الشباب ومسألة الحرية

الشباب ومسألة الحرية
هوية بريس – ابراهيم الناية
في البداية أبادر إلى طرح السؤال الآتي :هل هناك من مبرر يربط موضوع الحرية بالشباب باعتبار أن الحرية هي أمل كل الناس في أن يعيشوا أحرارا .بينما فترة الشباب مرحلة عمرية من حياة الإنسان يسودها التوثب والحماسة والإنفعال أحيانا؟ فهل يقتضي الأمر أن نعرف كيف نحافظ ونستثمر طاقة الشباب من خلال التعليم والتربية لكي لا يقع في التهور والضياع ؟ إن كلمة الحرية محبوبة عند كثير من الناس، وعادة ما تهتف الجماهير أحيانا :حرية – حرية بل يضحي بعض هذه الجماهير من أجل تحقيقها وقد راهنت كثير من الشعوب عليها سيما التي كانت تعيش وطأة الاحتلال أو تحت نير الظلم والاستبداد والعبودية لكن عندما نسأل الكثير من هؤلاء الذين ينادون بالحرية ماذا نعني بالحرية؟ وهل هناك معنى واحد للحرية أو معاني متعددة تختلف باختلاف المنظومات المرجعية وباختلاف المذاهب والأنساق الفكرية؟ فقد لا نجد جوابا شافيا ،فكل الكائنات الحية تريد أن تحيا طليقة ولا تطيق الحصار أو الظلام ،فهي تريد أن تعيش في عالم فسيح فهل بالإمكان أن يتحقق هذا المراد؟ وهل كل ما يريده المرء يدركه ؟ صحيح إن الإنسان ولد حرا : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ،ولذلك إن الحرية من الحقوق الأساسية للإنسان بل إن ما ينعم به من كمال إنسانيته مرهون بما ينعم به من حرية ولذلك كيف يمكن للإنسان أن يشعر بحضوره الإجتماعي وهو لا يتمتع بحقوقه وحريته ؟ بل لا يمكن للنهضة أن تتحقق في مجتمع يسوده القمع والاستبداد وتنعدم فيه كرامة الإنسان ولذلك يرى الكثير أن الحرية هي الدافع للتحرر من العبودية والاستعمار ومن الاستبداد والهيمنة والاسترقاق والبحث عن الحقوق السياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن يجب الإقرار أن الإنسان ولد حرا لكنه هو الذي يختار طريق الحرية أو طريق العبودية غير أننا قد نجد البعض يبحث عن المبررات فجون جاك روسو يقول “ان الإنسان ولد حرا لكنه مقيد بالسلاسل والأغلال في كل مكان” ولعله يقصد الأوضاع الاجتماعية المختلفة لكن مسؤولية الإنسان لا يمكن تغييبها في البحث عن حريته، فهل الحرية هي اتباع هو النفس؟ أم أن الحرية مبدأ والتزام؟ وما الغاية من الحرية؟ وما الفرق بين الحرية في التصور الإسلامي والحرية في الفكر الغربي؟ وما هي الأجواء التي يمكن أن تمارس فيها الحرية؟ ثم أية حرية يتحدث عنها الشباب؟ هل الحرية التي تدعو إلى تحرر الشعوب لكي تمارس حقوقها كاملة في التفاعل مع قيمها والاستفادة من ثروات بلادها وأن تتمتع بالعدل والمساواة؟ أم الحرية التي تدعو إلى الانبطاح والميوعة والتحلل الأخلاقي؟ وبالواضح: أية حرية يتحدث عنها الشباب ويطالب بتحقيقها في مجتمعات التفاهة والضحالة؟ هل الحرية التي تهدف إلى الانخراط في بناء الوطن؟ باعتبار الشباب طاقة هائلة مندفعة؟ أم الحرية التي تسعى إلى الانخراط في الرذيلة والميوعة وبقية المفاسد الأخرى؟ وما هي أهداف الشباب؟ هل هي عملية الإشباع الجسدي وعبادة الأشياء؟ أم أن هدف الشباب هو التسلح بالعلم والمعرفة والأخلاق الفاضلة من أجل خدمة البلاد والمجتمع؟ لكن أي الاتجاهين ينسجم مع طبيعة خلق الإنسان؟ هل الاتجاه الذي يدعو إلى التنصل من القيم والفضيلة والانخراط في عالم الرذيلة؟ أم الاتجاه الذي يتبنى ثقافة المسؤولية والقيم والبناء والتحرر؟ وهناك سؤال أساسي: هل عندما يطلق الإنسان العنان لنزواته ليصبح عبدًا طيعًا لها ألا يعد هذا نوعًا من العبودية مناقضًا لمبدأ الحرية؟ عندما يسمع الإنسان لفظ الحرية فهو يريد أن يتحرر من كل القيود وكذا كل المخلوقات تريد ذلك ومن ثم إن الحرية من الحقوق الأساسية للإنسان كحق العرض والكرامة الإنسانية بل هي فطرة الإنسانية ولذلك فهي نعمة عظيمة من الله تعالى فقد قال علي بن أبي طالب لِابنِهِ ” لَا تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَقَدْ خَلَقَكَ اللَّهُ حُرًّا ” ولذلك إن الحرية هي الخروج من رق الكائنات ليتحرر الجسم والروح وليتحرر الإنسان من الأوهام والخرافات ومن التصورات الباطلة فالذين حاربوا الاستعمار رفضوا البقاء تحت ظل الرق والعبودية فكان هدفهم هو تحقيق إنسانية الإنسان ،ولذلك فالحرية عبر التاريخ كانت في تناقض مع العبودية ،وللأسف إن العبودية الحديثة فاقت كل أنماط العبودية القديمة فلا زال الأقوياء يتغذون بالضعفاء ويهيمنون على خيرات بلادهم ولذلك قرر البعض أن الحرية الحقيقية هي الخروج من عبودية الإنسان إلى عبودية الله، ومن ثم شكلت الحرية صراعا محتدما بين المذاهب الفكرية والتصورات، وإذا كنا نرى في مجتمعاتنا تصادما بين مفهوم الحرية في التصور الإسلامي وبين مفهوم الحرية في الفكر الغربي فالفكر الغربي يرى أن الإنسان حر في قضاء حوائجه وشهواته ولا يمنعه مانع من تحقيق إرادته واختياره ،ولذلك يرى الكثير من أتباع الفكر الغربي أن الحرية هي رفض الأخلاق والقيم والدين والوقوع تحت سيطرة أهواء النفس وفتح الباب لكل رغباتها بدون قيد ولا شرط ولكن ألا يعد هذا نوعا من العبودية جعل الإنسان مستلب الإرادة وواقعا تحت ضغط أهواء النفس حيث أصبحت تفعل به ما تريد ؟ وكان وراء سلوك الغرب هذا المسلك هو تلك الأفعال الشنيعة التي مارستها الكنيسة وما خلفته من آثار على نفسية الناس خصوصا تلك المظالم وذلك القمع الفكري والجسدي الذي لحق بالكثير مما ترتب عنه نفور الكثرة من الكنيسة والمناداة بالثورة عليها وعلى كل رموزها وبذلك نادى الكثير بالحرية المطلقة ،وخاصة عندما نشأت اتجاهات في الفلسفة الوجودية تنادي بعدم الإنصات إلى منطق القيم وكأن الحرية أصبحت مشكلة الإنسان في صراعه مع المسيحية ومبادئها فبعد أن كانت مجرد حوار بين الإنسان والطبيعة أو بين الإنسان والمجتمع. لكن هل الحرية هي أن أفعل ما أشاء ساعة اريد؟ أي هل الحرية هي وضع الحبل على الغارب والذهاب حيث ما اتفق دون ضوابط أو قوانين؟ بمعنى هل الحرية هي الفوضى والخروج عن المألوف أو ما يمكن أن نطلق عليه الحرية المطلقة؟ إن الحرية المطلقة هي إطلاق العنان للشهوات والنزوات وعدم التقيد بأي قيم أو أخلاق، أي رفض كل انضباط في الحياة مما يجعل الإنسان يقع تحت جبرية الغرائز والشهوات الأمر الذي يجعل من الإنسان بهيمة لأن البهائم هي التي لا تعرف الخطوط الحمراء في حياتها .