“الخطبة الموحدة”.. خطيب جمعة يوجّه رسالة للتوفيق
هوية بريس-متابعات
وجه خطيب جمعة بيانا بعنوان: تسديد التبليغ والخطبة الموحدة اليوم الاثنين 24 نونبر 2024، أورد فيه “استبشرت كغيري من أبناء الوطن، وخاصة ممن لهم صلة بالحقل الديني بخطة ” تسديد التبليغ”، ورأيتها مشروعا كبيرا يهدف إلى تفعيل دور الدين وقيمه في الوصول إلى الحياة الطيبة. ويمكن أن يسهم في تنمية الوطن وحفظ أمنه واستقراره. وحين اطلعت على الدليل المرجعي زاد اقتناعي بما فيها من محاور كبرى تحتاج إلى جهد كبير قصد تحقيقها وتنزيلها”.
وأضاف الخطيب ضمن بيانه، فالخطة حسب الدليل تقارب التسديد من خلال خمسة مداخل:
العبادات والتدين العام؛
التضامن والتكافل الاجتماعي: ويهدف إلى رصد نسب الفقر والاحتياج والإعاقة في دائرة المسجد، وأسباب ذلك وسبل توفير الشغل والعيش الكريم لجماعة المسجد؛
الأسرة والتربية: ويهدف إلى بناء الأسرة بناء سليما، والإسهام في بنائها واستقرارها من خلال رصد نسب العنوسة وتفعيل آليات الصلح والوساطة، ويقوم برصد حالات الخلافات الزوجية وواقع العلاقة بين الجيران؛
التعليم ومحو الأمية؛
الصحة والتغذية والمحيط البيئي: ويتضمن هذا المحور مراقبة التغذية والصحة والمحيط البيئي، وعملية الوقاية من الإدمان وسائر الانحرافات؛ “.
وأوضح الخطيب “وفهمت من ذلك أن مشروع المجلس العلمي الأعلى لا يريد كما فهم البعض تنميط الخطبة، ولا إلزام الخطباء بخطبة موحدة لا يخرجون عنها مهما اختلفت أحوال الناس وظروفهم ومستوياتهم التعليمية، بل هو مشروع تكون خطبة الجمعة فيه جزءا يسيرا، وخادمة للغايات سالفة الذكر”. مسترسلا “وزاد اقتناعي بذلك عندما اطلعت على كتاب يوميات الإرشاد، وهو من منشورات معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين سنة 2023، حيث قدم نموذجا لما يمكن أن يقوم به الإمام من اجتهاد في تحقيق الحياة الطيبة، وفي تفعيل المحاور سالفة الذكر، من خلال حسن التفاعل مع محيط المسجد، وتكييف الخطبة بأحوال الناس، ومخاطبتهم بما يفهمون وبلغتهم القريبة لفهمهم وتبسيط أجزاء منها باللغة الأمازيغية أو الدارجة، ليحصل التجاوب مع سكان القرية؛ الشيء الذي أدّى إلى تيسير كثير من الأعمال الاجتماعية برعاية جماعة المسجد وبعض المحسنين”.
واستطرد المصدر ذاته “ولقد صُدمت كغيري من المتابعين لتصريحات معالي وزير الأوقاف، والتي وصف فيها عينة من الخطباء بأنهم ” مرضى”، وأن بعضهم يسعى للنجومية من خلال الخطبة. وزادت صدمتي حين قارنت كلام السيد الوزير بتوضيحات المجلس الأعلى، والتي أكدت أن توحيد الخطبة مرحلي اقتضاه التعريف بالخطة، وأن المجلس يثق في خطبائه ويعتز بهم، وهم ينوبون عن أمير المؤمنين في توجيه الأمة إلى الاهتداء بدينها. وقد نُشر التوضيح في موقع الوزارة بالبنط العريض. موضحا “ومن جهة أخرى فإن كلام السيد الوزير في لقاء المجلس العلمي الأعلى يتناقض مع ما قاله عند انطلاق الحملة حيث أكد أن : “الخطيب الذي يفهم خطة تسديد التبليغ ويقتنع بها يمكنه في وقت من الأوقات أن يتصرف بكيفية حرة إذا ظهر له ذلك في حدود ما هو مطلوب في بيئته”.
وأورد “ولا شك أن عددا كبيرا من علماء المجلس وأعضائه ممن يقومون بالخطابة، وبعض أساتذة الجامعات ومنها جامعة القرويين، جديرون بفهم الخطة واستيعابها، ولا يُتّهمون في قدرتهم على حسن تنزيل مضامينها بطريقة تناسب المتلقين ومستواهم. فهل كل هؤلاء مرضى لأنهم لم يتقيدوا حرفيا بالخطبة الاختيارية؟ وهل كانوا مرضى قبل انطلاق الخطة أو أصابهم المرض بعدها؟ وهل مضامين الخطبة الموحدة إلاّ نظرات في الآيات والأحاديث قصد تفعيل حسن التدين في حياة الناس، وهو ما يدندن حوله الخطباء منذ تحملوا هذه الأمانة؟”.
وخلص الخطيب “إن شد أزر أمير المؤمنين الذي طالما أكد عليه السيد الوزير يتعارض مع التنقيص من خطباء الأمة، ورميهم بما لا يليق بهم واتهامهم «بالإغراء الشعبوي وتملق بعض الناس بإسماعهم ما تهوى أنفسهم من فوق منابر الجمعة”. لقد كنت أنتظر من السيد الوزير بعد مضي قرابة خمسة شهور على انطلاق الخطة في أماكن التجريب أن يقدم للناس باكورة ثمراتها، بإعطاء نسب حول زيادة الانخراط في محو الأمية، وحول التقليل من آفات المخدرات في الوسط المدرسي، أو حول قيام المحسنين ببعض الأعمال الاجتماعية الرامية إلى مكافحة الهشاشة ومنع التسرب المدرسي، أو على الأقل أن يُقدم ما تجمع عند لجان التسديد المحلية للخطة من معطيات حول العنوسة، وآفات المخدرات، وحالات الشقاق أو الهدر المدرسي، ثم التوجيه إلى وضع خطة للتعامل مع كل ذلك…لكني كغيري لم أر في كلامه إلا إحصاءً وعدّاً لأنفاس الخطباء، وتخويفا لمن لا يلتزم منهم بالخطبة التي قال عنها في موقع الوزارة أنها اختيارية، والتي بالمناسبة يسأل عنها ممثلو السلطات المحلية الخطيب بلطف وأدب: “هل هي الخطبة الموحدة أم خطبة اختيارية”؟. مضيفا “إن الأمل معقود في أن تُتوج اجتماعات الهيئة العلمية بحسن النظر في مشروع خطة تسديد التبليغ، وفي أن توضع الإمكانيات البشرية والمادية لحسن تنزيله، وأن يُنصف الأئمة والخطباء ويرفع من مقامهم قصد قيامهم بالأمانة الملقاة على عاتقهم، دون تخويف ولا إرهاب”.