وإشراك فئات واسعة من المجتمع في النقاشات حول السياسات العمومية، والأداء الحكومي، والإصلاحات وأهمية التمثيلية السياسية.

-فرض نقاش عام حول التمثيلية السياسية: الشباب أصبحوا يشكلون صوتًا قويًا يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى تمثيل الأحزاب السياسية ل احتياجات المواطنين، خصوصًا من جيل الشباب الذي يشعر في كثير من الأحيان أنه مغيب عن مشهد صنع القرار. هذه النقاشات كانت شجاعة وصادقة، وعكست الحاجة الملحة إلى إصلاح سياسي حقيقي يتجاوز الشعارات ويؤدي إلى مشاركة حقيقية.

-كشف هشاشة بعض النخب الحزبية: الشباب، من خلال اعتراضاتهم وانتقاداتهم، استطاعوا أن يكشفوا الكثير من نقاط الضعف في النخب الحزبية التقليدية، التي ربما كانت قد تعودت على الركود أو الاعتماد على خطاب قديم لا يتماشى مع تطلعات الشباب. لم تكن الانتقادات مجرد هجوم على السياسات القديمة، بل دعوة جادة إلى التجديد السياسي و إعادة النظر في الأساليب التي يعتمدها الفاعلون السياسيون في التواصل مع الجمهور.

-إسهامهم في خلق وعي سياسي جديد: الشباب لم يكن فقط في موضع الناقد، بل كانوا أيضًا جزءًا من خلق وعي سياسي جديد. حتى وإن كانت وسائل تعبيرهم في البداية عفوية، فإن هذه الحركات الشبابية بدأت تكتسب شكلًا أكثر نضجًا و تنظيمًا. وهذا يعني أن المغرب في طريقه إلى إعادة تشكيل معايير المشاركة السياسية.

بمعنى آخر، حتى وإن لم تُستجب مطالب الشباب بشكل مباشر في الخطاب الملكي، فقد أدى دورًا أساسيًا في تغيير السياق السياسي. لم يعد الخطاب السياسي كما كان، ولم تعد مطالب الناس (وخاصة الشباب) كما كانت. شباب اليوم لا يطالبون فقط بـ قرارات فورية، بل بمسار طويل الأمد من التغيير الجاد. وهذا ما دفع الخطاب الملكي إلى أن يكون أكثر وضوحًا في دعوته إلى الجدية والمحاسبة.

الشباب، إذًا، لم يتحركوا عبثًا. لقد أثاروا المياه الراكدة، وأنعشوا الحياة السياسية بوجودهم و مطالبهم الواضحة. والأهم من ذلك، أنهم ساهموا في تحفيز خطاب سياسي جديد يتسم بـ المسؤولية والشفافية.

الأحزاب السياسية أمام لحظة الحقيقة

الخطاب الملكي الأخير لم يكن مجرد قراءة للوضع القائم، بل كان إعلانًا رسميًا لبداية مرحلة جديدة في تاريخ المغرب. مرحلة تتطلب تغييرًا جذريًا في طريقة تعامل الأحزاب السياسية مع القضايا الكبرى ومع الجمهور. هذه المرحلة ستعيد ترتيب العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين المؤسسات والمواطن، وبين السلطة والمساءلة.

على الأحزاب السياسية أن تدرك حقيقة مهمة: المرحلة المقبلة ليست كما كانت. الخطاب الملكي جاء ليضع حداً لزمن التراخي الذي طالما ميّز بعض الأطراف السياسية، وليؤكد أن المجتمع اليوم لا يمكن أن يستمر في تحمل أخطاء وتجاوزات الماضي. الأحزاب لم تعد قادرة على تقديم الأعذار أو الركون إلى الظروف الراهنة لعدم تحقيق نتائج ملموسة.

الشرعية اليوم تُبنى على العمل الفعلي لا على الأقوال. لم يعد يكفي أن تعلن الأحزاب عن خططها وبرامجها على الورق فقط، بل يجب أن تظهر هذه البرامج في الواقع، من خلال مشاريع ملموسة، وتغييرات حقيقية تُحسن حياة المواطنين. أي حديث عن الشرعية السياسية اليوم يتطلب الأداء الفعلي، ويُقاس بالنتائج لا بالشعارات.

في هذا السياق، تصبح فكرة “التفويض الشعبي” أكثر حيوية من أي وقت مضى. لم يعد من المقبول أن يتم منح التفويض الشعبي مرة واحدة للتمتع بالسلطة دون مراجعة مستمرة لمدى استحقاقه. فالتفويض الشعبي هو علاقة متجددة مع الشعب، ولا يُمنح إلى الأبد. أداء الأحزاب، نجاحاتها وفشلها، سيكون محط نظر دائم من الشعب، الذي سيتحكم في مسارها عبر صناديق الاقتراع أو من خلال المساءلة السياسية. الأحزاب التي لا تواكب تطلعات المواطنين وتفشل في تحقيق الوعود التي قطعتها لهم ستواجه، بلا شك، فقدان الثقة الذي يمكن أن يكون نقطة النهاية لمسيرتها.

أما بالنسبة للمسؤولين الذين يرون في المناصب فرصًا للراحة أو الامتياز، فإن الرسالة الملكية كانت صارمة وواضحة: المرحلة المقبلة ليست مرحلة استرخاء، بل مرحلة معركة حقيقية. معركة لا تتعلق بالراحة أو المكاسب الشخصية، بل تتعلق بـ الجدية في العمل، والإنتاجية في الأداء، ورغبة حقيقية في خدمة المواطنين. اليوم، المسؤولية تُقاس بقدرة كل مسؤول على إحداث التغيير، وعلى تعزيز الثقة المتبادلة بينه وبين المواطن. لا مكان اليوم للتميّز الشخصي أو الارتياح في المناصب، بل العمل المستمر والنزيه لتحقيق المصلحة العامة.

المعادلة الجديدة: الجدية والمردودية والشفافية

المعادلة الجديدة التي طرحها الخطاب الملكي تضع الجدية في طليعة الأولويات، لتكون الأساس الذي يجب أن ينبني عليه أي مشروع سياسي أو اقتصادي في البلاد. المردودية أصبحت معيارًا مهمًا للحكم على فعالية الأداء، ولن يُقبل من أي مسؤول أو حزب تقديم الأعذار لعدم القدرة على تحقيق تقدم ملموس في الملفات المهمة، مثل التعليم، والصحة، والتنمية الاقتصادية، والشباب.

وأخيرًا، لا يمكن إغفال عنصر الشفافية. المساءلة السياسية هي التحدي الأكبر الذي سيواجهه الجميع في هذه المرحلة. الأحزاب ستكون مطالبة بالاستجابة لانتقادات الجمهور، وتقديم تقارير شفافة وواضحة عن إنجازاتها وأخطائها، مع تحمل كامل المسؤولية في حالة الفشل. الثقة الشعبيةالتي كانت تُبنى على المواعيد الزائفة أو على الوعود التي لا تتحقق يجب أن تُستبدل بتواصل حقيقي، يستند إلى المصداقية والواقعية.

الخطاب الملكي… بداية لتحول عميق

الخطاب الملكي لم يكن مجرد محاكاة للوضع، بل كان دعوة حقيقية للتحول. التحول الذي يتطلب أن تكون الأحزاب السياسية أكثر نضجًا، وأكثر مسؤولية. المرحلة المقبلة تتطلب رجال سياسة قادرين على تقديم إجابات حقيقية للتحديات المعاصرة. الفشل في إدراك هذه الحقيقة يعني أن تلك الأحزاب ستظل حبيسة الماضي، وستواجه احتمالية الانعزال عن الواقع السياسي والاجتماعي، وستفقد قدرتها على التأثير في المستقبل.

هذه اللحظة هي لحظة الحقيقة للأحزاب. فإما أن تثبت قدرتها على الاستجابة لمتطلبات المرحلة الجديدة، أو تظل تراوح مكانها، وتخسر فرصة التأثير في مستقبل البلاد. جلالته كان واضحًا: من لا يُجدد، يُتجاوز

المجلس الوزاري: الترجمة العملية للخطاب

اليوم، بعد أيام من الخطاب الملكي الذي حدد معالم المرحلة المقبلة، جاء المجلس الوزاري الذي ترأسه جلالة الملك ليكون بمثابة ترجمة عملية وملموسة للرسائل التي حملها الخطاب. حيث تحولت التصريحات إلى قرارات حكومية حاسمة، تؤكد أن الخطاب لم يكن مجرد كلمات بل كان إعلانًا عن مسار جديد، يتطلب مقاربة جديدة في التعامل مع الملفات الكبرى في البلاد.

في إطار مشروع قانون المالية، تقرر رفع ميزانية التعليم والصحة بشكل كبير، ما يعد مؤشرًا قويًا على إرادة الدولة في إعطاء الأولوية للقطاعات الاجتماعية الأساسية. هذا القرار يأتي في سياق العدالة الاجتماعية التي تبدأ من حق الأفراد في التعليم الجيد والصحة. إن الشباب الذي يحظى بتعليم جيد وصحة مضمونة هو الركيزة الأساسية لبناء المستقبل. لهذا، كان القرار بمثابة تأكيد واضح على أن الدولة تعي تمامًا أن أي تحول اجتماعي حقيقي لا بد أن يمر عبر تحسين وضعية المواطنين، خاصة الشباب، اللذين يمثلون محركًا رئيسيًا لأي عملية تنموية في المستقبل.

لم يكن قرار رفع الميزانية مجرد تعزيز للقطاعين الاجتماعيين فحسب، بل كان أيضًا رسالة قوية بأن الدولة على استعداد لاستثمار الوقت والمواردمن أجل الاستثمار في الإنسان، وهو العنصر الأهم في عملية البناء والتنمية المستدامة.

أما في ما يتعلق بشباب المغرب، فقد حدد المجلس الوزاري أيضًا إجراءات تحفيزية لتشجيعهم على الانخراط في العمل السياسي. هذه الإجراءات تتعدى التصريحات العامة والخطابات التحفيزية، بل تشمل سياسات عمومية واضحة تستهدف تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية. الدولة تتعهد بفتح مجالات جديدة أمام الجيل الجديد من السياسيين ليتمكنوا من أخذ مكانهم في صناعة القرار. وهذا يشمل تخصيص برامج تدريبية، إنشاء مسارات للمشاركة السياسية الفعالة، وتقديم الدعم المالي واللوجستي للفعاليات السياسية التي يقودها الشباب.

هذه الإجراءات ليست مجرد خطوات مفصلية في مسار التغيير، بل هي دليل على فلسفة المرحلة الجديدة التي أكد عليها الخطاب الملكي:

-ربط السياسة بالفعل: لم تعد السياسة مجرد تصريحات، بل هي ميدان للعمل الفعلي الذي يسهم في تغيير الواقع.

-ربط المسؤولية بالمحاسبة: القرارات التي تُتخذ اليوم لن تظل حبرًا على ورق. يجب على جميع المعنيين تنفيذ ما تعهدوا به، مع ضرورة المساءلة المستمرة على الأداء.

-ربط التنمية بالإرادة الجماعية: التنمية ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي مسؤولية الجميع. على الدولة، الأحزاب، المجتمع المدني، والمواطنين أن يعملوا معًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

الملك أجاب… ولكن بمنطق الدولة

في كثير من الأحيان، قد يتوقع البعض أن الخطابات السياسية أو الملكية تأتي محملة بكلمات شديدة اللهجة، مباشرة وصادمة، تُظهر رد فعل قاسي تجاه الأوضاع الراهنة. لكن جلالة الملك، وكعادته، اتبع منطق الدولة في التعامل مع التحديات الحالية. لم يكن الخطاب محاولة للتهديد أو الاستفزاز، بل كان خطابًا يعكس حكمة و رؤية بعيدة المدى.

الملك لم يتعجل في إصدار قرارات سريعة أو ردود فعل متسرعة على الاحتجاجات الشعبية أو الأزمات الاقتصادية، بل اتخذ خطوة استراتيجية لضمان أن التغيير يتم بشكل منظم ومتدرج. كان الخطاب هادئًا، لكن الرسائل التي تضمنها كانت قوية وواضحة، تدعو الجميع إلى العمل بتصميم وجدية. كما ركز الملك على أن الفترة المقبلة تتطلب التزامًا حقيقيًا من الجميع، وأكد أن المسؤولية ليست فقط على عاتق الدولة أو الحكومة، بل على المجتمع ككل.

الملك أجاب بالفعل، لكنه أجاب بمنطق الدولة، من خلال تحديد مسار مستقبلي يضمن الاستقرار والتطوير، ويأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة على المدى الطويل. الرسالة كانت تتمثل في أن التحولات الجذرية لا تتحقق من خلال ردود أفعال سريعة أو قرارات عاطفية، بل تتطلب رؤية استراتيجية شاملة.

من القول إلى الفعل

اليوم، مع مخرجات المجلس الوزاري، أصبح واضحًا أن الخطاب الملكي لم يكن مجرد كلمات على الورق، بل كان إعلانًا عمليًا للمرحلة الجديدة. ومع هذه القرارات المهمة، بدأ الجميع يترقب ما سيأتي بعد ذلك: كيف يمكن أن ننتقل من النقاش إلى الفعل؟ من الشعارات إلى السياسات الفعلية؟ من الانفعال إلى البناء الحقيقي؟

السؤال الجوهري الآن هو: كيف يمكن ترجمة الأفكار إلى أفعال حقيقية على الأرض؟ وكيف يمكن تنفيذ الوعود التي تم الإعلان عنها في الخطاب والمجلس الوزاري؟

الملك أكد على أن المسؤولية هي الآن على عاتق الجميع. ولا مجال اليوم للحديث عن الأعذار أو التبريرات. الفاعلون السياسيون، المؤسسات، والجماعات المحلية، وحتى المواطن العادي، مطالبون بأن يساهموا في هذا المسار الجديد. وبما أن الوقت ليس في صالح أي أحد، أصبح على الجميع التحرك بسرعة وبفعالية لتحقيق ما تم التوافق عليه في الخطاب الملكي والمجلس الوزاري.

ومن يُظن أن الأمور قد “عادت إلى طبيعتها” بعد الخطاب والمجلس الوزاري فهو واهم. ما قبل الخطاب والمجلس الوزاري ليس كما بعدهما. المرحلة الجديدة قد انطلقت فعليًا، والمستقبل يتطلب إرادة جماعية قوية لتحقيق التحول الحقيقي الذي يأمله الشعب.

الخلاصة: إن قرارات المجلس الوزاري تأتي لتكون الترجمة العملية للخطاب الملكي، وتؤكد أن الدولة لا تكتفي بالكلام بل تسعى إلى تفعيل السياسات التي تخدم تطلعات المواطنين. ورغم التحديات، فإن المستقبل سيحمل تحولات حقيقية إذا ما التزم الجميع بروح المسؤولية، والتعاون، والانخراط الفعلي في تحقيق أهداف المرحلة الجديدة.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
12°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة