السلفية التي نريد..!

06 أبريل 2016 23:25
السلفية التي نريد..!

د. عادل رفوش

هوية بريس – الأربعاء 06 أبريل 2016

السلفية هي المدخل الأوحد والمنهج الأقوم لفهم الإسلام؛ لأنها ترسم الخطوط ولا تخالف القواعد بل تدل على كل جميل؛ وكل من أقر بالإسلام كتاباً وسنةً وصحابةً، نَظراً وعملاً؛ فهو السلفي وهو السني وهو المسلم وهم أهل السنة وهم السلفية وهم المسلمون؛ فرداً أو جماعةً، عالماً أو حركةً، حِقْبةً أو جِهَةً، حِزْباً أو دَوْلَةً..

ولهم من الولاء والتزكية بقدر ما يلتزمون بذلك الأصل؛ ولهم من النقد بقدر ما يخالفونه…

ولا اعتبار هنا بما ادعي حولها أو فُعِل باسمها؛ من تمييع أو تبديع أو تفزيع…

فجميعنا تحت معيار عدل ميزانها موزونون لا وازنين…

ومن تأمل العصر الحديث في هذا القرن الأخير؛ علم كم كان للسلفية وبالأخص في حقبة الشيخ رشيد رضا والحسن البنّا في المشرق، والشيخ بلعربي العلوي والشيخ علال الفاسي في المغرب، والإبراهيمي وابن باديس في الجزائر ..؛

أيقنَ كم كان للدعوة السلفية من أثر في حفظ الهوية الإسلامية والتوحيد الخالص والوحدة الإيمانية والسنة النبوية واللغة العربية والترابط باسم كلمة الله العليا؛ والتنادي بنصرتها أمام كل التحديات؛ كالاستعمار والخرافة والشرك والبدع والجهل والاستبداد والتفسخ الأخلاقي…

فهذه السبعة هي أمهات الفساد في زماننا وفي كل زمان…

وقد كانت الحركة السلفية هي يد المقاومة و المجاهدة لكل تلك الظواهر المنكرة لا يمتري في ذلك منصف ولا يبخسها حقها إلا حاقد أو مُغيَّب ؛

قبل أن تمتد يد الشنآن للحركة السلفية فتستغل الأحداث الكبرى؛ منذ سقوط الخلافة العثمانية لتفتيتها إلى جماعات كما فتتت الأمة إلى دويلات…

ولذلك فأصدق توصيف للسلفية أنها حافظت للأمة على صِمَام أمانها من الانحرافات.

أما وقد تلبس بها من حرفها عن أصولها؛ فبث بها الفرقة والبغضاء فأطفأ الشموع وأبطل الخشوع، ونشر بها الدروع أو الخنوع، وطمس بها وكتم وجَبُن وتأخر؛ فإنه صار الواجب الرجوع إلى اسم الإسلام: “هو سماكم المسلمين” لأنه أصدق، وإلى اسم أهل السنة والجماعة لأنه أوثق وأوفق..

وهذا هو واقع علمائنا وفضلاء أئمتنا؛ كالألباني وابن باز وكنون وابن عدود رحمهم الله تعالى؛ فإنك لا تجدهم متحزبين ولا متعصبين؛ وتجد فكرهم قد تبلور بداعي الدليل؛ فانعكست فيه رؤىًٰ متعددة سلفية إخوانية صوفية تبليغية ونحو ذلك؛ وليس كما يتصور بعض الفضلاء أن هذا تخليط أو تلوين!!! ولكن بمعنى: “الحكمة ضالة المؤمن”؛ وأنهم فوق كل الانتماءات الضيقة التي تحجم نفعهم للأمة؛ وإحسانهم إليها لأنهم يقومون مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان شعاره: “أمتي أمتي“.

اللهم هذا عني وهذا عمن لم يضح من أمتي”.

وليس أنا قرشي أو مهاجري أو أنصاري؛ فهذه من نتانة الجاهلية التي أنكرها صلوات ربي وسلامه عليه؛

إذا فورثته من العلماء الربانيين لم يكونوا يتعصبون لطيف، ولا يغلبون جانباً عن جانِبٍ؛ بل هم متبعون للدليل مستفيدون من الجميع؛ ناظرين إلى هذه التنظيمات كمدارس علمية كالمدارس الفقهية والنحوية أو المذاهب الأصولية والحديثية؛ لفهم الإسلام والعمل به والدعوة إليه؛ ومهما قبلوهم فليس ظاهريهم كمالكيهم ولا ضعيفهم كشاذهم؛ ولا الحافظ الجليل ابن حزم كالحافظ الإمام ابن عبد البر؛ ومع ذلك فقد عاشا أخوين وربما درأ أبو عمر عن أبي محمد كثيراً من البغي وحماه من أذىً كثيرٍ…

