الدكتور زهير لهنا يكتب عن نزوح خان يونس: ليلة النزوح..

02 يوليو 2024 20:09

هوية بريس – د.زهير لهنا

في ليلة الثاني من يوليو، عاش آلاف الفلسطينيين نزوحًا جديدًا، وكانت هذه الليلة مليئة بالمعاناة والمأساة، خصوصًا بالنسبة للأطباء والممرضين العاملين في مستشفى ناصر بخان يونس، الذين عايشوا تلك اللحظات الصعبة وعشتها معهم بكل آلامها.

بدأت الليلة بإخلاء المستشفى الأوروبي من المرضى وكل الطواقم الطبية التي اتخذت من بعض مرافقه مأوى. وصل عدد كبير من الجرحى والمصابين والقتلى نتيجة للقصف المستمر، واضطر آلاف السكان الذين عادوا إلى منازلهم المدمرة إلى النزوح مرة أخرى بأوامر من جيش الاحتلال، الذي أمهلهم بإرسال رسائل ومنشورات، مُعلمًا إياهم بأنه سيبدأ اجتياحًا جديدًا للمناطق الشرقية، مثل عبسان وغيرها، ردًا على إطلاق 20 صاروخًا من قِبَل سرايا القدس من تلك المنطقة.

في فريق أطباء النساء والتوليد، ذهب خمسة من ثمانية أطباء لتأمين مأوى لأهلهم ونقلهم إليها، فآثرت البقاء لتغطية الفريق المتبقي ومساعدتهم. ولم يبق في المستشفى إلا طبيب واحد للتخدير والإنعاش، وكان في حالة نفسية متوترة، نظرًا لعمله في قسم الجراحة العامة والولادة الموجودين في مبنيين منفصلين.

اضطر للبقاء ليغطي قسم الطوارئ، ولكن عقله كان مع أهله. يعيش الناس ضغوطًا لا تُوصف. في حدود منتصف الليل وصل طبيب التخدير والإنعاش د.مروان، الذي أعرفه. وصل متعبًا بعد أن مشى أكثر من عشرة كيلومترات. وحالته النفسيه لا توصف، ولكنه كان صابرًا محتسبًا. أخذ زوجته وأبناؤه إلى خيمة نزوح عند أهلها، ثم أتى إلى المستشفى ليكمل عمله في الليل.

تحدثنا معًا عن أهوال الناس وكأنها أهوال يوم القيامة. ثم جاءت الممرضة نوال مع بناتها تحمل ابنها النائم الذي يبلغ من العمر سنتين. كانت بناتها متعبات من طول المسير، وأحذيتهن مملوءة بالتراب. كانت علامات التعب والبؤس واضحة على ملامحهن جميعًا. ولم تردد نوال إلا “حسبنا الله ونعم الوكيل”.

وليتم تقديم الخدمات في ظروف لائقة فلا يسمح الحراس المازحين للدخول إليه كالمعتاد. اضطر زوج نوال أن يبيت في خيمة خارج المستشفى عند أناس أواهم.

لهذه الحرب مآسي لا يشعر بها إلا من تجرع مرارتها. أن تخرج من بيتك مضطرًا وتترك كل شيء وراءك، ولا تجد أي وسيلة لنقل حتى أبسط أغراضك، فتغدو مشردًا أنت وأهلك ولا تعلم إلى أي وجهة تذهب وكأنه استنزاف بطئ حتى الموت.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M