الدكتور العثماني يكتب: دور الأسرة أمام المرض النفسي
هوية بريس- د.سعد الدين العثماني
[email protected]
من المعروف أن الاضطرابات (أو الأمراض) النفسية لا تؤثر فقط على حياة من يعانون منها، ولكن تؤثر أيضا على حياة أسرهم والمحيطين بهم. وفي كثير من الأحيان تؤدي إلى اضطرابات مؤثرة في الحياة اليومية للأسرة والأقارب.
وتشير بعض الإحصائيات الدولية إلى أن أغلبية الأسر تقريبًا قد تتأثر بوجود مريض نفسي بين أعضائها. ويفيد غالب أعضاء تلك الأسر أن تلك التأثيرات تربك برنامج حياتهم ومستوى تحملهم للضغوط، وتضر – قليلا أو كثيرا – بصحتهم النفسية والعضوية وبوضعهم المالي.
وتتنوع المشاعر التي قد يشعر بها أفراد الأسرة ما بين القلق والغضب والإحباط والحزن، وخصوصا في المراحل الأولى التي لم تتبين بعد معالم تشخيص المرض، ولم تتضح مراحل العلاج. وقد يشعرون بالعجز حيال أعراض أو مرض لم تتضح بعد عواقبه على الحالة الصحية أو الحالة المعيشية للشخص المصاب. ويصاحب ذلك في أحايين كثيرة شعور بالحيرة واليأس في مواجهة معاناة أبنائهم أو أقاربهم، وفي الإعداد لمستقبلهم. ويزداد ذلك الشعور مع ضغوط المحيط، من الجيران والأصدقاء، الذين يتبرعون عليهم بكثرة “النصائح” والآراء والتفسيرات والتحذيرات التي ليست في الغالب صائبة، لكنها تكرر الشائع في الثقافة الشعبية قديمها وحديثها.
صحيح أن الجميع لا يتفاعل بنفس الطريقة مع إصابة عضو في الأسرة بالمرض النفسي، لكنهم على العموم يشعرون بالقلق تجاه المسؤوليات الجديدة التي سيتعين عليهم تحملها أمام هذا الطارئ الجديد.
ويحس الآباء، قبل غيرهم، في كثير من الأحيان بالمسؤولية عما يحدث لأطفالهم، فيشعرون كثيرا بالذنب. وهو ما يؤثر في حياتهم الشخصية وفي حياة الأسرة على جميع المستويات.
ومن الضروري التنبيه إلى أن هذا الشعور بالذنب غير مبرر، ولا أساس له موضوعيا وعلميا في ظهور أغلب الأمراض النفسية، وخصوصا منها المزمنة. فالمرض النفسي له عوامله ودينامياته التي لا تأثير لسلوك الآباء فيها عموما. ومن المهم جدا طمأنة الأبوين حتى يستطيعا أن يقوما بواجبهما تجاه الابن أو القريب المصاب بالمرض النفسي.
وحتى نساعد الأسرة لتقوم بدورها في تقديم الدعم لأحد أفرادها المصاب بالمرض النفسي نقترح عليها سلوك المراحل التالية:
1 – الحصول على المعلومات الموثقة عن المرض
فالمعرفة الصحيحة تشعر بالثقة والاطمئنان للخطوات العلاجية التي يصفها الطبيب المتخصص أو المعالج النفسي. وهذا يستعان فيه أولا بما يشرحه الفريق المعالج، فهو الأكثر فهما ودراية بتشخيص الحالة المعنية. لكن يمكن أيضا الاستعانة بقراءة الكتب أو المقالات من مصادر موثوقة، والاستماع إلى برامج المتخصصين أو تسجيلاتهم. يضاف إلى ذلك المشاركة في اجتماعات مجموعات أو جمعيات الدعم لأقارب الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية، وهي اليوم موجودة في كثير من المدن المغربية.
2 – التعبير عن مواقف إيجابية تجاه الشخص المريض
فهذه المواقف الإيجابية يمكن أن تساعد أفراد الأسرة على إقامة علاقة جيدة مع الشخص المصاب أو الحفاظ عليها إن كانت موجودة. ويبدأ ذلك بالخصوص بأن يحاول عضو الأسرة أن يضع نفسه في مكان المصاب، حتى يتفهم ما يمر به. ثم ينتقل إلى إظهار التعاطف معه، وتجنب التقليل مما يمر به، وتجنب أسلوب إلقاء الدروس عليه، ولكن على القريب أن يحاول التوضيح والشرح والتوجيه بإيجابية ولباقة. يمكن أيضا تجربة مدح المصاب على أي تغييرات إيجابية يقوم بها في حياته، مثل الالتزام بنصائح الطبيب أو بأخذ الدواء أو تغيير نمط العيش.
3 – التحلي بالصبر وطول النفس، والوعي بأن رحلة التعافي قد تكون صعبة وطويلة، وقد تتعرض للنكسات. وهذا يحتاج إلى التسلح بالثقة بالله تعالى والأمل والإيجابية، والتعبير عنها، ونقل معانيها إلى المصاب بالمرض النفسي.
4 – تشجيع الشخص المصاب على طلب المساعدة إذا احتاج إليها، وألا يواجه معاناته وحده في صمت. ومن ذلك تشجيعه على استشارة أفراد أسرته القريبين منه، أو استشارة أصدقائه أو مكلف بالخدمات الصحية.
وفي الختام فإن التفاعلات داخل الأسرة لها دور كبير في علاج المريض النفسي والتكفل به، ومن مهام ومسؤوليات مقدمي الخدمات الصحية المساعدة على أن تقوم الأسرة بمهمتها في ذلك، مع الحفاظ على حد معقول من حياتها وحيويتها ونشاطها.
المرض النفسي هو اللي درتيه لينا بديك الساعة اللي زدتيها على المغاربة في عز الشتاء
حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم
سي العثماني ماهي مؤهلاتك العلمية والطبية؟
جزاك الله كل خير
موضوع في غاية الأهمية مع واقع اليوم