الشيخ عمر القزابري يكتب: صَوْتُ المَحَبَّة…!
هوية بريس – الشيخ عمر القزابري
بسم الله الرحمان الرحيم.. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. أحبابي الكرام:
الذي عاينتُه أن في أعصاب وعروق الكثير منا عنفًا مختبئا، يتجلى في صورٍ كثيرة، منها السخرية، والاستخفاف بكل شيء، والرغبة العارمة في الغلبة، والانتصار للنفس، وبراعة الاعتذار عنها، ولو بالزيف، وبراعة اتهام الآخرين ولو بالكذب!
ثم الجدل الثرثار الذي لا غاية له إلا المراغمة والمعاندة، مع تلك الصور القبيحة المشتعلة سبابًا بالألفاظ الساقطة، والفرح بسقوط كل من لا يشبهني، ولذة الظفر بلقب “أنا الصح” ولو على أشلاء الآخرين، والتعامل بالاستعلاء والتقزز مع كل من تعثر فأذنب، والسعي في غلق أبواب الرحمة بين يديه!
والسعي بالقول والفعل والعمل في معنى القتل، معنويًا بكسر الروح، أو حقيقةً بذهابها!
وكل ما في ديننا ضد للعنف؛
فليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء!
وليس من خلقه إجلاس أخيه في غيبته واتخاذ لحمه وليمةً شهيةً للغيبة والنميمة!
وليس من صفاته الاستتار خلف النصوص الإلهية واتخاذها سلاحًا موظفا للانتصار للنفس وإسقاط الآخرين!
وليس من خِلاله طمس بهاء الآخرين بسوء الظن، وهدم حسناتهم بالقيل والقال!
“إن الله كره لكم قيل وقال”..
ولا يدخل الجنة قتَّات!
وكل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعِرضه!
والدم والمال والعرض وضعوا في سياقة واحدة في تغليظ الحرمة؛ زجرًا وتعظيما!
“فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني امرؤ صائم”!
فأسكت في النفس نازع الغلبة وزكى فيها رد السيئة بالحسنة!
والاعتذار عمن علم من حاله قصد الخير، “اللهم أنت عبدي وأنا ربك! أخطأ من شدة الفرح”!
وجعل التغافر والمرحمة عماد الحياة بين القلبين: ( وجعل بينكم مودة ورحمة).
ولا يفرك مؤمن مؤمنةً إن كره منها خلقا رضي منها آخر!
والمؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا، فيحمل القوي الضعيف، ويسع الغني الفقير، ويرحم العالم الجاهل بهدايته ودلالته على الخير بالرحمة والرفق .( ولا تعتدوا إنه لا يحب المعتدين ).
الحمد لله على أن ربنا الله وأن نبينا محمد رسول الله ﷺ
فهذه دعوةٌ تحملها مطايا الحُبّ،..وتحيط بها آمال التَّمثُّل..،فإن الدعواتِ لا تُثمِر إلا إذا استقبلتها قابليَّةُ الامتثال..،فكفى تطاحنا..وكفى من نهْشِ الأعراض..ولا نجعلْ من وسائل التواصلِ منابرَ للسِّباب..والخِصام..واللمز والغمز..فإن اسمها: وسائل التواصل..ونحن أرجعناها وسائل التقاطع..، فإنَّ هذا الذي نراه ونسمعه يسوءُ كل صادق …،فإنَّ الأخلاق هي أوكسجين الحياة…وبفقدانها يتلوث الهواء والماء ..ويفْسُد العيش..لقد شَقِيتْ دنيانا بهذه الألوان من نهش الأعراض..،وفُحشِ القول .. وترويعِ الآمنين…،ونشرِ الإشاعات…،فإن الله سبحانه وتعالى علمنا في سورة الحجرات كيف نتعامل مع الإشاعات( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) وقرئت: فتتبثوا…والمعنى: تثبت لتتبين، إن أخُوتَنا أساسُ قوتنا…،وإن القوة لا تُبنى على الاقتيات مِن الأعراض..وقرضها بمقراض التَّقوُّل..فلنتعايش تحتَ ظِلالِ الحُب..الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا..ويعرف لعالمنا قدره ) ..،والأخطر أيها الأحباب…أن كلَّ كلمةٍ يتفوه بها الإنسان هنا..ستعرض عليه هناك..في موقف تشيب من هوله الوِلدان..قال تعالى( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) وقال سبحانه( إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا ) وقال صلى الله عليه وسلم( وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) فالسعيد من أخرج نفسه من هذه الدوائر الملوثة..واشتغل بما ينفعه يوم لقاء الله..فإن الأيام تهدِمُ أعمارنا..،وإن الساعة آتية لا ريب فيها..وإن الله سيجمعنا ليوم لا ريب فيه..فطوبى للمُخِفِّين..الذين تخففوا من ذنوب العباد..،وارْتَوَوْا من حِياض الذِّكر..اولئك هم الفائزون….،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري
بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيم
الحمد لله المحمود الموصوف بصفات الكمال والجلال، له الحمد في الأولى والآخرة وإليه الرجعى والمآل. والصلاة والسلام على كافة الأنبياء والمرسلين وعلى المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإيمان وإحسان إلى يوم البعث والجزاء والنشور.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته بوجود مولانا الإمام أدام الله عزه وعلاه.
