الشيخ القزابري: حِينَمَا يكُونُ الصَّوْتُ رُوحًا…!!!

هوية بريس – الشيخ عمر القزابري
بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين..
أحبابي الكرام:
حقيقة أجدني حائرا وأنا أحلق في سماء الوجد.. عند سماعي للشيخين الجليلين.. محمد رفعت.. ومحمد صديق المنشاوي.. وأول سؤال يقتحمني.. بأي قلب كانا يقرءان القرءان.. وأي درجة من الشفافية وصلا إليها.. بعيدا عن مسائل الصوت وطبقاته.. والتحبير ونغماته.. والتمهير ودرجاته.. هناك شيء خفي.. لا يمكن أن يفسر إلا.. بحبل وصل ممدود.. بمنزل الكتاب.. سبحانه وبحمده.. والذي إذا رضي عن عبده.. جعل صدره وعاء لكتاب الله.. وأجرى على لسانه حلاوة تلاوته غضا طريا.. يكاد يذهب بالعقول.. من عظمته.. وهيمنته.. وجلاله.. وبحسب الاقتراب.. تكون المواهب العِذَابْ.. ولا حدود لعطاء الله.. (وما كان عطاء ربك محظورا) سيدنا الشيخ رفعت.. يخرج أحيانا في تلاوته عن حدود الإدراك.. فيحلق في سماء الخشوع.. ويغرد على فنن الجمال والجلال.. فيدرك السامع بقلبه ساعتها أن في الأمر مددا عُلويا.. وأن القارئ نفسه في تلك اللحظات.. يدرك أن الأمر فوق مسألة الإتقان.. وخارج حدود التمكن.. فكما أن القرءان لا تنقضي عجائبه.. فإن المتعاطي معه بصدق.. والتالي له بحق.. لا تنتهي ولا تنقضي فتوحات الله عليه.. وكذلك سيدنا الشيخ المنشاوي رحمه الله.. وهو يقرأ.. لا يمكن أن تُخضعَ قراءته لمقاييس.. بل هي خارج ذلك النطاق.. لأن القارئ اتصلت روحه بالسماء.. فتدفقت العطايا.. من رب البرايا.. وصار الصوت مرءاة لروح لا ينتهي عروجها وصعودها.. وهذه أمور وجدانية.. لا يُتعاطى معها بيبوسة فكر.. ولا بجفاف طبع.. فهي كالمسك.. يُشَمُّ ولا يُفْرَكْ..

فأبرز وجوه الشبه بين الشيخين العظيمين.. الروح المتصلة بالسماء.. والجوارح المشعة بالسَّناء.. والانكسار الذي هو معراج الارتقاء.. ومن أصغى إلى صوت الشيخين بقلبه.. سمع أنَّاتِ الصدق.. ولوعات الشوق.. ونبرات الاستغناء عن الخلق.. ومِن هنا تأتي المواهب.. فإن الصوت رشْح الروح.. وبريد الاحساس.. وترجمان البُرحَاءِ والرَّخَاءْ.. رحم الله الشيخ رفعت.. عاشق السماء.. ورحم الله الشيخ المنشاوي.. المرتقي في معارج الضياء.. ورحم الله كل أسيادنا القراء.. الممتطين ذرى العلياء..
وصلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.



