الشحرور يوسف أبو عواد: المسلمون هم اليهود!!

19 أبريل 2025 22:49

هوية بريس – د.سامي عامري

العبث بالمصطلحات القرآنية مقدّمة ضرورية لأي مشروع انسلاخي، وهو المرحلة الأولى في الترويج لما يُسمّى بـ”المشروع الإبراهيمي”.

فبعدما تمّ التلاعب بدلالات كلمتي الإسلام والإيمان، وتجريدهما من مفهوم توحيد العبادة لتحويلهما إلى مجرّد خضوع لقوانين فيزيائية واجتماعية، انتقل العبث إلى مصطلحي “يهود” و**”نصارى”**.

نصراني:

يقول أبو عواد إن “نصراني” مشتق من “نصران”، من الجذر “نصر”، وزُيدت فيه الألف والنون للدلالة على المبالغة في النصرة، سواء لشخص أو لفكرة. ثم يضيف ما معناه:

“كثيرون في عالم المسلمين يقولون: أنا ناصر للنبي، ومعزّر للولي، وللصحابة، حتى يصبح ذلك غلوًا في التدين يخرج به صاحبه عن المسار المطلوب، ويُصبح نصرانيًّا.”

قلتُ: هذا تفسير مُصطنع لا أصل له. فكلمة “نصراني” مصطلح تاريخي موثّق منذ القرن الأول الميلادي، وكانت تُطلق على طائفة بعينها.
جاء في سفر أعمال الرسل 24:5:

“وَجَدْنَا هذا الرَّجُلَ مُفْسِدًا يُثِيْرُ الفِتَنَ بين اليهودِ في العالم كُلِّهِ، وزعيمًا على شيعةِ النَّصارى Ναζωραίων” (الترجمة المشتركة).

كما ورد في التلمود البابلي، تعنیت 27ب:

בְּאֶחָד בְּשַׁבָּת מַאי טַעְמָא לָא? אָמַר רַבִּי יוֹחָנָן: מִפְּנֵי הַנּוֹצְרִים
“لماذا لا يصومون يوم الأحد؟ قال الرابي يوحانان: بسبب النصارى (النوصريم).”

يهودي:

قال أبو عواد إن “يهودي” مأخوذ من الفعل “هاد” أي “عاد”، وأنه بإضافة الياء، ينقلب المعنى ليصبح “من أغلق على نفسه وانطوى وترك الرجوع والتفكير والإنابة”.

قلتُ: هذا تعسّف لغوي.

“يَهودي” هو النسبة إلى “يهوذا” (יְהוּדָה)، وهو اسم أحد أبناء يعقوب، وأصل مملكة يهوذا التي كوّنت لاحقًا الهويّة اليهودية. فالمصطلح في أصله نسبي–جغرافي–قومي، ثم تحوّل تدريجيًا إلى دلالة دينية.

انظر مثلاً:
سفر إستير 5/ 13: “وَكُلُّ هذَا لاَ يُسَاوِي عِنْدِي شَيْئًا كُلَّمَا أَرَى مُرْدَخَايَ الْيَهُودِيَّ [هيهودي הַיְּהוּדִ֔י] جَالِسًا فِي بَابِ الْمَلِكِ”
إرمياء 1/44: “اَلْكَلِمَةُ الَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ جِهَةِ كُلِّ الْيَهُودِ [هيهوديم הַיְּהוּדִים] السَّاكِنِينَ فِي أَرْضِ مِصْرَ”.

وحتّى لو و افترضنا أن الجذر هو “هاد”، فهذا لا يُلغي واقع أنّ الكلمة صارت تُطلق على طائفة دينية محدّدة، قبل الإسلام بزمن طويل.

رفع اسم “يهود” و”نصارى” من الخطاب القرآني

محاولة إسقاط هذين المصطلحين واستبدالهما بـ”الملة الإبراهيمية” هي حيلة ذكية، لكنها سخيفة:

ذكية: لأنها تؤدي إلى فوضى عقدية تخدم التسييل الديني والسياسي.

سخيفة: لأن التاريخ، واللغة، والمصادر السابقة للإسلام، لا تسمح بمثل هذا التحريف.

والأدهى من ذلك أن “أبو عواد” يستخدم هذا التأويل ليطعن في الداخل الإسلامي، بل ويُلمح إلى أن الدعاة أنفسهم “يهود” بالمعنى الذي اخترعه.

إن لم تصدّق فاقرأ تتمّة كلام ابي عواد: “ومن تَهَوَّد فصار يهوديًّا، إنْ أَغلق وانطوى على ذاته، وترك حاله، والرُّجوع، والتفكير، والإنابة، أيضًا سيزعم أن هذا الانطواء الذي هو فيه يجعله هو الأفضل، والباقي في النار، طبعًا. ولذلك، هذه الفكرة يُنبنى عليها استحلال الدماء، واستحلال الأموال.

يعني، لما تَذْكُر الحروب الصليبية، شِبْهُ مَن أسَّسها بفكرة مثل هذه. لما تَذْكُر مثلاً الحركة الصهيونية، شِبْهُ مَن أسَّسها بفكرة مثل هذه. ما الذي وَلَّد استحلال دماء الأطفال؟ إسقاطها على أي مجموعة من هذا النوع.

يعني، حتى يمكن إسقاطها على كل من يفعل هذا. أنا أقول لك: حتى الجماعات الإرهابية ذات الطابع السياسي الإسلامي، أو ما يُسمّى “الإسلام السياسي”، نفس الشيء. في تاريخ الإسلام، الجماعات الإرهابية التي زعمت أنها هي طريق الجنة، وأن من يُخالفها في طريق النار، أَلَمْ تفعل هذا؟ وتستبيح الدماء، وتقطع الرقاب، وتفعل الأفعال؟”.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
14°
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء
18°
الأربعاء

كاريكاتير

حديث الصورة