الصحة النفسية في المغرب.. أرقام مخيفة وإهمال وَخِيمُ العواقب

هوية بريس – علي حنين

كتبت ثورية عفيف، عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بالبرلمان، مقالًا اعتبرت فيه أنّ تصاعد الجرائم المرتكبة من طرف أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية أو عقلية يكشف عن إخفاقات عميقة في التعاطي مع قضية الصحة النفسية، وأن الأمر لم يعد مجرّد قضية صحية، بل أصبح تهديدًا مباشرًا للأمن الاجتماعي.

مأساة فاس وأحداث متكررة

أبرزت عفيف مأساة مدينة فاس يوم 7 شتنبر 2025، حيث أقدم شخص مضطرب نفسيًا على محاولة قتل أسرة بأكملها قبل أن ينتحر، مشيرةً إلى أنها لم تكن الحادثة الأولى، إذ شهدت المدينة قبلها بثلاثة أيام جريمة مشابهة أودت بحياة شخص آخر.

وأضافت أنّ مدنًا أخرى شهدت خلال الشهور الأخيرة اعتداءات دامية مماثلة.

أرقام صادمة عن الاضطرابات النفسية

استندت عفيف إلى بيانات رسمية تشير إلى أنّ حوالي 48.9% من المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية في مرحلة ما من حياتهم، من بينهم 26% مصابون بالاكتئاب، و9% باضطرابات القلق، و5.6% باضطرابات ما بعد الصدمة، معتبرة أنّ هذه الأرقام تكشف عن “وباء صامت” يتفاقم تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.

خصاص حاد في البنيات والموارد

انتقدت الكاتبة النقص الكبير في البنيات الصحية المخصصة للأمراض النفسية، حيث لا يتجاوز عدد الأسرة 2431 سريرًا على المستوى الوطني (0.78 سرير لكل 10 آلاف نسمة، مقابل 4.36 عالميًا). كما أشارت إلى محدودية عدد الأطباء النفسيين وغياب المستشفيات المتخصصة في عدد من الأقاليم.

آثار اجتماعية وأمنية

اعتبرت عفيف أن النقص في الرعاية يدفع بالشباب والمراهقين نحو التشرد والانتحار، ويتفاقم بسبب تعاطي المخدرات والمسكرات، وهو ما وصفته بأنه نتيجة مباشرة لـ”سياسات حكومية مشجعة على الفساد”.

وذكرت أنّ القانون يُعفي المرضى النفسيين من المسؤولية الجنائية إذا ثبت الخلل، غير أنّ غياب آليات العلاج والإيواء يجعل المجتمع في مواجهة مباشرة مع مخاطر متزايدة.

دعوة إلى إصلاح عاجل

خلصت عفيف إلى أنّ “الصحة النفسية ليست مسؤولية فردية، بل واجب وطني”، داعيةً الحكومة إلى إنشاء مراكز علاج متخصصة، وتوفير أدوية مجانية ضمن التأمين الصحي الإجباري، وضمان تغطية العلاج بالكامل.

وأكدت على أنّ الإهمال المستمر سيؤدي إلى تكرار مآسي فاس وابن أحمد وتيزنيت والفقيه بن صالح وغيرها، تاركًا المرضى يتساءلون: “بأي ذنب شُرّدنا؟”.

وشددت ثورية عفيف على أنّ الإصلاح الشامل والفوري للنظام الصحي النفسي لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحّة لحماية المجتمع وضمان كرامة المرضى.