الشيخ زين العابدين بلافريج.. المسح على الجوربين
هوية ريس – د.زين العابدين بلافريج
قال ابن المنذر -رحمه الله-: “روي المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: علي وعمار وأبي مسعود الأنصاري وأنس وابن عمر والبراء وبلال وعبد الله بن أبي أوفى وسهل بن سعد. وزاد أبو داود “وأبو أمامة وعمرو بن حريث وعمر وابن عباس” فصاروا ثلاثة عشر صحابيَّا.
وقال ابن القيم: “الذين سمعوا القرآن من النبي -صلى الله عليه وسلم- فعرفوا تأويله مسحوا على الجوربين وهم أعلم الأمة بظاهر القرآن ومراد الله منه” تهذيب السنن (1/123).
ومن الأدلة ما رواه أحمد عن ثوبان -رضي الله عنه- وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين” المسند (5/277) وأعل بالانقطاع بين راشد بن سعد لم يسمع من ثوبان هكذا في العلل لأحمد والمراسيل لابن أبي حاتم. لكن عند البخاري في التاريخ الكبير “راشد بن سعد سمع ثوبان ويعلى بن مرة”.
وأخرجه غير أحمد: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والطبراني وصححه ابن خزيمة.
فأكثر المتقدمين على تضعيفه.
وكان ابن مهدي رحمه الله لا يحدث بهذا الحديث لأن المعروف عن المغيرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسح على الخفين.
وأعله جماعة منهم الثوري وابن مهدي وأحمد وابن معين ومسلم والنسائي والعقيلي والدارقطني.
وصححه الترمذي قال: حسن صحيح. وابن خزيمة.
قال ابن دقيق العيد: “ومن يصححه يعتمد بعد تعديل أبي قيس على كونه ليس مخالفًا لرواية الجمهور مخالفة معارضة، بل هو أمر زائد على ما رووه ولا يعارضه، ولا سيما وهو طريق مستقل برواية أبي هزيل عن المغيرة لم يشارك المشهورات في سندها” نصب الراية 185.
ونحوه لابن التركماني في الجوهر النقي (1/284).
وصحح الحديث من المعاصرين أحمد شاكر والألباني.
وأما الخلاف في المسح على الجوربين فهو معلوم محكي في كتب الفروع:
أولا: أن المسح على الجوربين إذا كانا صفيقين. وهو اختيار أبي يوسف ومحمد بن الحنفية، ويقال رجع إليه أبو حنيفة في مرضه، وهو أرجح القولين في مذهب الشافعي.
ثانيًا: أن المسح على الجوربين إذا كانا مجلدين أو منعلين، وهو قول أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب الشافعي ونص عليه في الأم.
ثالثًا: يجوز المسح على الجوربين إذا كانا مجلدين، وهو مذهب مالك.
وقيل: لا يجوز المسح على الجوربين مطلقًا وهو رواية عن مالك.
والمُنَعَّلُ ما جعل على أسفله جلدة، والمجلد ما جعل على أعلاه وأسفله.
رابعًا: يجوز المسح على الجوربين وإن كانا يشفان القدمين، حكاه النووي أنه قول عمر وعلي وإسحاق وداود.
والجورب غشاءان للقدم من صوف كما قال ابن العربي وعامة العلماء واللغويين. وفي التوضيح للحطاب المالكي “الجورب ما كان على شكل الخف من كتان أو قطن أو غير ذلك”.
فليس من النقول في تعريف الجورب أنه منعل أو مجلد، واشتراط أن تكون الجوارب منعلة أو مجلدة لمتابعة المشي فيها ليس عليه دليل.
ولم يثبت أن الجوربين اللذين أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها يجب أن تكون مجلدة.
ولا يوجد دليل على أن من شرط الخف أن لا ينفذ الماء إليه وهو مذهب الجمهور، والجورب حكمه حكم الخف، وثبتت فيه أحاديث ومسح الصحابة على الجورب.
(هذه المادة منشورة في صفحة الشيخ على فيسبوك بتاريخ: 24 مارس 2019).