أما بعد، يقولون في الإسلام ظلما أنه يصد ذويه عن طريق التعلم. هل للعلم في الإسلام إلا فريضة ؟ وهل أمة سادت من غير تعلم ؟
إذا مات إبن آدم ليس يجري عليه غير خصال عشر علوم بثها ودعاء نجل وغرس نخل وإجراء نهر وبيت للغريب بناه يؤوي وتعليم للقرآن كريم ورِبَاطَة جأش،… نجدها في أحاديث بحصر. الصدقة من كسبه والولد من صلبه وعلم من سعيه. قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ” إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن السبيل يأويه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد مماته “.
فإن من عظيم نعم الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين المخلصين أن هيأ لهم أبوابا من البر والخير والإحسان يقوم بها العبد الموفق في حياته يجري ثوابها عليه بعد وفاته. فأهل القبور في قبورهم مرتهنون وعن الأعمال منقطعون، وعلى ما قدموا في حياتهم محاسبون ومجازون، الحسنات عليهم متوالية والأجور والأفضال عليهم متتالية، ينتقل من دار العمل ولا ينقطع عنه الثواب، تزداد درجاته وتتناما حسناته وتتضاعف أجوره، فما أكرمها من حال وما أجمله وأطيبه من مآل.
وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أمورا سبعة يجري ثوابها على المؤمن بعد خروج الروح من الجسد بأمر ربها. يقول المصطفى الكريم عليه أزكى الصلاة والتسليم : ” سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته : ” من علم علما، أو أجرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، أو بنى مسجدا، أو ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته “. والتأمل مليا هذه الأعمال والحرص عليها حتى يكون منها حظ ونصيب مادام في دار الإمهال، قبل أن تنقضي الأعمار ويحل الآجال.
سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته :
أولا: تعليم العلم النافع الذي يبصر العبد المؤمن بدينه ويعرفه بربه ومعبوده ويهديه إلى صراطه المستقيم. العلم الذي به يعرف الهدى من الضلال والحق من الباطل والحلال من الحرام. ومن عظم فضل العلماء الناصحين والدعاة المخلصين الذين هم في الحقيقة سراج العباد ومنار البلاد، وقوام الأمة وينابيع الحكمة. حياتهم غنيمة وموتهم مصيبة. يعلمون الجاهل ويذكرون الغافل ويرشدون الضال. لا يتوقع لهم بائقة ولا يخاف منهم غائلة. وعندما يموت الواحد منهم تبقى علومه بين الناس موروثة ومؤلفاته وأقواله بينهم متداولة منها يفيدون وعنها يأخذون. يتتابع عليه الثواب وتتوالى عليه الأجور، يقولون “يموت العالم ويبقى كتابه”. بينما حتى صوت العالم يبقى مسجلا في الأشرطة المشتملة على دروسه العلمية ومحاضراته النافعة وخطبه القيمة لينتفع به خير البشرية أجيال لم يعاصروه، ومن يساهم في طباعة الكتب النافعة ونشر المؤلفات المفيدة وتوزيع الأشرطة العلمية والدعوية فله حظ وافر من ذلك الأجر.
ثانيا: إجراء النهر، والمراد شق جداول الماء من العيون والأنهار لكي تصل المياه إلى المساكن والأماكن والمزارع. ويكون مثل هذا العمل الجليل والتصرف النبيل من الإحسان بتيسير حصول الماء الذي به تكون الحياة مواطن جميع الحاجات.
ثالثا : حفر الآبار، وهو نظير ما سبق فكيف إذا بمن حفر البئر وتسبب في وجودها حتى ارتوا منها الخلق وانتفع بها الكثير.
