الشيخ القزابري: تحقيق الأمن مسؤولية المسؤولين والناس.. بتحقيق العدل وقطع الطريق عن كل فتان
هوية بريس – إبراهيم الوزاني
كتب الشيخ عمر القزابري في صفحته على “فيسبوك” مقالا عنونه بـ”فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَلْبَابْ…!“، تحدث فيه عن خطر الفتن ونشر الفتنة، وعن خير الصلاح والإصلاح بالعدل، مذكرا أن الأمن والأمان مسؤولية مشتركة بين المسؤولين والناس، “فالمسؤولون عليهم أن يحرصوا على الأمن.. وذلك بتحقيق العدل.. والسعي إلى خدمة الناس بتجرد وأمانة.. والناس مسؤولون عن تحقيق الأمن.. وذلك بسدِّ الطريق أمام كل فتَّان يريد جر البلاد إلى الفتن والإحن..”.
وقال “لا حرج أبدا في المطالبةِ بالحُقوق.. إنّما الحرج أن تخرجَ هذه المطالبات عن سِياقها.. فإن الأعداء يتربصون بنا الدوائر. وعلينا أن نسد عليهم المَنافذ.. ليبقى مغربنا الحبيب واحة أمن وأمان.. وقلعة حب وإيمان.. تُصان فيه الحقوق.. ويحترم فيه الإنسان”.
وهذا نص المقال كاملا:
بسم الله الرحمان الرحيم. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. أحبابي الكرام:
لا يخفى على كل راشدٍ مُستبصر.. أنَّ الشر كله في الفتنة.. وأن الفتنة مركبُ كلِّ وَبال.. والتاريخ يؤكد هذا.. وعِبَرُه النَّاطقة مِن خلف حواجز الأزمان تُجلِّي هذا بأوضح بيان. والواقع الذي نعيشه في دنيانا اليوم يؤكد هذا.. وهو قائمٌ مَاثِل .. نرى ظُلمتَه.. ونسمع صرخته.. ونُشاهد بأمِّ العين ريحه العقيم.. التي ما تذر من شيء أتَتْ عليه إلا جعلته كالرميم.. والمؤمنُ مطالبٌ بِحُكْم انتسابه إلى دين الحِكمة التي هي بوابة التزكية.. أن يكونَ واعيا مستبصرا راشدا.. (فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا) وكتاب الاستبصار. كتاب الله الذي هو جنَّة الأبرار.. مليء بهذه العبر المُجَلِّية.. والتوجيهات الجلية.. لرفع الغِشاوة.. ولتجلية الحقيقة أمام طالبيها.. فكتاب الاستبصار يُحارب الفتن ويُطارد أهلها.. ولا يحتفظ بأدنى وُّدٍّ لهم. باعتبار الفتنة أشد وأكبر من القتل.. وباعتبار الفتانين مُفسدين في الأرض.. والفتانون هنا كل من خالف شرع الله واتبع هواه.. وأسلم شيطانَ وهمه زِمام نفسه…
فالسارق فتَّان.. والخائن لأمانته فتّان.. وآكل أموال الناس بالباطل فتّان.. والمعاندُ لشرع الله فتّان.. وناشر الرعب فتان.. وشاقُّ عصا الطاعة فتّان.. والخارج على جماعة المسلمين وإمامِهم فتّان… والواصف القرءانَ بالرِّجعية فتّان.. والإرهابي المستبيحُ لدماء الناس على اختلاف مِللهم ونِحلِهم فتّان.. والساعي لزعزعة الاستقرار فتّان.. وغيرُ ذلك كثير.. والخيرُ كله في الصّلاح والإصلاح.. ولا إصلاح بدون عدل.. (فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا) أما الذي يبغي عن السلام حِوَلا.. ويرضى بالعنف بدلا.. فهذا مُشعِلُ فتنة عمياء قد تحرقه أولا..