ولكن ألا يتناقض هذا الفهم مع غاية الحرية التي تهدف إلى تحرير الإنسان من العبودية للبشر والأشياء ومن النزوات والشهوات وسيطرة الجسد؟ لكن ألم يقع الغرب في الإزدواجية؟ فهو يسمح باسم الحرية الشخصية في أن يعيش الإنسان كيف يشاء ويمارس الشذوذ الجنسي ويجيز الطعن في معتقدات الإسلام بحجة التعبير عن الرأي ولكنه لا يسمح للنساء المسلمات بارتداء الحجاب بل إن الصهيونية المحتلة لأرض فلسطين هي تفكير غربي خالص. والأدهى من ذلك أن جل الحركات الاستعمارية والعنصرية هي وليدة هذا الفكر ،فأين الحرية التي يتحدث عنها الغرب؟ إن هذا التصور الغربي للحرية يخالف تماماً التصور الإسلامي للحرية لأنه يقوم على التحرر من كل قيد إيماني وخلقي، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو : ما هي النتيجة المباشرة لهذه الممارسات والسلوكات التي يدعو إليها الفكر الغربي في واقع حياة الإنسان؟ وللجواب عن هذا السؤال ينبغي أن نعرف غاية الحرية وأهميتها وهدفها : إن هدف الحرية هو تحقيق العدل والإنصاف للمظلومين وتخليصهم من الجور والقضاء على الحيف والتفاوت الطبقي والاعتراف للإنسان بالكرامة ،ولذلك تهدف الحرية إلى أداء جميع الحقوق الإنسانية بل إن الحرية تساعد الإنسان أن يلعب الأدوار الطلائعية لأنها تعمل على ترقية الإنسان علميا وفكريا ونفسيا فيتسع أفقه وتسمو أفكاره وتوفر للإنسان المتسع ليوظف كل مداركه وطاقاته. أما العبودية فهي تشل كفاءة الإنسان ومؤهلاته ،ولذلك حاول الإسلام إزالة الرق والقضاء على العبودية لأنها تتناقض مع كرامة الإنسان (ولقد كرمنا بني آدم …)ولذلك سعى الإسلام إلى رفع راية الحرية والقضاء على العبودية وحرص على عتق العبيد والإماء بمختلف الطرق ولذلك كان هدفه الرسل والأنبياء هو تحرير الإنسان من الظلم والاستبداد حتى يتحرر من عبودية البشر إلى عبودية الله تعالى فالذين ينشرون الرذيلة والخلاعة تحت عنوان الحرية فهؤلاء عبيد لمخططات هدفها هو تخريب المجتمعات من الداخل لتسهل السيطرة عليها، ولذلك يمكن أن نوجه السؤال إلى دعاة الفكر الغربي: كيف يمكن أن نزاوج بين الدعوة إلى الحرية والتحرر والمناداة بحقوق الإنسان وفي الآن ذاته ممارسة الاحتلال والاستعمار والعبودية والاستغلال؟
إذا كان الأمر هكذا فما هو مفهوم الحرية في التصوّر الإسلامي؟ ينطلق التصوّر الإسلامي من فكرة مؤدّاها: أنا حر عندما أعلن عبودية لله لأنني تحرّرت من كل ما يسلبني إرادتي من العوارض والأشياء الفانية ،وعلى هذا الأساس إن العبودية لله هي الحرية، فالشخص الذي لا يرضى العبودية لله سيضطر إلى قبول عبودية الإنسان أو يكون عبد لهواه ولذلك قال ربعي ابن عامر ” نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ” فالإنسان لا بد أن يكون عابداً إما أن يكون عابداً لله وإما أن يكون عابداً لشيء آخر ،فكم من شخص يعتقد أنه حر وهو غارق في العبودية والسقوط حتى النخاع ،ولذلك إن العبودية لله هي التي توسع إطار حرية العباد ولذلك يرى أحد المفكرين الإسلاميين ج” إن الحرية هي إخلاص العبودية لله ،وكلما ازداد الإنسان إخلاصاً في