رابعا : غرس النخل، ومن المعلوم أن النخل سيد الأشجار وأفضلها وأنفعها وأكثرها عائدة على الناس من رطبها وثمارها. فمن غرس نخلا وسبل ثمره للمسلمين فإن أجره يستمر كلما طعم من ثمره طاعم وكلما انتفع بنخله منتفع، شأنه في ذلك غرس كلما ينفع الناس من شجر ونبات وإنما خص النخل هنا بالذكر لفضله وتميزه.
خامسا : بناء المساجد، التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى التي أذن الله جلا وعلا أن ترفع ويذكر فيها اسمه. وإذا بني المسجد أقيمت فيه الصلاة وتلي فيه كتاب الله المبين، ونشر فيه العلم واجتمع فيه المسلمون. يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة “.
سادسا : توريث المصحف، وذلك يكون بطباعة المصاحف أو شرائها ووقفها في المساجد ودور العلم حتى يستفيد منها المسلمون ولواقفها أجر عظيم كلما تلا في المصحف تال، وكلما تدبر فيه متدبر وكلما عمل بما فيه عامل.
سابعا : تربية الأبناء وحسن تأديبهم والحرص على تنشأتهم على التقوى والصلاح حتى يكونوا أبناء بررة وأولاد صالحين فيدعون لأبويهم بالخير ويسألون الله تعالى لهما الرحمة والمغفرة والجزاء الأوفى في الدنيا والآخرة.
قال رسول صلى الله عليه وسلم ” أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت : من مات مرابطا في سبيل الله، ومن علم علما أجرى له عمله ما عمل به، ومن تصدق بصدقة فأجرها يجري له ما وجدت، ورجل ترك ولدا صالحا فهو يدعو له “. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له “. وقد فسر جماعة من أهل العلم الصدقة الجارية بأنها الأوقاف وهي أن يحبس الأصل وتسبل منفعته، وجل الخصال المتقدمة داخلة في الصدقة الجارية. وقوله : « أو بيتا لابن السبيل بناه » فيه فضل بناء الدور ووقفها لينتفع بها المسلمون سواء إبن السبيل أو طلاب العلم، أو الأيتام أو الأرامل أو الفقراء والمساكين وكم في هذا من الخير والإحسان.
وقد تحصل بما تقدم جملة من الأعمال المباركة إذا قام بها العبد في حياته جرى له ثوابها بعد وفاته يقول الرسول عليه الصلاة والسلام ” رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه “.
نسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا جميعا لكل خير ودفع أي شر ودرئ أي خطر وأن يعيننا على القيام بأبواب الإحسان كل يوم وأن يهدينا سبحانه وتعالى سواء السبيل، والله العلي القدير الخير بين يديه والشر لا ينتمي إليه. حفظكم الله والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.
سيدنا آدم عليه أزكى الصلاة والسلام من الطين خُلِق. والطين إبن الأرض ظاهرها وباطنها. من بنو آدم خُلِقنا وعشنا ثم عدنا إلى حيث بدأ أبو الإنسان الأول آدم، أكرم الله تعالى مثواه الى الارض في الصالحات ذكره !
ومن سطح الأرض نبدأ رحلتنا في الحياة متجهين إلى باطن الأرض في ختامها. وما بين البدء والختام كان شقاؤنا ونعيمنا زرعنا وحصادنا حزننا وفرحنا فقرنا وغنانا جهلنا وعلمنا عدمنا و وجودنا، هنا تصيب الإنسان حسرة أبيه آدم على جنته. وحزن نبي الله يعقوب على إبنه يوسف نبي الله. ووحشة نبي الله يونس في ظلام أحشاء الحوت !
ولكن عندما ينسى الإنسان قدرته المحدودة على الأمور ومعالجتها ونظر للأمور بإرادته القوية واستنهضها فسوف يصنع من ذلك البؤس صرحا للمجد وبدءاً يدوم ما دامت الأرض ومن عليها تلك هي الامم !
لن نحرث الأرض ولن نطاول السماء ولكننا سنعيش حياتنا كما يجب أن تكون ونرسم خطا بدايته خطوة ونهايته مقام. نسير عليه من البدء الى الختام.
تلك شمس الإرادة رغم ما يحيطها من هواجس الخوف والقلق والضياع والحسرة والحزن والوحشة إكتشفنا وجودنا في نقطة ما من الطريق، فلنملك ذلك الطريق بارادتنا وعزمنا. واللـــــــــــــــــــــــه سبحانه وتعالى ولي التوفيق.