والحياة بمعنى الحياة هي في الأمن.. في السّلم.. في السلام.. في الوئام.. في إعطاء كل ذي حق حقه.. بغاية الطواعية.. وبتمام التفاهم.. دون صراع.. ودون خداع.. أمّا ركوبُ مركب الوهم فإنه مُوصلٌ إلى قعر بحرٍ لُجِّيٍّ يغشاه مَوْجٌ من فوقه موج من فوقه سحاب.. ظلمات بعضها فوق بعض.. فغَدُ السِّلم والتفاهم أمنٌ وسلام.. وغَدُ الفتنة مُظلمٌ مُعتمٌ مجهول العواقب.. والسعيد من وُعِظ بغيره.. وهذا منهج قرءاني بَحت.. قال تعالى في سياقِ الامتنان على قريش بأن أمَّنهُم وخلَّصهُم من الفتن التي تدور رحاها حواليْهم (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم) الناس مِن حولهم تُتَخطف قتلا ونهبا وتشريدا.. وهمْ في أمن.. وهو الحاصل في دنيانا اليوم.. والسَّعيد من اعتبر بغيره.. فالأمنُ أيها الأحباب نعمة عُظمى ينبغي الحرص عليها.. فإنَّ الذين سُلِبوا الأمن اليوم. يتمنون يوما واحدا في ظلال الأمن… حتّى العبادة لا تَخْلُصُ للعبد إلا في ظلال الأمن.. وهو أمانةٌ في رقاب الكُل.. فالمسؤولون عليهم أن يحرصوا على الأمن.. وذلك بتحقيق العدل.. والسعي إلى خدمة الناس بتجرد وأمانة.. والناس مسؤولون عن تحقيق الأمن.. وذلك بسدِّ الطريق أمام كل فتَّان يريد جر البلاد إلى الفتن والإحن..
لا حرج أبدا في المطالبةِ بالحُقوق.. إنّما الحرج أن تخرجَ هذه المطالبات عن سِياقها.. فإن الأعداء يتربصون بنا الدوائر. وعلينا أن نسد عليهم المَنافذ.. ليبقى مغربنا الحبيب واحة أمن وأمان.. وقلعة حب وإيمان.. تُصان فيه الحقوق.. ويحترم فيه الإنسان.. .نعم لا بدَّ أن يُحترم الإنسان.. وذلك بصيانة حقه.. وحفظ كرامته.. أيها الأحباب: كلنا مغاربة.. نشأنا في ظلال الأمن.. وهي نعمة نُحسد عليها.. كفانا الله شر الحاسدين.. فليكن لسان حال المسؤولين قول موسى الكليم: (إن خير من استأجرت القوي الأمين)، وقول يوسف الصديق: (اجعلني على خزائن الأرض. إني حفيظ عليم)، وليكن لسان حال المغاربة قول هارون: (فلا تشمت بي الأعداء) مغربنا سفينتنا.. فمن أراد خرقها.. فقد أراد إغراق أهلها.. وقد جاء شيئا إِمْرا.. فاللهَ اللهَ في المغرب.. الله الله في المغرب.. أَمْنُه من الإيمان.. وزعزعته من الكُفران.. والله حافظه وحاميه.. هكذا عوَّدنا سبحانه وتعالى.. والذي أحسن في مضى.. سيُحسن في ما بقي..
والله الله في الإسلام، معدن الحق ورسالة الصدق، ووحي الرب لرحمة الخلق سبحانه وبحمده، وكلنا قيمٌ على حراسة دينه بفعله وقوله وعمله، لاسيما بين من حُجِبوا عن مطالعة نوره، وتنسم نفحاته الإلهية في ديار الغرب.
فكل مسلم هنالك خاصةً حامل أمانةٍ وديانة، ونعوذ بالله أن نحول بأفعالنا بين الناس وبين نور ديننا، ونعوذ بالله أن نكون سببًا في استطالة جهول واتخاذه أفعال المجرمين ممن يقتلون ويفجرون سبيلًا للطعن في الدين وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم!
وحسب المجرمين ممن يرهبون الناس ويروعونهم هذا الإفك وذلك الحنث العظيم!
فإن الناس لن يعرفوا عظمة إيمانك حتى يجدوا منك ثمرته في إحسانك..
ولقد قال سيدي صلى الله عليه وسلم: “من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا”!
وقال صلى الله عليه وسلم: “ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفسه فأنا خصمه يوم القيامة”..
ولقد وقع الإسلام بين إجرام بعض أبنائه وطغيان وافتراء أعدائه، فكان حريا بالمسلم أن يكون عنوانا على دينه الحق في غير تميع ولا تطرف، وأن لا يقع في الظلم، ولا يرضى بالإجرام، وأن يكون نائيًا عن سبل الضلال والمجرمين..
نسأل الله العافية التامة وأن يجعلنا وبلادنا وإخواننا في ضمانه وأمانه وعافيته وإحسانه، وأن يجعلنا حملة النور والرحمة للكون كله..
وصلى الله وسلم على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. محبكم وحافظ ودكم وعهدكم الفقير الضعيف عمر بن أحمد القزابري.