الريسوني يكتب: غزة واليمن.. قضية واحدة
هوية بريس- د.أحمد الريسوني
معركة طوفان الأقصى، لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى، تشتعل وتتواصل بكل ضراوة، وبدون توقف، منذ أكتوبر 2023.
والمعهود في المعارك والحروب المتواصلة لمدة طويلة، أنها لا تكون إلا بوجود قدرات وإمكانات متكافئة أو متقاربة لدى طرفيها أو أطرافها، كما في الحرب الروسية الأوكرانية، الدائرة رحاها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات..
فروسيا هي نفسها قوة عسكرية كبرى، ثم هي مدعومة من تركة الاتحاد السوفياتي وبقايا المعسكر الشيوعي، في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية..
وأوكرانيا مدعومة ومحتضَنة من حلف الناتو وعموم الاتحاد الأوروبي..
أما الحرب الدائرة في قطاع غزة، فأحد طرفيها يملك من متطلبات الحرب الطويلة كل شيئ، والطرف الآخر لا يملك من ذلك أي شيء!!
– الطرف الأول هو “إسرائيل”، التي تعتبر أقوى كيان عسكري في المنطقة. ومعها الدولة التي تعتبر أقوى دولة في العصر الحديث. ومعهما أكبر تكتل عسكري في التاريخ البشري، وهو حلف الناتو. ومعهم دول عربية داعمة لإسرائيل وحارسة لأمنها وحدودها.
– والطرف الثاني هو فصائل المقاومة الفلسطينية، (حماس والجهاد الإسلامي أساسا). ومعها مدد شعبي فلسطيني محدود من غزة والضفة. وجميعهم يواجهون حرب إبادة طاحنة، وحصارا تاما خانقا، تفرضه إسرائيل وبعض الدول الشقيقة، بمساعدة من السلطة الفلسطينية.
ومع ذلك تستمر الحرب هذه المدة الطويلة، وتستمر النكاية في العدو، ويستمر صمود الفئة القليلة الضعيفة!! إنها آية من آيات الله..
ولم تجرؤ أي دولة عربية أو إسلامية أن تقف بشكل صريح ومباشر مع المقاومة الفلسطينية، ضد العدوان الصهيوني وحرب الإبادة والتهجير والتجويع.
ورغم أن جميع الشعوب العربية والإسلامية مؤيدة للشعب الفلسطيني ومقاومته الشرعية، فإن هذا الخزان الشعبي يظل حتى الان مقفلا ومعطلا، وممنوعا من التفعيل والتشغيل.
ويستثنى من ذلك: الدعمُ اللوجستي المقدر، الذي تقدمه إيران، والدعم الفعلي الميداني القوي، الي قدمه حزب الله اللبناني، وجماعة أنصار الله، الحاكمة في صنعاء. وكذا الإسهام الرمزي من بعض التنظيمات المسلحة الأخرى في لبنان والعراق..
وقد “نجحت” الضغوط المحلية والدولية في وقف الإسناد اللبناني والعراقي لغزة وللمقاومة الفلسطينية. فلم يبق الآن إلا الموقف الراسخ والشجاع لأهل اليمن، حفظهم الله وثبت أقدامهم.
وجوب دعم الموقف اليمني
الموقف اليمني الرسمي (حكومة صنعاء) هو الموقف الوحيد الذي يؤكد كل يوم تصميمه على مواصلة الانخراط المباشر في معركة طوفان الأقصى، وأنهم سيستمرون في قصف العدو ما دام عدوانه على غزة مستمرا. وهذا هو الموقف الشرعي والواجب الشرعي الذي لا شك فيه ولا غبار عليه، وما كان يجوز لأي بلد إسلامي التردد فيه أو التملص منه.
واليمنيون إذ يؤكدون هذا الموقف بالقول والفعل يتحملون – اليوم وغدا – ثمنا باهظا لموقفهم المشرف هذا. والأعداء (إسرائيل وحلفاؤها) يستعدون الآن لتشديد اعتداءاتهم وعقوباتهم ضد اليمن..
ولذلك أصبح من الواجب على جميع المسلمين – وفي مقدمتهم مكونات الشعب اليمني الأصيل – تأييد الموقف اليمني الشهم، ونصرة أصحابه بكل ما يمكن من أشكال الدعم والمساندة.
ولا شك أن دعم الموقف اليمني والجبهة اليمنية يصب مباشرة في دعم غزة ومعركة طوفان الأقصى، ويصب في خدمة القضية الفلسطينية بشكل عام، وأن خذلان اليمن هو خذلان لغزة ولفلسطين.
{فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2].