الطفلة أميرة.. الاغتصاب وحالات العود أما آن الأوان لمراجعة القوانين؟
هوية بريس – نبيل غزال
فجَّر نهاية الأسبوع الماضي حادث اختطاف الطفلة أميرة بالقصر الكبير، من طرف صاحب سوابق، قضى 12 سنة بالسجن، بتهمة اغتصاب وفض بكارة قاصر، صدمة كبيرة لدى كثير من المتابعين.
فبعد شهرين فقط عن مغادرة الجاني لأسوار السجن، لم يتوان في العوَد لاقتراف ذات الجريمة، حيث قام هذه المرة بحيلة ماكرة، استدرج بواسطتها طفلة، بعد أن طلب مساعدتها لأجل العثور على مدرسة قريبة، ليختطفها وينقلها من القصر الكبير إلى مدينة طنجة..
وبعد أن صار اختطاف الضحية قضية رأي عام تخلى عنها صاحب السوابق (50 سنة) ولاذ بالفرار، إلا أن مصالح الأمن وبعد تكثيف عمليات البحث تمكنت من اعتقاله بمحطة القطار بالقصر الكبير.
هذه الواقعة تطرح أكثر من سؤال عن حالات العود لارتكاب الجرائم وتأهيل المعتقلين داخل السجون المغربية وفعالية القوانين الزجرية المعمول بها..
فخلال تفاعله مع سؤال شفوي تقدم به الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، بمجلس المستشارين حول حالة العود، كشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بأن هذا النوع من الجرائم من الإشكالات الجنائية الكبرى التي كانت موضوع اهتمام جل الأنظمة الجنائية المقارنة.
وأضاف الوزير بأن المغرب كغيره من الدول ظل يعاني من ظاهرة العود إلى الجريمة وعجزت السياسة الجنائية في شقيها العقابي والوقائي عن إيجاد أجوبة لمعالجة أمثل لمشكل العود إلى الجريمة، سواء كان العائدون من الذين استفادوا من تدبير العفو، أو الذين أطلق سراحهم بنهاية العقوبة.
وفي ذات السياق كشفت دراسة ميدانية أنجزتها المندوبية العامة لإدارة السجون أن حالات العود للجريمة ترتفع لدى الفئات العمرية بين 25 و29 سنة لتصل إلى 88 في المائة.
وعودا إلى الطفلة أميرة التي نجت بفضل الله من مخالب ذاك الجانح، فهي لا تمثل حالة معزولة، حيث إن حوادث الاغتصاب تتكرر تقريبا بشكل يومي، وفي عدد من المدن المغربية، سواء تعلق الأمر بحالات العود أو بغيرها، والأسباب الكامنة وراء ارتكاب هذا النوع من الجرائم متعددة ومتداخلة، لكن المؤكد أن العقوبات الزجرية تقف عاجزة تماما أمامها.
وفي هذا الصدد أكد محمد ألمو، الحقوقي المحامي بهيئة الرباط، في تصريح إعلامي بأن “العقوبات السّالبة للحرية برهنت، في جزء كبير منها، على أنها كانت تتّخذ وجه العقاب، ولكن ليس التأهيل والردع الوقائي من خلال دفع السجناء إلى تجاوز السّلوك الذي زج بهم في السّجون”، مشيرا إلى أن “الوقت قد حان لنفتح نقاشاً وطنيّا بهذا الخصوص، لأن المؤسسات السجنية تعيش اكتظاظاً، وبالتالي ليس هناك تجويد للعقوبة أو تجويد لظروف قضاء العقوبة، بما يساهم في التأطير والعلاج، وهو ما يسمح بحالات العود لاحقاً”.
وعلاقة بالمدة السجنية (12 سنة)، التي سبق وقضاها الجانح الذي اختطف الطفلة أميرة، تذكرت أنه في السنة التي اعتقل فيها وبالضبط سنة (2012)، فاجأ المحامي عثمان المريني في ندوة نظمتها استئنافية القنيطرة في مقر الجهة، في إطار الحوار الوطني من أجل إصلاح منظومة العدالة، الحضورَ بدعوته إلى تبني الشريعة الإسلامية كخيار استراتيجي وأساسي لأي إصلاح يروم وضع جهاز القضاء على سكته الصحيحة.
واعتبر المحامي وعضو هيأة المحامين في القنيطرة، في تدخله أمام عدد من القضاة والمحامين وكتاب الضبط والمفوضين القضائيين والموثقين، أن (اعتماد العدالة المغربية على القوانين الوضعية الآتية من الغرب وتطبيق العقوبات المستقاة منها لم يزد الإجرامَ إلا استفحالا داخل المجتمع)، وأضاف أن (القوانين المعمول بها حاليا لم تُصلح من وضع العدالة في شيء، طالما أنها أقصت القرآنَ والسنة كمرجع).
وقال المحامي إن القضاء يعتمد نصوصا قانونية غريبة عن المواطن وبعيدة عن هويته، وأشار إلى أن الحل السليم للخروج من المشاكل الجمة التي يتخبط فيها هذا الجهاز هو تطبيق العقوبات الإسلامية لطابعها الردعي، موضحا أن (اعتماد الحدود الشرعية سيجنب تراكم الملفات في الرفوف، لكون الحدود الشرعية تحقق الردع للآخرين، وفيها العظة لمن تُسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم المتفشية بشكل كبير في المجتمع)، معربا عن أسفه لاهتمام المسؤولين القضائيين بالإحصائيات عوض أن ينصبّ الاهتمام على محتوى الأحكام القضائية الصادرة وعلى مدى إنصافها للمتقاضين. (المساء؛ ع:1878 بتاريخ: 09/10/2012).
الجميل في مطالب المحامي المشار إليه أنها صدرت عن رجل ممارس يقف بشكل يومي، من خلال الحالات التي يترافع عنها أو يطالع ملفاتها، على قصور القانون الوضعي في الحد من الجريمة؛ هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فقد مارس المحامي المشار إليه حريته كما يليق به، ولم يخضع لسياسة الترهيب وتكميم الأفواه، ولا تأثر بمحاكم التفتيش التي تنصبها منابر وجمعيات وأحزاب ذات توجه معروف، فكسر الطابو وباح بالمسكوت عنه.
هناك علاج وحيد واحد لاثاني له ويمكن أن يضع حدا نهائيا للاسرة الاغتصاب الذي يتعرض لها ابنؤنا وبناتنا وهي عملية الاخصاء غير ذلك فإننا نساهم في انتشار الظاهرة لأن السجن ليس عقابا.