الطفل المغربي إلى أين..
هوية بريس – طلال ارحيحات
لا يظهر للعيان من العنوان عن ما سيكتبه البنان وعجز عن ذكره اللسان. فبعد الأحداث الأخيرة لطفل طنجة وطفلة زكورة. وماهي إلا شرارة من نار جهنم التي تحرق الطفولة المغربية كل يوم. فمن المسؤول؟ هل هو الجاني؟ هل هي الدولة؟ هل هي الأسرة؟ أي دور للتربية والتقاليد في هته الأزمة؟ لعلي أسرفت قليلا من الأسئلة، فهل من أجوبة؟
في الدول المتقدمة مثلا تستعمل إستراتيجيات إستباقية قبل وقوع الأزمة وتخص تكوين الفرد قبل المجتمع، من توفير سكن لائق تعليم متطور صحة جيدة… عناية الأسرة. فتكون الجريمة سوى طفرة نادرة يتم التعامل معها بحزم.
فالدول التي تدعي الحرية تجدها تتسابق في تطبيق حكم الإعدام في حالات اغتصاب الأطفال والقتل العمد كالولايات المتحدة الأمريكية والصين على سبيل المثال. أما نحن ثاني بلد عربي في هته الجريمة، مازال النقاش عندنا بين مؤيد ومعارض لهته العقوبة.
دين الدولة هو الإسلام حسب الدستور، والإسلام الذي يحاول البعض نسف مضمونه وإبعاده عن الحياة اليومية، تحت ذريعة التحديث والعصرنة! نجده هو الترياق الوحيد لكل الأزمات التي تعترينا من كل حدب و صوب.
فالقصاص الذي أمر به الله عز وجل في كتابه العزيز هو الحل الفوري لهته الجريمة. ولدي سؤال بسيط لمعارضي حكم الإعدام، هل تعلمون أكثر مما يعلم الله! فحاشا وكلا. فالمغتصب والقاتل علاوة على جريمته النكراء، يصبح وباء فكم منهم أعاد الكرت داخل أسوار السجن. ونعطي مثالا بسيطا بوباء كوفيد19، فالكل يستعمل العقاقير لمقاومة الوباء لكنه في إنتشار مهول، فتجد كل الدول تتسابق لإيجاد اللقاح للقضاء عليه بصفة نهائية. إن حالة التوهان الذي يعيشه مجتمعنا سببه تطبيق أحكام الدين بصيغة جزئية، وهذا في منتهى الخطورة ،والآية الكريمة واضحة في هذا الباب.
نأتي إلى هذا الطفل المغلوب على أمره، فنظرا لضعفه الجسدي و النفسي والمادي يصبح عرضة لإهمال الدولة من حيث ندرة المرافق الفنية والثقافية والرياضية داخل المؤسسات التعليمية وكذلك لشبه إنعدام للفضاءات الخضراء والملاهي المجانية. علاوة على هذا أجد أن دور الأسرة المتمثل في الأب والأم، يغطي نسبة 70٪ في تكوين شخصية الطفل الذي يصبح رجل أو امرأة الغد.
فمن الغباوة أنك لا تغطي قوت يومك وتتزوج بامرأة هاربة من واقع الحال، والأبهى من ذلك تنجب ثلاثة أطفال على الأقل، وتقول الدولة لم تفعل معنا شيء! فنرجع في هته الحالة كذلك إلى الدين لقول سيد الخلق “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”.
فتربية الطفل تأتي بالعناية والحنان والنصح ورؤيته لوالديه كقدوة حسنة. فهذا الوالد الأمي المدخن السكير عفا الله عنه، تجده يضرب أمه ويشتم ولده ويصيح بقوله لطفله ندمت على ولادتك… فكيف ستتكون شخصية الطفل في هته الحالة مثلا! إلى جانب اللامبالاة فمن سابع المستحيلات أن تجد الأطفال يلعبون في الأزقة دون مرافقة آبائهم في الدول المتقدمة. أما نحن فلا حديث ولا حرج؛ فحين يختطف الطفل تسمع أين الأمن؟ أين أنتم أولا.
فهذا الطفل لا يمكنه إنتاج أفكار ولا مناقشة مواضيع أسرية، إلا في حالة واحدة إذا كانت فكرته تصب في صف فكرة والديه، هذا إن سمح له بالكلام أصلا، أما إن تجرأ وعارضها فمصيره القمع والمقولة الشهيرة “أنت صغير لا تعرف شيئا” وأنا أبوك “المقدس” الواجب إطاعته حتى لو أخطأ، فالله أوصى بنا، وتناسوا دورهم في قوله صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.
فالرضا يكون متبادل “رضي الله عنهم ورضوا عنه”. فأخطاء الأطفال يغفرها الله جميعا، فلا داعي لمعاقبتهم، أو تفريغ مشاكلكم الخاصة عليهم. فما سردته عن واقع الأسر المغربية يغطي الأغلبية الساحقة للأسف. التي إجتمع عليها الفقر والجهل، فكان الطفل هو الضحية في نهاية المطاف. هذا دون الحديث عن أطفال الشوارع أو ضحايا الطلاق فلهم بعد الله مسؤولية الدولة. فقبل أن تكون أبا أو أما أصلح ذاتك تعلم تحلى بالأخلاق رغم الظروف، لكي يصبح إبنك مثلك ولكي لا يغدو متمردا عليك. فالطفل أرض خصبة نقية ما تزرعه فيها اليوم تحصده غدا.