الشيخ مخلص برزق*: ترامب سيتسبب في أعاصير أشد من تلك التي رأيناها تعصف بفلوريدا وسواحل أميركا
حاوره: مصطفى الحسناوي
كيف تلقيتم تصريحات ترامب بخصوص القدس؟
بالنسبة لنا فقد كان واضحاً جلياً من تصرفات ذلك الأهوج المعتوه خلال حملته الانتخابية أن انتخابه سيتسبب في أعاصير أشد من تلك التي رأيناها تعصف بفلوريدا وسواحل أميركا، وقد دلت الإجراءات التي ابتدأ بها أيامه الأولى بعد توليه الحكم أن عهده سيكون مليئاً بالمفاجآت غير السارة، وأنه يخبئ في جعبته الكثير الكثير مما يضمره من أحقاد وضغائن للمسلمين، دون تحديد الكيفية التي سيترجم من خلالها عقده النفسية واختلالاته الشعورية، ولذلك فلم يكن إعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني مفاجئاً لنا، ذلك أنه في حقيقة الأمر كان نابعاً من أزمات طاحنة أحاطت به من كل جانب كان منها حبس أقرب مستشاريه مايكل فلين بتهمة الكذب وازدياد التكهنات بإمكانية عزل ترامب نفسه، وكان من السهل تفسير ما حدث بارتمائه في أحضان اللوبي اليهودي عسى أن يشفع ذلك له لتثبيت أركان حكمه المتهاوي.
إن صدور ذلك التصريح عن أكثر رؤساء الولايات المتحدة إثارة للجدل، ونأي أغلب زعماء العالم عن قبوله أو موافقته عليه دلالة على بطلان ذلك التصريح وفساده قانونياً وتاريخياً ومنطقياً وعقلانياً.. وكان التوقع في محله بأن ذلك التصريح اللامسؤول سيتسبب في تحريك المياه الراكدة ورفع حرارة المنطقة وسخونتها وأنه سيحدث أثراً عكسياً يتضرر منه الكيان الغاصب بدرجة أولى وتتضرر المصالح الأميركية بدرجة ثانية، ويصاحب ذلك تواري الأصوات الوقحة التي خرجت من المستنقع الآسن الذي حوى من تآمر على القوى الحية للأمة ونادت بالتطبيع الآثم مع الصهاينة.
ماهي الإجراءات التي قمتم بها؟
اتخذت هيئة علماء فلسطين في الخارج مسارات عديدة كان منها إصدار البيانات المفندة لإفك ترامب والتأكيد على أن (رفضنا واستنكارنا قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة ودعوتنا لمواجهته لا يعني على الإطلاق القبول بوجودها ابتداءً في مدينة تل الربيع الفلسطينية المحتلة “تل أبيب” بل هو رفض للتصعيد في الإجراءات العدوانية وما لها من دلالات سياسية وسيادية وما يترتب عليها من آثار خطيرةٍ في مستقبل القضية الفلسطينية، وإننا نؤكد أننا نعدُّ وجود السفارةِ الأمريكية وجميع السفاراتِ في الكيان الصهيوني بما فيها سفارات بلاد العالم الإسلامي وجوداً باطلاً مرفوضاً، وأيُّ مظهرٍ من مظاهر الإعتراف بحق الكيان الصهيوني في الوجود هو اعترافٌ باطلٌ لا يترتب عليه آثار الشرعية والقانونية بل تجب إزالته طبقاً للقاعدة الشرعية “الضرر يزال”، كما دعت الهيئة جماهير الأمة إلى المشاركة في الاعتصامات والمسيرات الغاضبة بل وإلى حصار السفارات الأميركية وتفعيل سلاح المقاطعة، ودعم جهاد شعبنا وغضبته في فلسطين. وكذلك ساهمت بدور كبير في إصدار “ميثاق علماء الأمة في مواجهة التطبيع السياسي مع الكيان الصهيوني”.
كيف تتوقعون نهاية هذا الموضوع؟
ما نزال نشهد تفاعلاً كبيراً وأصداء واسعة تجاهه ومن المبكر الجزم بما ستؤول إليها الأمور، هناك جذوة غضب قد تتحول إلى انتفاضة عارمة إن سلمت من تآمر من ينسق أمنياً مع الصهاينة، وقد تتدحرج الأمور إلى كرة لهب مشتعلة في القدس والضفة وحتى غزة المحاصرة الجريحة.
غير أن استمرارية موجات الغضب في الشارع العربي والإسلامي وحتى الدولي مهم جداً لقطع الطريق على الزعماء ضعاف النفوس في أصقاع الأرض كي لا يقتفوا أثر المعتوه ترامب بحجة أنه رئيس دولة كبرى، فالواقع يشهد أن الخناق يضيق عليه داخلياً، ويلقى قراره الشائن رفضاً ونفوراً عاماً دولياً كونه يقود المنطقة إلى التسخين.
أما يقيننا الذي لا يتزعزع، فإن كل محاولات اليهود المحتلين وأعوانهم لن تغير من حقيقة كونهم حفنة لصوص اغتصبوا أرضنا ومقدساتنا عنوة والأمة في حالة ضعف شديد، وهو ما لا يعطيهم أي شرعية للبقاء لحظة على أي شبر من تراب فلسطين. يقيننا الذي لا يتزعزع أن وعد ربنا “وإن عدتم عدنا” سيلاحقهم حتى تطهر الأرض المقدسة منهم، وأن وعد ترامب وغيره سننسفه كما عجلهم في اليم نسفاً.
*عضو هيئة علماء فلسطين في الخارج