الطريق إلى “إيلات”…! العيون العشرة على “مشاريع تعديل مدونة الأسرة”
هوية بريس – طارق الحمودي
الخراب… على الأبواب
منذ أن عرفت شكل وجه الأستاذ أحمد ويحمان، الوجه الأمازيغي المغربي المسلم، وأنا أصادف بإذن الله تعالى صوره أثناء بحثي في القضية الفلسطينية والحركات الصهيوسياسية والصهيوثقافية في المغرب، وصورته اليوم على غوغل تصاحب غالبا كلمات بحثية ثقيلة مثل “التطبيع“، وقد قرأت له واستمعت له، لكن الذي فعله في كتابه “بيبيو.. الخراب على الباب” كان مختلفا، فهو توثيق لمحطات مسيرة التطبيع في المغرب مع الصهاينة الزُرق، وهو كتاب حري بالمطالعة، لأنه كاشف عن حقيقة قصد العملية كلها، فإن الكتاب يؤكد أن “تروين المدونة“، موضوع في نفس سياق “تروين البلد“…. وتمزيقه!
الطريق إلى إيلات.. سياحة المعاهدات
كثير منا شاهد فيلم “الطريق إلى إيلات“، ورأينا كيف سلكت “فرقة خاصة” مصرية طريقا مائيا ظهرا وبطنا لتفجير ميناء إيلات العسكري، وقد وجدنا في أنفسنا أثر ذلك “شيئا من عزة” و”فرح“، وطال الأمر، ثم شاهدت فيلما آخر بنفس العنوان، لكن هذه المرة، كانت فرقة خاصة من القانونيين المغاربة، سلكت الطريق إلى إيلات لعقد معاهدات مع “الصهاينة” لصوص الأرض، وقتلة “الدرة” و”شيرين“، وغيرهما، وفرق بين “الطريقين“، ففي الطريق الأولى إلى إيلات كانت النخبة تمثل الجيش المصري، وأما في الطريق الثانية، فليس للنخبة أية مشروعية تمثيل للشعب المغربي عندنا، فالتطبيع بين قانونيين مغاربة وقانونيين صهانية، كعزف “لحن الاستقلال” بـ”ناي الاحتلال“، ليست إلا ريحا ينفخ، ثم ينتهي كل شيء، ويبقى قوله تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)، وطريقتهم، وتحقق رغباتهم!
ولست أعرف سبب هذه المعاهدات، هل يريد بعض قانونيينا أن يتعلموا من زملائهم الصهاينة كيفية “تعديل” مدونة الأسرة، مع التنبيه على أنه لا تزال “المنظمات غير الحكومية” في مصر تطالب بأرض “إيلات” المغتصبة في 10 مارس 1949م باعتبارها أرضا مصرية، و”إيلات“، المدينة السياحية الصهيونية التي بنيت سنة 1952م سنة الانتفاضة… انتفاضة مغاربة الدار البيضاء على المحتل الفرنسي المتصهين، الذي لم يدخر وسعا في قمعها بالحديد والنار.. فالطريق إلى إيلات…كلها…طريق ويلات.
