الشيخ القزابري يوجه رسالة للسيدة نجية نظير: لِيَهْنِكِ الاحْسَانْ
هوية بريس – عابد عبد المنعم
وجه المقرئ عمر القزابري رسالة عبر صفحته بالفيسبوك للمحسنة نجية نظير التي تبرعت بأكثر من مليار سنتيم لبناء مؤسسة تعليمية جاء فيها:
“التَّوفيقُ لفعل الخيرات..منحةٌ ربَّانية..وإذنٌ إلهي..فمن نفَحَهُ الله بسِرِّه..وأرادهُ لقربِه..أَطلقَ يدهُ بالإنفاق..ووقاهُ من أحابيلِ الشُّح..ورزقهُ الفهمَ الصَّحيح..الذي مِن خلاله يرَى الأشياء على حقيقتها…ومَن فُتِح له بابُ العَطاء..فُتِحتْ له أبواب الحكمة…يقول ربنا في مَعرِض الحديثِ عن الانفاق والبذل..( الشَّيطان يعدُكم الفقرَ ويامرُكمْ بالفحشاء..والله يعدُكم مغفرةً منه وفضلا..والله واسعٌ عليم..يؤتي الحكمة من يشاء..ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتيَ خيرًا كثيرا..وما يذَّكرُ إلا أولوا الألباب..) وأيُّ حكمةٍ أعظم مِن أن يُقدِّم الإنسانُ لنفسِهِ ما يجدُه أضْعافًا مُضاعفة..يوم يقِفُ بينَ يديْ ربِّه..وأيُّ حكمة أعظم مِن أن ينخلع الإنسانُ من قُيود البخل..وأغلالِ الأنانية وحبِّ الذات..ومن آصارِ المَصلحيَّة الجافّة..التي تَعتنقُ المبدأَ المُفلس الذي شِعاره وسُعارُه: نفسي نفسي…هذا الشِّعار الفاسِد الكاسِد الذي سيطرَ على فِكر أغلبنا إلا من رحم الله ..حتى أصبح ثقافةً وَلَّدتِ الجُمودَ وتَبَلُّدَ الحِسِّ والنَّهمَ والشَّرهْ…إنَّ المجتمعات لا يكون لها شأن..ولا يشتَدُّ عودُها إلّا في ظِلال الاحسان..ومدِّ اليَدِ للآخرِ إِمدادًا..وإسنادًا..وإسعادًا..وإرفادًا..وسيِّدُ المحسنين نبينا صلى الله عليه وسلم..لمَّا دخل المدينة..أسَّس الدولة الاسلامية على مبدأ المؤاخاة والاحسان..حتى كان الأنصارُ يتنازلون عن نِصف ما يملكون للمهاجرين..بكل طواعيةٍ وحبٍّ وطِيبِ نفس..لأنهم غِراس رسول الله صلى الله عليه وسلم وثِمارُه…فمدحهم الله في كتابه مدحا مُخلَّدًا يُتلى إلى يومِ الجزاء( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم. ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا. ويوثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة..ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون )
والخاسر حقا من عُمِّيت عليه طُرقُ العطاء فلم يهتدِ ولمْ يتبصَّر ..
أيها الأحباب: سُرَّ القلبُ وابتهج..بما وُفِّقتْ له الأختُ الكريمة..نجية نظير..نجَّاها الله..وأعطاها من فضله فعطاؤه ليس له نظير ..لقدْ جادَتْ فَرَوْضُ فَضلِها مَطِير..وأعطتْ فَعَرْفُ جُودِها فوَّاحٌ عَطِير..ماجدةٌ رَقِيَت مِن الفضلِ أسمى المَراقي..وأتْرَعتْ دَلْوهَا مِن السّؤدد إلى العَراقِي..فخبرُها قد أخذَ من القلوب بالمجامِع..ومَخبَرها إن شاء الله تفترُّ منه ثُغورُ الأماني في وُجوهِ المنافع..جادتْ بمبلغٍ عظيم..من أجلِ بناء مدارس ومَرافِقْ..فنسأل الله أن يجعل الإخلاص لها أدومَ مُرافِقْ..وهذا عملٌ يُنادي أغنياء البلد..لفعل الخيرات..والمساهمة في النَّفع والرَّفع..وإدخالِ السرور على المُسلمين..فما قِيمةُ المليار على المليار..إذا لم يُنفَق في الخيرات والمَبَارّْ…فليس المالُ بمُخلِّدٍ ولا مُخلَّد..وليس جالبا للفخار والعز والسؤدد..وإنما يزكو بالانفاق..وبه يرتفع ذِكرُ صاحبه في الآفاق..والعبدُ إنما هو في المالِ مُستخلفْ..فَمُنفِقٌ مأجورٌ أو مُمسكٌ مُتَوعَّدٌ بالتَّلفْ..قال تعالى (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه).
ويوم تأتي ساعةُ الاحتضار..ويُصبحُ العبد في سِياقِ مُغادرَة هذه الدَّار…في رحلته إلى دار القرار..في تلك اللحظات يتمنى المحتضِر الرجعة إلى الدنيا مِن أجل أن يتصدق ويعطي..ولكن هيهات هيهات..قال تعالى( وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصّدق وأكن من الصالحين..ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها..والله خبير بما تعملون ) فطوبى لعبد وعى..فسعى ورعى..وقدم لنفسه ما يقربه إلى الله زُلفى..
وجزى الله أختنا نجية نظير خير الجزاء..اللهم أذِقها نفحةً مِن نفحاتِ أُنسِك..تُعطِّر بها قلبها بفيضِ قُدسِك..فتتحققُ بذكرِك..وتقيمُ على حمدك وشُكرك…
( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظمَ أجرا )
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..”.