يبدو أن لاجئي الروهنغيا الذين فروا من العنف والاضطهاد في ميانمار، أصبحوا على موعد جديد مع رحلة خطرة أخرى في مسيرة المعاناة التي فرضت عليهم منذ أواخر العام الماضي.
وتخطط السلطات في بنغلاديش، لتهيئة جزيرة “بهاسان تشار”، النائية لنقل لاجئي الروهنغيا إليها، بدلا من المخيمات التي يقيمون بها حاليا في منطقة “كوكس بازار” الحدودية مع ميانمار.
وتبلغ مساحة هذه الجزيرة حوالي 15 ألف فدان (أثناء المد المنخفض) و10 آلاف فدان (أثناء المد العالي)، وفقا لمصادر حكومية.
ووفقا للبيانات المتاحة، لم يكن أحد يعيش على تلك الجزيرة حتى بداية مشروع إعادة التوطين للروهنغيا قبل عام، فيما كانت هذه الجزيرة تستخدم في الغالب لرعي الماشية وتعد مركزا لقراصنة البحر.
وتبعد الجزيرة حوالي 30 كيلومترا عن البر الرئيسي لبنغلاديش، وفي عام 2013، تم إعلانها منطقة غابات محمية، وتعتبر القوارب هي الطريقة الوحيدة للوصول إليها.
واقترحت السلطات تخصيص ألف و350 فدانا من أراضي تلك الجزيرة (432 فدانا لمناطق سكنية، و918 فدانا مساحة خالية)، لمشروع إعادة توطين الروهنغيا.
ومع ذلك، فإن الرحلة إلى الجزيرة هي عمل شاق، كما أنها تعتبر واحدة من أخطر الرحلات أثناء ظروف الطقس السيئة.
وتبعد الجزيرة حوالي 52 كيلومترا عن أقرب الأراضي البنغالية (وهي منطقة نواخالي) و30 كيلومترا عن أقرب منطقة مأهولة بالسكان (جزيرة هاتيا).
ويبلغ متوسط ارتفاع اليابسة في الجزيرة 2.84 مترا فوق مستوى سطح البحر، وفقا لمصادر في البحرية البنغالية.
– طريق محفوف بالمخاطر
وذكرت بعض وسائل الإعلام المحلية والدولية أن الوصول إلى الجزيرة من أقرب الأراضي إليها عبر قارب صيد أو قارب مزود بمحرك يستغرق نحو ساعة ونصف الساعة.
لكن مراسل الأناضول سجل أكثر من ساعتين للوصول إلى الجزيرة عن طريق قارب بمحرك من كل من هاتيا ونواخالي (أقرب منطقتين إليها).
وفي حين يستغرق القارب السريع نصف ساعة للوصول إلى الجزيرة من كل من نواخالي وهاتيا، إلا أن الطقس القاسي يجعل هذه الرحلة مستحيلة أحيانا.
كما أن الجزيرة عرضة أيضا للتآكل من جانب أحد الأنهار.
وقال صيادون محليون للأناضول إن المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية من الجزيرة تعاني من التآكل بشكل متكرر.
ووفقا لبيانات إدارة الغابات والمعلومات الأخرى المتاحة، يختفي جزء من الجزيرة في البحر كل عام بسبب التآكل.
ومع ذلك، قال مفوض منطقة “نواخالي” تانموي داس، للأناضول، إن “الجزيرة خالية من المخاطر في الوقت الراهن”.
وأضاف: “قامت دائرة الأرصاد الجوية لدينا بإجراء الكثير من عمليات المسح في “بهاسان تشار”، وتبين أنها آمنة للغاية الآن”.
ومن جانبه، قال محفوظ الرحمن خان، وهو أستاذ جامعي ومؤلف كتاب بعنوان “مشكلة الروهنغيا وبنغلاديش”، في تصريح للأناضول إن “حكومة بنغلاديش يجب أن تؤكد أن الجزيرة لن تكون سجنا جديدا للمضطهدين من مسلمي الروهنغيا”.
– ضمان مواجهة الخطر
ويخشى معظم اللاجئين والخبراء الروهنغيا من أن تجرف الكوارث الطبيعية المساكن التي تقام على الجزيرة الواقعة عند مصب نهر “ميغنا” وخليج “البنغال”.
ومع ذلك، قال ضابط برتبة ملازم أول في البحرية البنغالية (لم يكشف عن اسمه بسبب القيود المفروضة على التحدث إلى وسائل الإعلام) في حديث مع الأناضول إنه “يتم التخطيط لبناء حاجزين كبيرين سيطوقان منطقة المشروع لحمايتها من الكوارث الطبيعية”.
وأضاف أن “الروهنغيا سيعيشون هنا في ظروف أفضل مائة مرة من تلك التي يقيمون بها في كوكس بازار”.
وقال إن رئيسة الوزراء البنغالية حصينة واجد، سوف تفتتح المشروع في أقرب وقت ممكن.
وأشار إلى أنه “يتم حاليا إنهاء مشروع الإسكان، ونحن مستعدون لاستقبال الروهنغيا في أي وقت”.
وقال إنه “سيتم نقل اللاجئين الروهنغيا تدريجيا، 1000 شخص في الأسبوع على سبيل المثال، وبالتالي سوف تستغرق عملية النقل عدة أشهر”.
ويتصادف التحرك البنغالي لنقل لاجئي الروهنغيا إلى تلك الجزيرة، مع إعلان ميانمار في 11 نوفمبر الجاري، أنها ستبدأ اعتبارا من الخميس 15 نوفمبر، ترحيل مجموعة أولية من لاجئي الروهنغيا من بنغلاديش إلى ميانمار.
وقال وزير الرعاية الاجتماعية والإغاثة وإعادة التوطين في ميانمار، وين ميات أي، إن “مجموعة أولية من لاجئي الروهنغيا قوامها ألفين و251 لاجئا، سيتم ترحيلها بدءا من منتصف نوفمبر الجاري، بواقع 150 لاجئا يوميا”.
ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن الظروف في ميانمار ليست آمنة بعد لعودة اللاجئين الروهنغيا، الذين حرموا عموما من المواطنة والحقوق المدنية في البلاد ذات الأغلبية البوذية.
وفي 13 نوفمبر الجاري، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بنغلاديش وميانمار، إلى وقف عملية إعادة اللاجئين الروهنغيا إلى بلادهم.
وبدعوته، يضم غوتيريش صوته إلى صوت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، التي حثت، في وقت سابق، حكومتي بنغلاديش وميانمار، على وقف عملية إعادة اللاجئين الروهنغيا ببنغلاديش إلى إقليم أراكان.
ومنذ غشت 2017، أسفرت جرائم تستهدف الأقلية المسلمة في أراكان (غرب)، من قبل جيش ميانمار ومليشيات بوذية متطرفة، عن مقتل آلاف الروهنغيا، حسب مصادر محلية ودولية متطابقة، فضلا عن لجوء نحو 826 ألفا إلى الجارة بنغلاديش، وفق الأمم المتحدة، وفقا للأناضول.