الدكتور العثماني يكتب: حول تصنيف الأمراض النفسية (2)
هوية بريس- د. سعد الدين العثماني
[email protected]
تحدثنا في الحلقة الماضية عن التصنيفين المعتمدين اليوم من قبل المتخصصين في تصنيف الأمراض النفسية، وهما: الدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM) الذي أصدرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي والذي تطور ليصل إلى الإصدار الخامس، والتصنيف العالمي الخاص بالأمراض النفسية ((ICD الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية. وهذان التصنيفات نتاج عمل علمي جماعي، شارك في المتخصصون من عشرات الدول عبر العالم.
ومن المفيد أن يأخذ القارئ الكريم فكرة عن أهم أنواع الاضطرابات النفسية والسلوكية كما حددها تصنيف منظمة الصحة العالمية في طبعته العاشرة والمسمى 10 ICD، وهي:
1 ـ الاضطرابات النفسية العضوية، بما فيها الاضطرابات الأعراضية. وتضم مثلا الخرف بأنواعه، ومنه الذي ينتج عن مرض الألزايمير أو عن أمراض الشرايين الدماغية أو عن تلف في الدماع أو غيرهما.
2 ـ الاضطرابات النفسية والسلوكية المرتبطة باستخدام المواد المؤثرة نفسيا. وذلك مثل الاستخدام المفرط للكحول والعقاقير التي تؤدي لإثارة الجهاز العصبي أو كبت نشاطه الوظيفي الطبيعي.
3 ـ الفصام والاضطراب الفصامي والاضطرابات الهذيانية
4 ـ اضطرابات المزاج، وتشمل حالات مزاجية مثل اضطراب الهوس أو الاضطراب الاكتئابي أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطب.
5 ـ الاضطرابات العصابية، والاضطرابات المرتبطة بعوامل الضغط، والاضطرابات عضوية الشكل. ويدخل فيها الاضطراب الوسواسي القهري واضطراب الرهاب واضطراب الهلع واضطراب التفاعل مع الكرب الشديد والاضطرابات الجسدية الشكل.
6 ـ متلازمات سلوكية مصحوبة باضطرابات فيزيولوجية أو عوامل عضوية
7 ـ اضطرابات الشخصية والسلوك عند البالغين
8 ـ التخلف العقلي
9 ـ اضطرابات النمو النفسي
10 ـ الاضطرابات السلوكية والاضطرابات الانفعالية التي تظهر عادة في فترتي الطفولة والمراهقة
11 ـ اضطرابات نفسي، دون تحديد
ويضم كل فصل من هذه الفصول الإحدى عشر عددا من الاضطرابات مع تحديد أعراضها، والإشارة إلى الأعراض التفريقية التي تميزها عن الاضطرابات الشبيهة. وهي تضع بالتالي أمام الطبيب المتخصص جدولا دقيقا يساعد على تحديد تشخيص الحالة الماثلة أمامه بدقة وسهولة على العموم.
ويعتبر هذا العمل التصنيفي ذا أهمية بالغة لأسباب عديدة منها:
1 ـ إن الأطباء والباحثين في حاجة إلى لغة مشتركة للتواصل، بحيث يعني الجميع باسم مرض معين نفس الشيء، ما دام التشخيص مبنيا على معايير محددة تقلل هامش الاختلاف أو الخطأ. وتظهر أهمية ذلك إذا عرفنا أنه من المتعذر في أكثر الحالات إعطاء كل التفاصيل حول حالة المريض، لكن التشخيص وفق تصنيف معتمد يغني عن ذلك غالبا.
2 ـ حاجة الأطباء المراقبين وشركات التأمين لتوحيد معايير الاضطرابات المشخصة لدى العاملين في الوظائف والشركات ولدى المستفيدين من التأمين، حتى يتحدث الجميع لغة واحدة.
3 ـ الحاجة إلى اعتماد الأسلوب الوصفي. ففيما عدا الحالات التي لها أسباب معروفة، لم تركز التصنيفات المعتمدة على أي أسباب للاضطرابات أو الأمراض النفسية. وبالتالي فإن تشخيص المرض النفسي يتم حاليا بغض النظر عن أسبابه إلا في حالات قليلة جدا حيث تكون الأسباب ظاهرة ومحددة، مثل أورام الدماغ السرطانية وإدمان المخدرات أو الكحول أو الأعراض الناتجة عن أزمة ذات خطر كبير، مثل حالات الحروب أو الكوارث الطبيعية. أما في غيرها فإن أسباب المرض يصعب تحديدها بدقة، وإن حددت فهي غير ذات تأثير كبير في التشخيص والعلاج.
4 ـ لقد عرف علاج الحالات النفسية تقدما كبيرا خلال الأربعين سنة الأخيرة، وذلك بشكل غير مسبوق. وهو علاج يعتمد على تشخيص دقيق، ولم يعد من الممكن البناء فقط على حدس الطبيب المعالج.
5 ـ يستلزم البحث العلمي الاعتماد على مواصفات ومعايير دقيقة وموحدة لتشخيص الحالات، حتى تتسنى المقارنة بين فعالية العلاجات المختلفة للحالات المعنية.
إن لم تستح ففعل ماشئت