الصمدي يكتب: حين يُطلب من المواطن أن يثبت أنه عدم!!
هوية بريس – د.خالد الصمدي
في زمن الرقمنة تابعت مع أم من العائلة رحلة تنقلها وابنتها بين الادارات المختلفة لجمع وثائق، لتسجيل ابنتها في جامعة مغربية، وذلك بعد نجاحها بتفوق في الباكالوريا.
استغرق الأمر أكثر من ثلاثة أسابيع بما فيها من ضغوطات نفسية وضيق في الوقت ومصاريف مادية.
فلما سألتها عن نوعية الوثائق المطلوبة من الجامعة قالت في سخرية:
كلها وثائق ينبغي أن أثبت من خلالها أنني عدم في هذه الحياة حتى تستفيد ابنتي من التسجيل مع إعفاء جزئي من مصاريف التسجيل والدراسة.
قلت: كيف؟
قالت اسمع:
– شهادة عدم العمل
– شهادة عدم الخضوع للضريبة
– شهادة عدم ملكية السكن
– شهادة عدم التسجيل في الضمان الاجتماعي
– تصريح بالشرف على عدم توفري على دخل كيف ما كان.
وكل وثيقة من هذه الوثائق التي تثبت هذا العدم تحتاج الى وثائق من مصالح إدارية مختلفة، تنبني عليها يشهد أصحابها أنني فعلا عدم.
وقد استطعت في نهاية المطاف أن أجمع ملف العدم، وغدا ساتوجه به الى الجامعة على بعد أكثر من 500 كلم التي تشترط دفع الملف ورقيا في زمن الرقمنة رغم أننا أرسلناه رقميا.
ففي هذه الحالة فقط يشترطون حضوري الفعلي ليتأكدوا عيانا بأنني لست عدما.
رجعت بي الذاكرة إلى ثلاث سنوات خلت حين أعلنت الحكومة أنها بصدد إعداد استراتيجية المغرب الرقمي في أفق 2030، وقبلها تم الإعلان على أن البطاقة الوطنية البيومترية، تقوم مقام كل هذه الوثائق الإدارية.
لكن يبدو أن الإدارة المغربية لها لغتها وإكراهاتها التي تتجاوز الخطابات الرسمية، وأن المواطن سيظل يتنقل بين الإدارات لسنوات قادمة ليستفيد من خدماته الإدارية الطبيعية.
ختاما أتمنى لهذه التلميذة النجاح كي تتجاوز وضعية أمها التي خاضت من أجلها معركة أثبتت من خلالها وأمام عينها أنها فعلا عدم، حتى تجد لها مقعدا في الجامعة.
أين الغرابة في هذا الأمر ، اذا علمنا أن الفئة او الطبقة غير المؤهلة للاستفادة. هي ايضا تحاول خطف امتيازات الطبقات المحتاجة