“الخطبة الموحدة”.. د.بنكيران يوجه “رسالة إلى ساداتنا العلماء”

07 سبتمبر 2025 16:04

هوية بريس – د.رشيد بن كيران

الحمد لله الذي رفع شأن العلم والعلماء، وجعلهم ورثة الأنبياء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أعلم الخلق الأجمعين وأتقاهم لله، أقام الحجة وبين المحجة، فاللهم صل عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد؛

◆ فإلى علمائنا وفقهائنا ومشايخنا الأفاضل، حفظكم الله وأعانكم على حمل الأمانة العظمى التي أناطها بكم رب العالمين، فإننا نذكركم اليوم بمسؤوليتكم الجليلة أمام الله تعالى في ما استحدث من أمر خطير، ألا وهو توحيد خطب الجمعة وفرضها مكتوبة من جهة رسمية تحت شعار خطة تسديد التبليغ، بحيث تقرأ على المنابر على وجه واحد، لا اجتهاد فيه للخطيب ولا مراعاة لواقع الناس وأحوالهم.

◆ إنكم تعلمون -رعاكم الله- أن خطبة الجمعة في أصلها ذكر وبيان يواكب حياة المسلمين، يذكرهم بالله، ويعالج قضاياهم وهمومهم، ويحيي فيهم روح الإيمان والوعي والعمل الصالح. وقد جرى عمل رسول الله ﷺ وصحابته من بعده ومن تبعهم بإحسان على أن يخطب الخطيب بما فتح الله عليه وهو خير الفاتحين، فيعظ مرغبا ومرهبا ومذكرا بما يقتضيه الحال والمقام، لا أن تـفـرض خطبة بعينها على جميع المنابر. وهذا الذي يراد اليوم من توحيد الخطبة إنما هو خلاف صريح لهدي الشريعة والمحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك، وعدول عما استقر عليه عمل الأمة قرونا طويلة، ومخالف لمذهب الإمام مالك وسائر المذاهب.

◆ أيها العلماء الأفاضل؛ إن في هذا المسلك مفاسد جلية لا تخفى على شريف علمكم، منها:

▪︎ إبطال روح الخطبة وتحويلها إلى قراءة جامدة تخلو من أثر الحال ومراعاة المقام.

▪︎ تهميش دور الخطيب وإلغاء شخصيته العلمية والتربوية، فيصبح مجرد قارئ لنص مكتوب.

▪︎ قطع الصلة بين الخطبة والواقع، إذ تبقى الخطبة بعيدة عن حاجات الناس ونوازلهم المتجددة.

▪︎ إلغاء الفروق المؤثرة في اختيار نوع الخطاب الديني المناسب لمختلف المتلقين.

▪︎ فتح الذريعة للتحكم في دين الله وتوظيف منابر الجمعة لأغراض غير ما أراده الله منها، وهو خطر عظيم على الدين والأمة.

◆ يا علماء الأمة وأولي أمرها؛ إن السكوت على هذا الانحراف ليس خيارا سائغا، بل هو تفريط في أمانة حملتموها. وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُو۟لَٰٓئِكَ يَلْعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ﴾ [البقرة:159].

فلتتقوا الله في هذه الأمانة، ولتقوموا بالبلاغ والبيان، فإنكم حصن الأمة ومعقد أملها بعد الله، وإن الأمة لتنتظر منكم موقفا يرضي الله ويبرئ الذمة، فإن الحق لا يحفظ بالصمت، والباطل لا يدفع بالمداهنة، وإنما يحفظ بالبيان والنصح والقيام لله بالحق.

نسأل الله أن يوفقكم لما فيه نصرة دينه، وأن يجعلكم مفاتيح للخير مغاليق للشر، وأن يكتب لكم الأجر والثواب.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
10°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة