الطريق إلى الإنجازات الرياضية
هوية بريس – ابراهيم أقنسوس
الشأن الرياضي جزء من كل، والسياسة الرياضية ليست في النهاية إلا صورة من صور السياسة العامة، وكيف يتم تدبيرها والتفكير فيها ابتداء، فالسياسة الرياضية رهينة بما يسندها وتستند عليه من أسس ومرتكزات، تكون أو لا تكون، وهي التي يتم التعبير عنها، تلميحا وتصريحا بكلمات، من قبيل ( تقدير المسؤولية، روح المواطنة، الكفاءة المعرفية والمهنية، الجدية والإنضباط، الشفافية والوضوح، المحاسبة، وغيرها )، وهي التوصيفات التي نفتقدها في أكثر من مجال، ونبحث عنها باستمرار، فبدونها لا يمكن أن نحقق النتائج التي نرجوها، وستظل أفراحنا مؤجلة، أو في أحسن الأحوال مؤقتة وضامرة ؛ ولنا أن نفكر بالمناسبة في النتائج المتواضعة التي بصم عليها الرياضيون المغاربة، في الألعاب الأولمبية الأخيرة بباريس، كما لنا أيضا، أن نفكر في طرق التفاعل معها، ما يدعونا إلى تسجيل الملاحظات التالية :
أولا : مثير للإنتباه، هذه الطريقة التي يتم التفاعل بها، مع مجمل النتائج الرياضية في بلادنا، حيث ينتقل الكثيرون، وبسرعة قياسية، من لغة الإطراء والمدح وإبداء الرضا التام، في حالة إحراز النصر، إلى لغة الهجاء والذم وإبداء الغضب والتذمر، وتطول هذه الملاحظة عموم المنشغلين بالشأن الرياضي، كما تطول عموم الجماهير الرياضية، سواء بسواء، ما يعني أن النجاحات الرياضية عندنا، في عمومها، ليست إلا طفرات تحضر في لحظات معينة، وتخص رياضات معينة، يتم تدبيرها في الغالب الأعم، بمجهودات فردية خاصة، لا يتم إسنادها من طرف المؤسسات المعنية، بالشكل المؤسسي والمطلوب، الذي يعني تعهدها والحرص عليها، إلا ناذرا، والحصيلة، هي هذه النمطية غير المنضبطة للنتائج، والتي لا تملك صفة الديمومة والنجاعة والإستمرار، تظهر حينا، وتختفي أحيانا، ما يعني أنها نتائج بلا ضمانات تدبيرية، وبلا أفق رياضي واضح و محدد، والسبب أنها ببساطة، تفتقر إلى الأسس وإلى المرتكزات المواطنة، التي ألحت عليها المناظرة الوطنية للرياضة، المنظمة بالصخيرات في 24 أكتوبر 2008 م، حيث تم التنبيه في رسالة ملكية وجهت إلى المناظرة، إلى وجود ثغرات كثيرة، بشرية وتدبيرية وإدارية، تعوق رياضتنا الوطنية، وهذا مقتطف من هذه الرسالة 🙁 ومن التجليات الصارخة لاختلالات المشهد الرياضي، ما تتخبط فيه الرياضة من ارتجال وتدهور، واتخاذها مطية من لدن بعض المتطفلين عليها، للإرتزاق أو لأغراض شخصية إلا من رحم ربي…والأدهى والأمر، أن تحديد المسؤوليات غالبا ما لايتم بشكل واضح، في حين لا تتوفر عناصر الشفافية والشجاعة والديمقراطية في تسيير الجامعات والأندية، ناهيك عن حالة الجمود التي تتسم بها بعض التنظيمات الرياضية، وضعف أو انعدام نسبة التجديد الذي تخضع له هيآتها التسييرية…)، كان من الممكن، ولا زال من الممكن، التقاط هذه التنبيهات والإشارات، الواردة في الرسالة الملكية إلى المناظرة، لإعادة هيكلة المؤسسات المعنية بالشأن الرياضي في بلادنا، ومدها بالكفاءات المواطنة اللازمة، والتخلص بالمقابل، من كل الفاسدين والمفسدين، والمتطفلين الذين يبحثون عن أشياء أخرى، غير رياضية.
ثانيا : وبالطبع، ولتحقيق ذلك، لا بد من إعطاء الطابع المؤسسي للرياضة، مضمونه القانوني والتدبيري والأخلاقي الحقيقي، وذلك بتحديد الصلاحيات، وإبعاد السياسويين والأنانيين عن الحقل الرياضي، والذين يعمدون إلى تحويل المؤسسات الرياضية المختلفة، إلى خزانات انتخابية، يحرصون بها مصالحهم الضيقة، في غياب المحاسبة الضرورية والمطلوبة، فالأمر يتعلق بصورة البلد وبمصالحه العليا، والأمر يتعلق بالمال العام، الذي يتم رصده للجامعات الرياضية، ويتم تخصيصه للمنح وللإمتيازات، ولأشكال من التعويضات والسفريات المختلفة، ويجب أن تكون المسؤوليات محددة وواضحة، تتحملها كل الأطراف، بحسب مواقعها ومستوياتها الإدارية والتدبيرية ؛ الوزارة الوصية، ثم اللجنة الوطنية الأولمبية، في حالة الألعاب الأولمبية، ثم الجامعات والأندية، ثم الرياضيون والرياضيات، هذا إذا أردنا بالفعل أن نرفع راية البلد، في المحافل الدولية، بالشكل الصحيح والمطرد، وأن لا ننتظر في كل مناسبة، سفيان البقالي، ليمنحنا ذهبيتنا الوحيدة والفريدة.