الدكتورة الإدريسي تبرز مسؤولية المدرسة والأسرة والإعلام في الوقاية من الإدمان

هوية بريس- متابعات
قالت الدكتورة حنان الإدريسي، الطبيبة والخبيرة الاجتماعية، إن الوقاية من الإدمان تبدأ من الجذور الأولى لتنشئة الإنسان داخل الأسرة، مؤكدةً أن “أحسن وقاية هي أن لا يصل الإنسان أصلًا إلى المخدرات”، وذلك عبر بناء مناعة نفسية قوية منذ المراحل الأولى من الحياة.
وأبرزت الدكتورة، خلال مرور إعلامي على بودكاست أثر، حول مخاطر الإدمان وسبل الوقاية المجتمعية، أن الوقاية تعتمد على ثلاثة مستويات: الأولية والثانوية والثالثية، لكن الوقاية الأولية تظل الأساس، “لأنها تمنع الإنسان من الوصول أصلًا إلى المادة أو سلوك الإدمان”.
وانطلقت المتحدثة من مرحلة ما قبل الزواج، معتبرةً أن تهييء المقبلين على الزواج صار ضرورة مجتمعية، لأن “الأسرة ليست مجرد أكل وشرب ولباس وتعليم”، بل هي مؤسسة لصناعة الإنسان المتوازن القادر على فهم ذاته وعلاقته بالله وبأسرته وبالمجتمع ومستقبله.
وأضافت أن غياب برامج تأهيلية للشباب المقبلين على الزواج يؤدي إلى أسر تنشأ دون وعي بدورها التربوي، مما ينعكس لاحقًا على الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية نفسية وتربوية متكاملة منذ الحمل والولادة ومع كل مرحلة عمرية.
وأشارت إلى أن الارتباط العاطفي السليم بين الرضيع ووالديه يمثل حجر زاوية في بناء شخصية آمنة، موضحةً أن أنماط الارتباط غير الآمن – سواء نتيجة الفشوش المفرط أو الإهمال والحرمان – تنتج هشاشة نفسية قد تجعل الفرد عرضة للاضطرابات والسلوكيات الإدمانية مستقبلًا.
وشددت على أن النقد والإهانة داخل الأسرة والمدرسة والمجتمع، والفراغ وغياب الهوايات، وحرمان الطفل من الحب غير المشروط، كلها عوامل تسهم في خلق شخصية ضعيفة، “تعجز عن اتخاذ القرار وعن قول لا”، وهو ما يجعلها أكثر قابلية للسقوط أمام رفقاء السوء أو المواد المخدرة.
وأكدت الدكتورة أن الحل يبدأ من ملء وقت الأبناء بأنشطة وهوايات رياضية وثقافية وفنية وتربوية، وتوفير فضاءات للاستفادة منها داخل الأحياء والمدارس ودور الشباب، لأن “الفراغ هو المدخل الأكبر للمشاكل”.
وفي السياق ذاته، شددت المتحدثة على أهمية أن يشعر الأطفال بالأمان داخل الأسرة، بعيدًا عن التوتر والصرامة المفرطة، مع وجود ضوابط واضحة في البيت، لأن “التربية فن وضع الضوابط”، وليس مجرد أوامر وصراخ.
وأضافت أن العلاقة السليمة مع الوالدين، والثقة بالنفس، والقدرة على مواجهة المشكلات والتعبير عن الرأي، كلها عناصر لبناء مناعة نفسية قوية تمنع الانجراف نحو الإدمان.
كما نبهت إلى ضرورة الانتباه إلى العلامات الأولى للهشاشة لدى الأطفال والمراهقين، مثل الانعزال، فقدان الثقة، عدم القدرة على التعبير أو المواجهة، اضطرابات الانتباه، غياب الأصدقاء، والإفراط في استعمال الشاشات.
وخلصت الدكتورة إلى أن حماية الأبناء من الإدمان مسؤولية أسرية واجتماعية مشتركة، مشيرةً إلى أن “الأسرة إذا قامت بدورها، ستختصر على المدرسة والدولة جزءًا كبيرًا من الجهد والكلفة”، داعيةً إلى تفعيل برامج تربوية ونفسية داخل المدارس ودور الشباب، باعتبارها مؤسسات مكملة لأدوار الأسرة في الوقاية من الإدمان.