فهم مراجع للجميع وناصحون للجميع ومستفيدون من الجميع؛ ويحددون خطوطاً لما يحتمل الخلاف، ويجعلون في المدى خطين للخلل الذي لا يقبل إفراطاً أو تفريطاً بابتداع أو معصية أو شرك؛ بل ويضعون أنفسهم هم أيضاً في مرمى المحاسبة والمراجعة والمراقبة والمقاربة؛ فإن العلماء على جلالة أقدارهم ورفيع منزلتهم؛ غير أنهم لا براءة لهم من الوحل والزلل والخطل؛ فقد تفتنه دنيا أو تفوته حكمة أو تضيق عليه فكرة أو تغلبه سلطة أو تغرة تصفيقة؛ وإن كانت العدالة أصلهم والصدق منوطاً بجماعاتهم؛ فَيُقَوِّم العالِمُ العالمَ وتنصح المدرسةُ المدرسةَ؛ فيتكاملون ويتناصحون ويتعاذرون..

وهم في كل ذلك معتصمون برسالة النبوة في حماية الدين: “ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين”.

بالتصدي لثلاثتهم لا بالاقتصار على مواطنٍ جاهل وغض الطرف عن رئيسٍ غالٍ أو ذي جاهٍ مُبطلٍ؛ بل {يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله}.

ويبقى اختلافهم فيما لا يخل باعتصامهم ثراءً وسَعةً؛ لأن الأمة لن تستغني عن هذا الخلاف المحمود وهذا التنوع المطلوب؛ لأنه يحقق التقييم الذاتي ويكفل التخصص الإيجابي بحيث تستوعب كل الثغور وتحرس كل المواقع؛ بشرط أن لا تنقل الاجتهادات الخاصة والتي تحتمل الخطأ إلى عوام المسلمين وأن لا تجمع العامة إلا على المتيقن الغالب الراجح؛ وإن لا حصل التحزب والتناحر والتنافي؛ وهذا هو الأخطر والأمرّ..

لأنه يهدم رابطة “واعتصموا بحبل الله جميعاً“؛

ويخرق تمثل المؤمنين في الجسد الواحد تواددًا وتراحماً…

وينقض عروة “إنما المؤمنون إخوة” أي لا يكونون إلا متآخين وأن ذلك من مقتضيات الإيمان؛ وأن التناحر إنما هو لغير المؤمنين ومع غير المؤمنين؛

ومهما حدث فليكونوا إخوة بالدِّين كالنسب أو أشد؛

وأن ليس من موقف أمام طوارئ التشنج وسوء التفاهم إلا الخضوع لقطعية “فأصلحوا بين أخويكم”

فلا قطيعَة مع قطْعيتها؛ وأن الأخوة ملزمة في الوفاق وفي الشقاق؛ ومن أبى إلا الشقاق أو استروح -عياذا بالله- لنفاقٍ؛ فإنه هو الجاني الباغي؛ فننحاز جميعا للمظلوم ضد الظالم ونناصره على المعتدي حتى يفيء إلى أمر الله؛

{فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين}.

﴿إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون﴾.

فليس في سلفية القرآن وسنة العدنان وعتيق الإيمان إلا الأخوة والإصلاح والتراحم…

وما عدا ذلك فهو من جنس البدع التي أنكرها السلف، ومن قبيل المخالفات التي تضعف الاعتصام بحبل الله؛ ومن بوابة المنكرات التي تفتح الانحراف العلمي والعملي والعقدي… فوجب إنكارها وإصلاح الأحوال لتفاديها كما تصلح كل الانحرافات عند الأفراد وعند الجماعات ..

وقد جعل الله لكل شيء قدراً…

والله ولي التوفيق، وهو سبحانه تعالى أعلى وأعلم.

آخر اﻷخبار
8 تعليقات
  1. شكرا فقد فهمة الرسالة(نتفق في ما إتفقتا عليه ويعذر بعضنا بعضا في ما إختلفنا فيه).ا
    والله يا د.عادل بيننا وبين الحزبيين(أدعياء السلفية) وجميع الفرق الضالة من وغ إخوان وصوفية…كتب السلف.
    لا تنازل، لا تراجع، لا مداهنة،دعوة للحق ونصح للخلق.
    آه نسيت ذكرتا جبلان من أهل السنة ذاك الحجازي الرباني وذاك الألباني الرباني،تبرؤو من جميع الفرق وأخرجوها من دائرة السنية والجماعة.
    ومن فضلك لا تلمز في حكام المسلمين،فتلك سلفيتك لا نريدها.

