الصلاة في المدارس.. هل ستلتزم المدارس الخاصة بالتوجيه الوزاري؟

الصلاة في المدارس.. هل ستلتزم المدارس الخاصة بالتوجيه الوزاري؟
هوية بريس – متابعات
في سياق جهود وزارة التربية الوطنية لترسيخ القيم الإسلامية في المدرسة المغربية، أكّد الوزير محمد سعد برادة أن تربية الناشئة على الصلاة تدخل ضمن صلب التوجهات الاستراتيجية لمنظومة التعليم، مستندا إلى القانون الإطار رقم 51.17 والرؤية الاستراتيجية 2015-2030، حيث يتم تدريس أركان الصلاة والوضوء منذ السنوات الأولى للتعليم الابتدائي، ويتم دعم هذه المضامين بمقررات تطبيقية وأنشطة تربوية وفضاءات للصلاة في المؤسسات.
لكن واقع التطبيق يُظهر تفاوتا صارخا بين ما تعلنه الوزارة وبين ممارسات عدد من المؤسسات، خاصة المدارس الخاصة التي تتملص من هذه التوجيهات.
ففي كثير من هذه المؤسسات، يُمنع التلاميذ فعليا من أداء الصلاة، أو يُضيَّق عليهم من خلال غياب فضاءات مخصصة، أو عدم السماح بوقت كاف لأداء الفريضة، بحجة عدم تعطيل السير العادي للدروس، أو لأسباب تنظيمية تتعلق بضغط الزمن المدرسي.
كما ترفض بعض المؤسسات الخاصة، لأسباب مالية أو إيديولوجية، تهيئة مصلى أو الاستعانة بمرشدين دينيين، معتبرة أن الأمر يقع خارج اختصاصها أو يتنافى مع نموذجها التربوي المستورد من نظم أجنبية، غالبا ما تكون علمانية التوجه.
هذا الإخلال يعكس خللا بنيويا في التعاقد القيمي بين الدولة وهذه المؤسسات، التي وإن كانت تستثمر في قطاع التعليم، تظل ملزمة باحترام الثوابت الدستورية للمملكة، وفي مقدمتها الإسلام كدين رسمي للدولة، وضرورة مراعاة الهوية الثقافية والقيمية للمجتمع المغربي.
الأمر لا يتعلق فقط بإهمال فريضة دينية، بل بإخلال تربوي قد ينعكس سلبا على توازن التلميذ الروحي والنفسي، ويُكرّس الانفصام القيمي بين بيئته المدرسية ومرجعيته الدينية والاجتماعية.
إن المؤسسات الخاصة التي ترفض الاستجابة لهذا التوجه تتحمل مسؤولية مضاعفة، لأن وظيفتها لا تتوقف عند تقديم خدمة تعليمية تجارية، بل تشمل أيضا دورا تربويا محوريا، خاصة في مجتمع يشهد تآكلا سريعا في سلطة الأسرة، ويبحث عن بدائل حاضنة للقيم.
كما أن تبرير الإخلال بهذه الالتزامات بالاعتبارات المادية يطرح إشكالا أخلاقيا، لأن نفس هذه المؤسسات تنفق ببذخ على مرافق الترفيه واللغات والأنشطة “العالمية”، لكنها تستهين بتوفير فضاء بسيط يمكن أن يعيد للتلميذ توازنه الداخلي، ويزرع فيه الانضباط الذاتي والسكينة.
أمام هذا الوضع، تبرز الحاجة المستعجلة لتشكيل لجان رقابية مختلطة بين وزارة التربية، والمجالس العلمية، وجمعيات أولياء التلاميذ، لمراقبة مدى احترام مؤسسات التعليم، خصوصًا الخاصة، للتوجيهات المتعلقة بالصلاة والقيم الإسلامية، وفرض عقوبات صارمة على المؤسسات المتقاعسة أو المفرطة.
كما أن على الدولة أن تُفعّل شروط دفتر التحملات الخاص بالتعليم الخصوصي، بحيث لا يُعتمد أي مشروع تربوي لا يلتزم بمرجعية الدولة الدينية والوطنية.
ويُذكر في هذا السياق الخطاب البليغ للملك الراحل الحسن الثاني، حين أكّد أن المسيد المغربي كان “مدرسة للقيم قبل أن يكون مدرسة للقراءة”، وأن الطفل الذي يتربى على الوضوء والاحترام والصلاة “أقدر على احترام نفسه واحترام وطنه”. هذا النداء الملكي يجب أن يُستعاد اليوم بقوة، في ظل التفكك القيمي الذي يهدد الناشئة، لتستعيد المدرسة المغربية، بكل روافدها، دورها التاريخي في صناعة الإنسان المغربي المتوازن، المؤمن، الفاعل، والمقاوم لكل موجات المسخ والتغريب.