العبودية ازداد تحرراً من كل مخلوقات الطبيعة” فالناس ولدوا احراراً ولذلك فهم يختارون سلوكاتهم وفق نظام عقائدي متوازن بين الفرد والجماعة: بلا ضرر ولا ضرار، وبلا إفراط ولا تفريط. ولذلك لا ينبغي للإنسان باسم الحرية أن يسيئ إلى الآخرين ويجرح مشاعرهم فللإنسان الحق في التعبير لكنه لا يحق له أن يمس كرامة الآخرين أو تحقير معتقداتهم والنيل من إنسانيتهم لأن الحرية مبدأ ومسئولية والتزام ولذلك إن السقوط الأخلاقي والدعوة إليه لا يعد حرية على الإطلاق فالحرية مرتبطة بالقيم والمبادئ وبالمسئولية وبناء الذات. إن العالم اليوم يرزح تحت نير الاستعباد والعبودية، والشباب يملأ الدنيا ضجيجاً متحدثاً عن الحرية، فأي حرية يريدها الشباب ويتحدث عنها؟ هل الحرية التي سطرها الفكر الغربي أم الحرية التي وضعها التصور الإسلامي؟ إن الشباب هو الخزان الاستراتيجي لكل أمة ولذلك ينبغي الاعتناء به وتربيته وتثقيفه وتحصينه وأن لا يترك عرضة للإيديولوجيات الاستيلابية ووسائل الاعلام المغرضة لتفتك به وتفترسه بتقديم الوجبات المسمومة على أنها تقدم وحرية وانفتاح، وكل تفريط في ذلك هو تفريط في مستقبل الأمة، فشباب اليوم هم رجال الغد وللعلم إن بعض الشباب يحب الإنفلات من القيود ولا يريد أن تكون عليه رقابة وهذا لا يتحقق إلا إذا كان يعيش في مكان خال من البشر وعليه أن يلتفت إلى القول المشهور إن حريتك تنتهي عندما تمس حرية الآخرين، لكن هل الشباب المنهمك في تحقيق الملذات والإشباع البيولوجي وليس له دور في تحقيق التحرر والبناء هل يمكن أن تعلق عليه آمال الشعوب الضعيفة التي تحلم بالحرية والاستقلال وإثبات الذات؟ سيما وقد خطط الغرب الاستعماري من أجل السيطرة على البلدان والعمل على تخريب شبابها من الداخل وهكذا أصبحنا نرى في واقع حياتنا شبابا تائها فقد البوصلة فهو كثير الإنفعال والتنطع وادعاء المعرفة والنظر إلى الآخرين بالنقص والدونية ويعتبر نفسه ملما بكل شيء وكان الأجدر به أن يقف وقفة تأمل ولو مرة واحدة في عمره من أجل مراجعة ما كان عليه وقد ذهب ديكارت: أن الشخص الذي يسير ببطء ولكنه يسير في خط مستقيم قد يسبق الشخص الذي يسير بسرعة ولكنه لا يسير في خط مستقيم، وهكذا نجد شبابا قليل التجربة الحياتية وقليل الإطلاع المعرفي وفي الآن ذاته يتخذ قرارات صعبة في حياته قد تعود عليه بكثير من المآسي. والسؤال كيف يمكن للإنسان أن يتخذ قرارات صعبة مرتبطة بحياته وتنقصه الخبرة المعرفية والحياتية؟ ألم يقل الغزالي رحمه الله:( إن الشخص الذي حنكته التجارب وهذبته المذاهب يقال بأنه عاقل في العادة) وهكذا نرى بعض الشباب وتحت يافطة الحرية والتغيير يرتكب أخطاء فظيعة وحماقات وتهورات تجعله يدخل في نفق ولا يستفيق منه إلا بعد أن يكون قد انهار كل شيء، ولذلك على الشباب أن يفكر جيدا قبل أن يتخذ القرار كما يقول سارتر : (إن لكل إنسان أن يقود أفكاره شريطة أن يفكر) ومن ثم إن الشباب في الفترة العمرية الأولى عليه أن يكون كثير الإطلاع والقراءة وأن لا يكون كثير إصدار الأحكام التي تقتضي الإطلاع الواسع. وهكذا ينبغي أن يتعلم الشباب كيف يعبر عن رأيه ومواقفه بدون تهور أو اندفاع وبكل حرية، الأمر الذي يتطلب أن يكون ملما بأسلوب الحوار والإقناع ومتبني أسلوب الأخلاق والمنطق لأن الإنسان لا يمكن أن ينجح في حياته وهو يفكر بعقلية الفشل. إن الوضع التي تعيشها مجتمعاتنا تتطلب من الشباب أن يكون شبابا رساليا حاملا لأهداف نبيلة حضارية حتى يستطيع