النموذج التنموي.. الفرنسي
وضعت لجنة خاصة بلون فرنكفوني، خطة عملية للخروج بالبلاد من الظلمات إلى النور، وسمي ذلك النموذج التنموي، والظاهر أن هذه الخطة ستخرجنا من “ظلمات” إلى “أخرى“، وفي كل مرة يثبت عندنا فشل مخططات التنمية التي تُقصي الشريعة الإسلامية إقصاء ظاهرا، وتعتمد على “اجتهادات أفراد“، لإصلاح واقع صعب جدا، لا يخرج منه إلا العودة إلى دين الله تعالى وهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وليسوا مؤهلين لذلك وحدهم، وكل هذا يؤكد أن مدونة الأسرة أفضل المدونات القانونية المغربية المتفرعة عن الدستور، وها هم يحاولون إفسادها، كي تنطبق علينا الظلمات كلها، حتى إذا أخرجنا أكف الإصلاح لم نكد نرها، وفي الظلمة تعيش الخفافيش المصاصة، وتخرج الخنازير لتعثو في أرض الخير بالفساد والإفساد، وفيها يتلصص الذئاب على مقدرات الأمة، ويتسرب الجرذان والفئران إلى مخازن البلاد، هي إذن خطة عمل واحدة، تنفذ بأيادي مختلفة، ووعي من يهمهم الأمر كاف لدفع تلك الأكف، وصرفها إلى أصحابها، أو القبض عليها والتشهير بأصحابها، وبث النور كاف للكشف عن مخططات هؤلاء، ومعين على الاهتداء، وليست هذا النموذج بعيدا عن هذه الدعوات الغريبة لتعديل المدونة بإبعادها شيئا فشيئا عن مصدرية الشريعة والإسلام، فإن اللجنة الفرنكفونية نصت في تقريرها العام ص23 على وجوب “تنفيذ إصلاحات جريئة (مدونة الأسرة، إصلاح قانون الجنسية المغربية، النموذج المغربي في مجال تدبير الحقل الديني…)”، وليس يصعب على القارئ ملاحظة ما نبهت عليه…”إصلاحات جريئة“…لأنها تمس أصلا من أصول الهوية المغربية، ثم لاحظ كيف وضعوا “الحقل الديني” في دائرة الاستهداف، وخففوا تركيز استهدافهم في نص التقرير، فأدخلوا بين “مدونة الأسرة” و”الحقل الديني” إصلاح قانون الجنسية المغربية! حتى لا يتوالى على القارئ في سياق واحد الدعوة إلى إعادة النظر في أمرين لهما تعلق بدين المغاربة، فتنكشف بواطن نفوس المقررين.
المدونة.. بين المحافظين والحداثيين
يحلو للقنوات الإعلامية أن تصف الخلاف في مدونة الأسرة في المغرب القائم هذه الأيام بكونه “خلافا بين المحافظين والحداثيين“، فالمحافظون مصرون على أن تبقى المدونة الأسرية إسلامية المصدر، وهذا يعني الحفاظ على أسس الأسرة المغربية المسلمة، القادرة على تكوين “عباد لله مواطنين” أكفاء للقيام بالمشروع الحضاري للإسلام، خلافا للحداثيين الذين يريدون أن تكون مرجعيتها الاتفاقيات الدولية الموقع عليها، وهو ما يعني ضرورة الخضوع للنظام العالمي الجديد، استجابة لإملاءات صندوق النقد الدولي وأصدقائه، وأهواء الدول الراغبة في قهر شعوب العالم.
حينما قال الملك محمد السادس وفقه الله: “إنني لا أحل حراما ولا أحرم حلالا“، كان القصد القريب أن يقفل باب هذا الموضوع بعد إحالته على لجنة متخصصة، للاشتغال على مواضيع أخرى، كقضية الصحراء المغربية، والتنمية الحقيقية للقرى والبوادي المغربية، وتوفير مناصب شغل، وإصلاح نظامي الصحة والتعليم، لكن طائفة من ” الحداثيين على الطريقة الفرنسية” لم يعجبهم ذلك، لأنهم كانوا يريدون مدونة تُحِلُّ حَلَّ السراويل، وتبيح “الخيانة الزوجية“، وتقيد يد الآباء عن حماية بناتهم وأبنائهم، فلم تأت رياح اللجنة بما تشتهيه سفن أهوائهم، فخرجوا خرجة “غناوية” يطوفون في الشوارع يدعون إلى إعادة النظر في “مدونة الأسرة” التي كان قد أعيد فيها النظر! داعين إلى “استعادة الدور الثقافي للقردة والخنازير” في ساحة “الفناء“، و”استجلاب الفيلة والحمير” للمساعدة في حمل أغراض مهام الإعمار أو الاستعمار، فلن يرضى عنك “الحداثيون المتفرنسون” حتى يمكنوا “الأحمق” من “شعلة نار” في يمينه، و”ديناميت” في شماله، ويكلوا ذلك إلى “عقله” الحداثي، فهذا زمن النوكى.
مناهج التربية الإسلامية… بين التعديل أو التبديل؟
لست محتاجا إلى توطئة وتمهيد لأوصل القارئ إلى ملاحظة القدر المشترك بين “الدعوة إلى مراجعة مقررات التربية الإسلامية” و”الدعوة إلى مراجعة مدونة الأسرة الإسلامية” و”الدعوة إلى إلغاء نظام التعليم العتيق الإسلامي“، فالحروف الثلاثة الأصيلة “س ل م“، علة العلل عند دعاة التعديلات، وتحت الحروف الثلاثة نظام كبير وحكيم وقوي لإدارة الدولة بالدين والأخلاق، وقس على هذا، كل دعوة إلى “تعديل” على طريقة التبديل عند عباد العجل، فلا حزن على من يستبدل الأدنى بالذي هو خير، ويفضل عدس البلوى، على المن والسلوى.
لست محتاجا إلى توطئة، لكنني محتاج إلى تكملة، وهي عندي أخطر، وأدعو القارئ إلى محاولة استنباط قدر مشترك آخر أهم بين “الدعوتين“، وتأمل معي كيف أن ما يدعون إلى “تعديله” يتدخل فيه الملك بالتحكيم، فتعقد اللجان المتخصصة، ثم يصدر عنها التعديلات اللازمة، والتي لا توفي حق أغراض “الدعوة العلمانية“، فإما أنه “الغضب” أو “اللؤم” ما يجعلهم يعاودون الدعوة إلى التعديل، فيقتربون بذلك من الهدف الأكبر عندهم، وهو الدعوة إلى “تبديل” من أوكل إليه التحكيم في “التبديل“.
أذناب الاحتلال.. أسباب الاختلال
خرج الاحتلال من المغرب، وبقيت أذنابه ممدودة في مؤسساته، ولم تكن هذه الأذناب إلا بني جلدتنا الذين تربوا في غير مدرستنا، يتكلمون بدارجتنا، ويفكرون بفرنسيتهم، ثم انضاف إليهم مرتزقة الدولار من صائدي الجوائز، وقد كانت استراتيجية المحتل أن الخروج من المغرب أفضل طريقة للبقاء فيه، وهذا الذي حل بنا، فخرب الديار، وضيع الأعمار، وأفسد الأموال، نهبا وسفاهة، هؤلاء أحفاد حاملي الهراوات مع جنود المحتل، حين كان يجوب أزقة المدن المغربية بحثا عن الوطنيين الثائرين القائمين بحق الهوية والدين والوطن، فمن هؤلاء الأحفاد من أفسد النظام القانوني في المغرب وأقر فرنسته، وسعى في إفساد آخر حصن من الحصون القانونية المضمنة لمعالم الهوية وبعض تفاصيلها، وهي مدونة الأحوال الشخصية أو ما صار بعد مسمى “مدونة الأسرة“، وهي أدق وأبلغ، وأنزع قبعة التنويه على طريقة الأوروبي الجنتلمان لصاحب هذه اللمسة “البيانية” في العنوان، فهي إذن قضية “أسرة” يراد لها الانفجار والاندثار، والقصد الأكبر عندهم تحويل المدونة المغربية إلى نسخة طبق الأصل للمدونات الغربية مصادق عليها في الإدارة الواشنطنية أو الملحقة الباريسية.
الأسرة إذن هي الغرض الأكبر لهؤلاء الأتباع، الذين أعمى بريق العملة الذهبية إنسان عيونهم، وتوافق مع هوى إباحية في قلوبهم، فانفصل عنهم كائنات مشوهة البنية، ممسوخة الفكرة، مُكِّنت من “أزمة القرار والتحكم” فعاثت فسادا، وتعطلت أجهزة الملاحة، وضاعت السفينة في محيط الفساد، إلى غير وجهة، وحولها “غواصات ذئاب النظام العالمي” الساعية إلى إغراق كل سفينة تتوجه إلى الموانئ الإصلاحية.
مطاعم التعديلات… في شوارع الاستبداد
تأملت حال “أهل التعديلات“، فرأيت أصولهم في بلدان “الاستبداد“، بلدان يحكمها “أهل التعديات“، وجدت تركيا، حيث قام اليهودي الدونمي بالدعوة إلى “التعديلات“، فعَدَلَ بالشعب التركي عن “العلم والعدل“، وامتلأت شوارع إستنبول بـ”الزبالة” الثابتة والمتحركة، وعم الزنا، وصارت اللصوصية مؤسسة وطنية، وأعدم “أهل الإصلاح“، وحول مسجد النصر، مسجد آيا صوفيا، إلى متحف “وطني أو وثني“، وفرح بذلك أهل الأمم المتحدة علينا، وزغردت رئيسات دولها، وبكى رؤساها بدموع ساخنة، وتحرك بابا الفاتيكان على كرسيه متخشعا، إذ قد تم أخيرا “مساعدة تركيا” على “التحرر” من الحضارة الإسلامية والانتقال إلى “ديمقراطية العبد المكبل بالديون والإملاءات“، ثم حان دور “تونس” بلد “الزيتونة“، فقام “بورقيبة” عميل الفرنسيين والصهيونية، فقطع السقي عن “زيتونة” تونس، لتصير زيتونة شرقية أو غربية خفت نور زيتها، وجفت أغصانها، وذبلت أوراقها، ولم يبق للزيتون وجود، فتابع صنيع أتاتورك، وأفسد مدونة الأحوال الشخصية، كي تمكن “المستعمر المستثمر” من “استغلال” مقدرات الشعب التونسي كما فعل بالتركي، في “أمن وأمان” عالميين، حيث تسود قيم المحبة والأخوة…واستعباد الشعوب الإسلامية…عن طريق عملاء بماركة عالمية…النظام العالمي الجديد.
هكذا بدأت تنتشر “مطاعم التعديلات” في العالم الإسلامي، حيث تتداعى الأكلة على القصعات، واشتهرت شوارع الاستبداد بذلك، وكان زبناء المطعم من آكلي خيرات بلاد المسلمين من البيض شتاء، الحمر صيفا، يتجولون في ساحات “فناء الأمم“، يشغلون الشعوب المسروقة بالمكورات وشباكها، والمستطيلات وأعوادها، وحلقات التمثيل والتهريج، ينجح هذا حيث استبداد العلمانية وجورها، وها هم “فروعهم في المغرب“، يعدون أواني الخيانة، لطبخ التعديلات، فإنها على الزبناء ستعرض، فإن رضوا فلهم الرضا، وإلا أعيد طبخ التعديلات من جديد.
الشعب المغربي.. بين نار الأسعار وسُعار الأنوار
يُعَدُّ “ديودوني” الفرنسي، المولود من أب كاميروني وأم فرنسية بيضاء، من أقوى المنتقدين للصهوينية الفرنسية نفوذا وسط الناس، وقد منع من عرض أعماله الهزلية في المسارح والقاعات الفرنسية العامة والخاصة بسعي من اللوبي الصهيوني في فرنسا، وليس هذا عجيبا، فثم كثير من النخب المثقفة العالمية تنتقد الصهيونية وتحاول كشف عوراتها أمام الناس، لكن المثير في حالة “ديودوني” أنه ينتقد “الأنوار” “الحداثية” وفكرها، ويربطه بـ”الصهيونية“، وهو غير مجازف بذلك، لاعتماده على وقائع وأحداث ومعلومات مشاعة وغير مشاعة، وها هو الآن في “تركيا” هاربا من ظلم “الأنوار الفرنسية“، أو قل” نيرانها“، وهو أمر يحيل على سؤال العلاقة بين الثورة الفرنسية وغيرها، وبين الدعوات الصهيونية باختلاف توجهاتها ومدارسها، والجواب كامن في قراءة “دعوات التعديل” النارية لا التنويرية ،التي بدأت في بلدان “التنوير” والتزوير الديمقراطي، فأحرقت البلاد، وأفسدت الأخلاق، وكادت تُمحا “الأسرة” من البيوت الفرنسية، وآل الأمر بالفرنسيين وغيرهم إلى خراب الأسرة الغربية، بله التضييق على الإسلام وأهله، ولم نكن نحن في معزل عن ذلك، بعد أن نالنا شيء قليل من تلك “التعديلات“، فما بالك إن وافقناهم في تعديلاتهم، ويحسن مراجعة “الأسرة في الغرب، أساب تغيير مفاهيمها ووظيفتها، دراسة نقدي تحليلية“! للدكتورة خديجة كرار، ومقالات كثيرة توثق لحالة الأسرة بشهادة دراسات وأبحاث غربية.
الرفيق الغريق.. في بحر التعليم العتيق
بعد أن صدر الظهير الشريف الملكي بجعل “التعليم العتيق” مؤسسة وطنية دستورية، قامت قيامة “أصحاب التعديلات“، فقد انتبه “الأذكياء فيهم“، وهم قلة قليلة متقللة، فقام معلنا إنكار ذلك، لأن معناه استمرار وجود “عقول” حاملة للفكر الإسلامي، المكلفة بنشر الوعي ومباشرة الإصلاح في المجتمع ومؤسساته، وذاك الذي حصل، فخريجو التعليم العتيق موجودون في غالب المؤسسات الوطنية والحمد لله، وهذا أمر لا يمكنهم السكوت عليه، ولذلك سعوا إلى “تجفيف منابع الإرهاق“، إرهاقهم وإتعابهم، فطالبوا بإلغاء هذا التعليم، ولا يزالون، تولى كبر ذلك “المحنك” الشِّمالي منهم، والمراهنة على هذا مخاطرة مجنون، فهذا التعليم العتيق أصله ثابت وفرعه في السماء، يؤتي أكله كل حين بأمر ربه، وليس بمثل هذا يزال، وفي التعليم العتيق، إحالة على “مدونة الأسرة“، وفي مدونة الأسرة إحالة على التعليم العتيق، ولذلك يطالب بالتعديل فيهما دائما.
الرفيق.. رفيقي
أرسل لي بعض المواطنين المغاربة الفضلاء يعرض علي متابعة مقطع مرئي لمن كنت أعرفه باسم أبي حفص، فوجدته يتحدث عن وجهة نظره في بعض فصول مدونة الأسرة، وقد وجدته أعد وريقة بين يديه، فشجعني ذلك على مشاهدة المقطع، فتابعته، وخيب أبو حفص ظني فيه.. كثيرا، فقد كنت أنتظر عرضا يناسب ما يوصف به، وجدت رفيقي يتحدث بلغة “المسرحي” الذي يحرك العواطف، ويستثير دموع المشاهد، ويكاد يلطم على وجهه، وضربت كفا بكف، فقلت: أهذا مستوى بعض من ينسب للثقافة والبحث؟ أين أرقام الإحصاءات؟ أين مراجع الأبحاث الاجتماعية الصادرة من مراكز البحث المعتبرة في المغرب؟ لم أجد شيئا من ذلك، سوى التعبير عن انطباعات، وعبارات تسخينية كأنه رئيس “أولتراس” يثير حماس المتفرجين، أو “فطومة” في المحكمة تشتكي من ظلم “عمي حدو” الذي أخذ بعض غنيماتها، وتريد أن تدفع القاضي إلى الحكم بإعدامه، وما هكذا يكون الأمر، فمثل هذه الدعوات تحتاج إلى “مراجع” دراسات وأبحاث وأرقام، و”أدلة” محسوسة لا “تمثيلية مسرحية شاعرية“، لكن القوم ليس عندهم من ذلك شيء، فيلجؤون إلى استعمال طريقة “فطومة” في المرافعة.
أغفل رفيقي استحضار التكامل بين أبواب كتب المدونة وفروعها، لفهم مقاصدها، ومثال ذلك، مواد الحضانة والنفقة والولاية والنيابة والإرث وغيرها، وجعل الخلل في الممارسة الاجتماعية موجبا لتغيير الحكم الشرعي، وهذا خطأ، والصواب أنه يجب إصلاح الخلل، وأغفل الإحالة على شراح المدونة وهم فقهاء قانونيون يحسنون التعليل والقياس والتنزيل، مثل “الشافي” و”المنهاج“، ورفيقي ليس منهم، ومما طبل به رفيقي، وجوب الاحتكام إلى المواثيق الدولية، وهو يعلم أو لا يعلم أن فيها ما يخرب الأوطان والأديان، وليراجع كتاب “المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة” للدكتورة كاميليا حلمي، وهي دراسة مهمة جدا! وحسبي هذا الآن!
جزاكم الله خيرا سيدي طارق ونفع بكم