    1. رجاء من الأخ الطنجي نسبة ان يعيد قراءة المقال وقراءته جيدا فاني اعتقد انه لم يفهم مضمونه او انه قرأه بخلفية معينة حالت دونه وفهم مراد الكاتب
      واصل د. عادل مقالك علمي رصين لو كانوا يفقهون

  2. والله الذي لا اله غيره سيكونوا ذلك العلم الذي تحمل وتخالفه حجة عليك الم تتب الى ربك يا عادل رفوش
    انا اعلم علم اليقين أن المغراوي وأتباعه (اقصد الدعاة الذين يخصلون على خلصة شهرية أو المتطوعين) يعلمون منهج السلف النقي الطاهر ولكن للأسف يتعمدون مخالفته لاغراض تعود عليهم الله أعلم بها (قد تكون فتح دور القرآن)
    هل فيكم عاقل واحد يا أتباع المغراوي يستفق من سباته ويتبرأ من مخالفته لمنهج السلف الصالح ثم ينصح اخوانه من اتباع المغراوي أو المغرواي نفسه من التبرأ من مخالفتهم لمنهج السلف الصالح والتبرأ ممن يخالفه ويدعوا لمخالفته كدعاة الخراب العربي وغيرهم ويحذرون الناس الاستماع اليهم ألا أن يتوبوا؟
    بالله عليكم يا هل منهج السلف يقول (نتفق في…) ويمدح المخالفين لمنهج السلف الصالح
    ولهذا والله أنتم أخطر من الاخوان المسلمين لأنكم تعلمون الحق وتتعمدون مخالفته

  3. اخواني التعاون مع أهل البدع يضر بالاسلام والمسلمين
    أذا كنتم تحاربون الارهاب والضلالات فينبغي عليكم ايضا ان تحاربوا اهلها ةتحذروا منه
    لا ان تحاربوا الارهاب والضلالات وفي المقابل ندلوا الناس والشباب على اهلها بدعوة (نجتمع في ما اتفقنا عليه…)
    لا أن تحذروا من منازعة ولاة الامور وفي وتنصحوا بالسمع والطاعة لهم في غير معصية الله وفي المقابل تدلوا الشباب على أبي اسحاق الحويني وحسان ويعقوب وغيرهم من دعاة الخراب العربي
    لا ان تحاربوا التكفير وفي المقابل تقولوا بان أبا اسحاق الحويني وحسان والقرني وغيرهم ليسوا تكفريين بل هم سلفيون
    إلخ…
    هذه مصيبة ما بعدها مصيبة وهذه هي السرورية بعينها هل علمت يا محمد وعادل وقباج ويا محمد ويا عبد العزيز ويا فلان وفلان
    بالله عليكم كم ستعيشون؟
    وهل الدنيا الفانية عندكم افضل من الآخرة الباقية؟
    راجعو أنفسكم قبل فوات الآوان.

  4. اي ان حسن البنا كان سلفيا ؟
    سبحان الله
    اه كان سلفيا صوفيا حصافيا
    حسبنا الله ونعم الوكيل

  5. كَتَبَ الإمام يوسف بن الحسين الرازي (ت304هـ) إِلَى الجُنَيْد مذكرا: لاَ أَذَاقَكَ اللهُ طعم نَفْسك، فَإِنْ ذُقْتَهَا لاَ تُفْلِح.
    الدكتور عادل يريد، والدكتور الرضواني يريد، والدكتور ربيع يريد، والاخوان يريدون، والصوفية يريدون، والبغدادي يريد.
    فاين تحقيق مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم مما يريد هؤلاء وغيرهم.
    انه زمان اعجاب كل ذي راي برأيه… نسأل السلامة والعافية.

  6. هذه هي السلفية التي يريدها هذا الأستاذ غفر الله له بحيث تتسع للإخوان والصوفية والشيعة تتسع لحسن البنا الإخواني والسيد قطب وشيخه ولد ددو الأشعري التيجاني هذه هي السلفية التي يريدها رفوش تشمل أبو حفص رفيقي التكفيري سابقا الشيعي لاحقا في المقابل يتم التنقيص و إسقاط كل رموز الدعوة السلفية في المشرق والمغرب لكن هيهات هيهات تمت التعرية وكشف القناع وفشل المخطط .

  7. حفظ الله شيخا الدكتور عادل على هذا المقال القيم، فقد قوم فيه اعوجاج الدعوة السلفية في عصرنا، خاصة في منهجية التعامل مع المخالفين. لا يزال بعض الاخوان السلفيين يستعملون منهج الاسقاط الحرفي لمواقف السلف في معاملة المخالفين في زمننا رغم تغير حال الفرد المسلم. إن ما تفضل به الدكتور عادل هو علاج لجرح كبير في الدعوة السلفية اليوم. أرى أن ما يقوم به الشيخ عادل والشيخ حماد قباج من تصحيح الافكار الرائجة في صفوف السلفيين حتمي ولابد منه، فقد رأينا وسمعنا وقرأنا ما يكفي من التعصب والتنطع والتقليد للأشخاص والأفكار لحد الولاء والبراء والتسفيه والتبديع والتكفير. وهذا ان استمر فنتائجه معروفة؛ القطيعة والهجر والهرج والمرج.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M