مواجهة ما يسود المجتمع من موجات إلحادية وأخلاق مبتذلة .ان التنكر للمبادئ الأخلاقية هو ناشئ عن فراغ معرفي وترهل في الشخصية ولذلك على الشباب أن يتسلح بالعلم والمعرفة وبالأخلاق الفاضلة فلا يمكن للأمة أن تنهض بالمجون والرقص وعبادة الشهوات. فالشباب الذي انعدمت شخصيته لأن قناعته الفكرية منعدمة أصلا وأصبح تائها بين وسائل الإعلام. إن تكوين الشباب بالثقافة البانية أمر ضروري لأن الشباب طاقة حيوية وبذلك يتعين تسخيرها في خدمة الفضيلة والخير ولا ينبغي استثمارها في الدعوة إلى الشر والإنحلال واعتناق ثقافة التفاهة والإضمحلال. إن فاعلية الشباب ينبغي أن تكون نحو الإيجابية وليس تحقيقا للسلبية في أبخس مظاهرها إن الإنسان ينتمي إلى عالم المبادئ والقيم ولا ينتمي إلى العرق أو القبيلة أو يتخذ العنصرية عنوانا له إن مثل هذه التصورات هي التي تجعل الشباب يسقط في الهاوية فكيف يمكن أن يقضي الإنسان أطول فترة من عمره في التفاهة وعندما يقترب من الأجل المحتوم يتفطن أن ما كان يعيش عليه من أفكار وتصورات بمثابة تفاهة وضحالة؟، فما قيمة ما قضاه من العمر؟ فلقد قضى زاهر العمر في العبث وكان عليه أن يفكر قبل اتخاذ القرار إن أي فكرة إذا أردت إدراك حقيقتها فانظر إلى آثارها على حياة الإنسان وواقعه النفسي والسلوكي، فأفضل الطرق بأفضل النتائج فما هي النتيجة التي توصل إليها بعض الشباب بعد اعتناقهم بعض التصورات المشؤومة؟ ولذلك لا يمكن ترك الشباب بدون مضمون فكري فلابد من تكوينه تكوينا علميا حتى يمكن تحصينه من أن يتسرب إلى ذهنه كثيرا من نظريات الوهم، فما هي الوسائل التي يتعين الاعتماد عليها من أجل تجنب وقوع الشباب في المتهات؟ قبل الجواب ينبغي التأكيد على مسألة أساسية وهي أن بناء الأوطان يستلزم بناء الإنسان بناءه فكريا ونفسيا وسلوكيا وجسديا وما ثبت في التاريخ أن مسيرة تاريخية تزعمها المنحلون أخلاقيا أو الشواذ الذين يدعون إلى ممارسة الرذائل فهؤلاء إنما يريدون الارتماء بالأمة في أحضان التبعية والجهل والتخلف، ولذلك لابد للشباب من حاضنتين مهمتين م وأساسيتين؟ الأسرة والمدرسة. فالمجتمعات التي همشت دور الأسرة تحت طائلة توجهات اديولوجية معينة ساهمت في إنشاء جيل لا علاقة له بالوطن والإنسانية بل أصبح يعيش تائها على وجهه منهمك في عبادة نفسه والأشياء أما برامج المدرسة فينبغي أن تسعى جاهدة إلى تكوين الإنسان الصالح الذي يخدم وطنه وأمته ولا ينبغي أن تهدف تلك البرامج إلى تكوين جيل مائع وتافه هدفه في الحياة هو الإشباع الجسدي. وللإشارة إلى أن ما تقدمه بعض وسائل الإعلام من تفاهة وضحالة وبرامج همها الأكبر هو إسقاط الشباب وجعله يعيش حياة التعاسة والانتكاسة لهي خدمة مجانية للاتجاهات المتصهينة التي تهدف إلى تخريب المجتمع والتنكر لتاريخه وهويته.


