الشيخ القزابري: أيُّها الإنْسَانْ!! لا تغادِرْ حقِيقَتكَ فَتَهْلِكْ!!!

19 فبراير 2025 00:28

هوية بريس – الشيخ عمر القزابري

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين..

أحبابي الكرام:

إياك أن تخطىء في تقييم حجم نفسك.. فتعطيها أكبر مِن قدرها.. فهناك أناسٌ يعتقدون أنهم مِحورُ الكون.. وأنَّ مدارَ الأمر عليهم.. وهذه أوهامٌ وأمراضٌ ولوثاتٌ فكرية ونفسية.. مرَدُّها إلى الجهلِ بحقائقِ الأشياء.. والقرءانُ العظيم يُنبهنا في إشاراتٍ بالغةِ الرَّوعة.. تضبِط البوْصلة.. وتُحققُ التَّوازن.. وذلك من خلال تعريفنا بالحقيقة.. حقيقة الإيجاد خَلقا.. وحقيقة الفقر نَعتًا.. وحقيقة النهاية في الدنيا فناءً.. وحقيقة البعث جزاءً..

فجاء قوله تعالى (ألم نخلقكم من ماء مهين) ليطفئ كِبرك.. وقوله تعالى (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله) ليؤكد فقرَك.. وقوله تعالى (إن إلى ربك الرجعى) ليوقظَ بصيرتك وبصرَك.. وقوله تعالى (قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) ليُنهض همتك..

فمن عرف الحقائق.. غادَرَ مستنقع الأوهام.. وحارب مَواتَ نفسه.. بشحنات العرفان.. وهبَّاتِ الإيمان.. فمعرفَتُكَ حقيقتَك.. وحقيقةَ ما يراد منك.. وحقيقةَ الجزاء المترتِّب على عملك.. أشياء كفيلة بإيقاظك.. وإيقاد جذوة الإيمان فيك..

لا تظنَّن أنكَ مَحَطُّ الأنظار.. وزينةُ النُّظَّار.. فما أنتَ وأنَا.. وهُمْ.. إلا هباءةٌ متناثرة في كونٍ لا نهاية له.. كن من تكون.. فيومَ رحيلك.. لن تختفي الشمس عن النظر.. ولن يأبى البزوغَ القمر.. ولن تتضرر معايش البشر.. ولن يتوقف عن الهطولِ المطر.. ولن تذبلَ أوراق الشجر..

ستستمر الحياة.. والبيع والشراء.. وأكثرُ أحوالك إن كنتَ من أصحاب الجاه والمكانة.. نعيٌ في صورةِ خبر.. أو دقيقةُ صمتٍ على أعتاب ملتقى أو مؤتمر.. فتوجَّه إلى الذي ستر عورتك هنا.. وسلْهُ أن يُؤمِّنَ روعتك هناك.. فلا ملجأ ولا منجا لك منه إلا إليه..

وكما قال لقمان عليه السلام: ما للترابي والكِبر! وكلما جدَّد الإنسان النظر في بدئه.. استحيا من ربه.. ولاذ بجنابه.. وآبَ إلى رحابه..

فما كان لقبضة التراب قدْرٌ ولا ذِكْر.. لولا فضلُ الله ورحمتُه.. ومدده وإعانته..

وقد خُلِقنا مِما ندوسُه بالأرجل.. وكأنه تذكرةٌ لنا بدوامِ ولزومِ الافتقار.. حتى نطلبَ العزة من مصدرها..

وقد خلقنا الله فقراء.. والصالحُ فينا.. هو الذي يستبقي هذا النعتَ قائما في نفسه.. ليتحقق بالذلة لله.. والرحمةِ لخلقه.. ذاكرا نعمة الله عليه.. وأنه لولا ربه ما كان له مِن شأن.. وما خفق قلب بحبه.. ولا انطلق لسان بالثناء عليه.. وكما قال العارفون(إذا أراد الله أن يظهر فضله عليك.. خلق فيك.. ونسب إليك.. واعلم يقينا أنه لا نهاية لمذامِّك إن وكلكَ إليك.. ولا انقطاع لمحامدك ومدائحك إن أظهر جوده عليك.. فكن بأوصاف ربوبيته متعلقا.. وبأوصاف عبوديته متحققا..

وصلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
17°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة