الدولة الجزائرية والأكاذيب غير المنتهية!
هوية بريس – الصادق بنعلال
أ – في إطار إشرافه على “تمرين عسكري” بولاية الجفلة يوم الأحد 25 يونيو 2023، أبى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلا أن يتعرض للمغرب، الذي أضحى شوكة في حلق النظام العسكري جملة وتفصيلا، وأصر على أن يفتري كعادته و يحكي أن “السياقات الجيوسياسية الإقليمية تزيد من عزمنا على مواصلة تطوير وعصرنة منظومة الدفاع الوطني، بهدف حماية أمننا ومصالحنا الوطنية والدفاع عن حدودنا البرية والبحرية و مجالنا الجوي”! لكن هل هذه “السياقات” تستدعي إقامة مثل هذه التمارين بالذخيرة الحية وبشكل منتظم؟ وهل تتطلب هذا الكم الهائل من العداء الرمزي والمادي، المتمثل في الحديث عن نقطة “اللاعودة”، ورفض الجنوح إلى الصلح والحوار والتطبيع مع من وقف إلى جانبه في حرب التحرير والانعتاق من الاحتلال الأجنبي؟ هل عصرنة المنظومة الدفاعية في حاجة إلى غلق الحدود البرية والبحرية والجوية في وجه “الجار الغربي”؟ بل إنه قلب الحقائق والأحداث الإقليمية رأسا على عقب بزعمه أن “الجزائر كانت ومازالت قلعة سلم وأمان، ولم يسبق في تاريخها أن كانت مصدر تهديد لأحد، منطلقها في ذلك مبدأ حسن الجوار”! هل تدخل الجزائر الغوغائي في الشؤون الخاصة لموريتانيا وتونس وليبيا ومالي وإسبانيا وفرنسا .. بطريقة فجة يعد سلما؟ وهل استهداف الوحدة الترابية للمملكة المغربية طيلة خمسين سنة، وحماية جبهة البوليساريو الانفصالية ومدها بالمال والسلاح والدعم اللوجستيكي والإعلامي منقطع النظير، تعبير عن “حسن الجوار”؟
ب – أضحى جليا للعالم أن الدولة الجزائرية هي جمهورية الافتراءات و الأكاذيب والادعاءات الباطلة القائمة على مسلكيات الكيد والعداء، ونظام هذه الدولة الفاشلة لم يعد خطرا على الشعب الجزائري بقدر ما أصبح خطرا على حال ومآل المنطقة المغاربية والسلم العالمي، وبالتالي فإن دق ناقوس الخطر ضرورة إنسانية، يراهن النظام العسكري دائما على الفوضى والهدم والاصطياد في المياه العكرة، ولا علاقة له بالتعامل الدبلوماسي الدولي المألوف ولو في حدوده الدنيا ، إنه نظام المقامرة والمغامرة بواقع ومستقبل الشعوب، هذا ديدنه وهذه استراتيجيته الخرقاء ، ونحن مصرون على فضح ترهاته وإبراز جاهليته وإظهار حقارته، بيد أن الشعب الجزائري الشقيق مدرك تمام الإدراك بأنه لا مستقبل له مع هكذا نظام أرعن فشل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ورياضيا .. وعجز عن القيام بأي إجراء يعود بالخير والصلاح على البلاد والعباد.
ج – ولئن كانت المؤسسة العسكرية قد تعودت على اختلاق المزاعم، وإلصاق التهم الغرائبية بالمغرب أقلها قتل أشخاص شرق الجدار الأمني ، فقد فعلت ذلك من قبل وفي أكثر من مناسبة، ولن تتوقف عن “مسار” الاستفزاز والدفع بالمركبات الحاملة للأسلحة نحول المنطقة الحربية من أجل إيذاء استقرارنا، ومعلوم أن المغرب لن يتوانى عن حماية حدوده من أي جسم يتحرك داخل الوحدة الترابية للمملكة، و ما من شك في أن الجيش الجزائري هو منتج ومعد ومخرج هذه السيناريوهات الجهنمية لاستدراج المغرب للحرب والمواجهة العسكرية المباشرة، خاصة وأن التقارير الإقليمية والدولية تجمع على أن الفجوة التنموية بين المغرب والجزائر سائرة في الاتساع طولا وعرضا، مما يجعل مسؤولي الجارة الشرقية أمام اختيار يائس لعرقلة العملية النهضوية المغربية، انطلاقا من أن الجزائر أبانت عن فشلها الاستثنائي في خدمة شعبها رغم امتلاكها للموارد المالية الضخمة التي تحصل عليها مقابل ما تصدره من خيرات الطبيعة .
د – والسؤال الذي أصبح يتردد على لسان كل جزائري حر هو: أين هي ثروة الجزائريين؟ لماذا لا توظف في إسعاد الساكنة وتوفير ما تحتاج إليه من مواد غذائية بسيطة توجد في مختلف الدول المتواضعة؟ لماذا لا تلعب أموال النفط والغاز في وضع حد للطوابير الباحثة دون أمل، عن السميد والزيت والسكر …؟ لماذا لا تظهر نعمة المال النفطي / الغازي على البنيات التحتية المهترئة لدولة “المليون شهيد”؟ لحسن الحظ أن الجواب عن كل هذه الأسئلة التي يطرحها الشارع الجزائري بحرقة وأسى، سبق للملك المغربي الراحل الحسن الثاني رحمه الله أن أجاب عنه في الثمانينيات من القرن العشرين، حيث قال: كل الأموال الهائلة التي يحصل عليها النظام العسكري الجزائري لا تخيفه ما دامت تسير في اتجاه كارثي معروف: صفقات أو اقتناء متواصل للأسلحة التي يكون مصيرها الصدأ وانتهاء الصلاحية، وعسكرة البنية المجتمعية بدل إضفاء الطابع المدني الديمقراطي العصري على الحياة السياسية. لكن أملنا كبير في نضال الشباب الجزائري المتعلم المطالب بوضع حد للغوغائية العسكرياتية، وإقامة نسق سياسي مدني ينهض على أسس الحرية والعدالة والعيش الكريم.