“الشيبانيون” مغربيون بفرنسا وهولندا.. متقاعدون “درجة ثانية” (تقرير)
هوية بريس – وكالات
أفنوا زهرة شبابهم في بناء فرنسا وهولندا، ليجدوا أنفسهم عرضة للضياع وهضم حقوقهم، بعدما بلغوا من العمر عتيا واشتعل الرأس شيبا، ذلك هو حال المتقاعدين من أصل مغربي.
المتقاعدون المغاربة يتهمون فرنسا وهولندا بـ”هضم حقوقهم” عبر اقتطاعات من المعاش التقاعدي، إذا اختاروا المكوث خارج البلدين أكثر من 6 أشهر متواصلة.
كما طال التخفيض تعويضات يتامى وأرامل تلك الفئة، كذلك، وسط جهود متواصلة لاستعادة تلك الحقوق.
ورغم أن بعض المتقاعدين يحملون جنسية مزدوجة (مغربية / فرنسية أو هولندية)، لكنهم يعتبرون تلك الاقتطاعات بمثابة التعامل معهم على أنهم “درجة ثانية”.
ـ بداية قصة الحرمان
الأزمة المستمرة كانت قد بدأت منذ سنوات في هولندا، حيث خفضت معاش تقاعد يتامى وأرامل المتقاعدين المغاربة القاطنين في المغرب بنسبة 40 %، خلال يناير من عام 2013.
ورغم أن محكمة أمستردام أصدرت حكما في العام التالي برفض قرار الحكومة، إلا أن الاقتطاعات لم تتوقف، وأخذت أشكالا أخرى.
فأوقفت هولندا معاشات أطفال المتقاعدين القاطنين في المغرب بداية من 2015، وحذف التأمين الصحي أثناء قضاء المتقاعدين عطلات في بلادهم.
ودخلت الحكومة المغربية على خط الأزمة، لتبدأ مفاوضات مع الحكومة الهولندية، أفضت إلى اتفاقية خلال 2016. (ما تزال قيد الدراسة بالبرلمان المغربي).
وقال محمد الزواق مدير نشر موقع يا بلادي (غير حكومي يعنى بقضايا المغتربين)، للأناضول، إن حالات المتقاعدين المغاربة المتضررين بأوروبا كثيرة، خاصة في فرنسا وهولندا.
وأوضح أن الحالة الأولى تشمل المتقاعدين المغاربة الذين شاركوا مع دول أوروبية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تم وقف حقوقهم بشكل نهائي.
أما الحالة الثانية، وفق الزواق، فتتعلق بالمتقاعدين المغاربة الذين عملوا بمناجم الفحم في فرنسا، وسط ظروف قاسية، بشكل موسمي.
أوضح أنهم حرموا جزءا كبيرا من حقوقهم بمرحلة التقاعد، في حال مكثوا نحو 6 أشهر خارج فرنسا، كما حرموا تعويضات السكن في حالة مكثوا 4 أشهر خارج البلاد.
ـ الشيبانيون المغاربة
كما بدأت أزمة المتقاعدين المغاربة بشركة السكك الحديدية في فرنسا منذ سنوات، بعد تقاعدهم عن العمل الذي التحقوا به في سبعينيات القرن الماضي.
واستنفد المتقاعدون المغاربة الذين يطلق عليهم إعلاميا الشيبانيون (مصطلح بالعامية المغربية يعني كبار السن) كل الطرق، فاضطروا إلى اللجوء للقضاء.
وتقدمت جمعية المتقاعدين المغاربة بفرنسا (غير حكومية)، نيابة عن نحو 800 عامل مغربي متقاعد، عام 2012، بشكوى ضد الشركة بسبب “التمييز” ضدهم.
واتهمت الدعوى الشركة بأنها حرمت المتقاعدين المغاربة جملة من الامتيازات المهنية والاجتماعية والحقوقية مقارنة بنظرائهم الفرنسيين والأوروبيين.
وأدانت محكمة الاستئناف بباريس في 2 فبراير الجاري، شركة السكك الحديدية بتهمة “التمييز” في حق هؤلاء المتقاعدين، بعد سنوات في التداول بالمحاكم، غير أن المشكلة ظلت قائمة.
وقال علي لطفي، الناشط الحقوقي، الكاتب العام لنقابة منظمة الديمقراطية للشغل (غير حكومية)، للأناضول، “لا يعقل قيام دول تدعي احترامها لحقوق الإنسان بالإجهاز على حقوق متقاعدين أفنوا شبابهم في بناء فرنسا وأوروبا”.
وأضاف لطفي أن فرنسا وهولندا “تكيل بمكيالين” بخصوص المتقاعدين المغاربة، خصوصا أنهم لا يستفيدون من نفس حقوق متقاعدي هذين البلدين.
وحمل لطفي المسؤولية للحكومتين الهولندية والفرنسية، فضلا عن تحميله المسؤولية للحكومة المغربية التي “لم تدافع” عن مواطنيها.
ـ ما لا يدرك كله
“ما لا يدرك كله، لا يترك كله”.. كان جواب يوسف الغربي، رئيس لجنة الخارجية بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، حول إجراءات الحكومة والبرلمان للدفاع عن حقوق المتقاعدين بهولندا.
وقال إن بروتوكولا بين المغرب وهولندا لا يزال قيد الدراسة بالبرلمان.
ووقع المغرب وهولندا في يونيو 2016 بالرباط، بروتوكول تعديل الاتفاقية العامة للضمان الاجتماعي المبرمة في 14 فبراير 1972.
ويسعى البروتوكول إلى الحفاظ على حقوق المغاربة المستفيدين من التعويضات الاجتماعية الهولندية.
غير أن الغربي قال إن البروتوكول “لم يلب مطالب” المتقاعدين الذين تضرروا من خلال تقليص حقوقهم إذا اختاروا المكوث في المغرب.
فيما انتقد رئيس لجنة الخارجية، الدول الأوروبية التي تعتمد هذه الإجراءات، والتي تحرم المتقاعدين من حقوقهم في حالة استقرارهم في بلدانهم الأصلية أو سفرهم، ومكوثهم لبضعه أشهر.
وتدافع السلطات في هولندا وفرنسا عن موقفيهما باعتبار أن المكوث خارج البلدين لأكثر من 6 أشهر يعني أن المتقاعد أو ورثته اختاروا البقاء في مسقط رأسهم.