الطوفـان: نـجاح أم فـشـل؟ .. المعيار يحسم الإجابة!

21 يناير 2025 12:14

هوية بريس ـ علي حنين

في سياق الجدل حول جدوى عملية “طوفان الأقصى”، طرح الدكتور نايف بن نهار، الأكاديمي والكاتب القطري، سؤالًا جوهريًا حول كيفية الحكم على نجاح أو فشل أي تجربة.



وقال الدكتور بن نهار، في تدوينة حديثة على منصة “إكس”: “لا يمكن الحكم على تجربة بأنها ناجحة أو فاشلة إلا إذا اتفقنا على المعيار الذي نحكم به، فمثلاً قد تجد شخصًا يبتذل نفسه ويسترخصها كي يصل إلى منصب فإذا وصل رأى نفسه ناجحا، لأن معيار النجاح عنده هو الوصول بحد ذاته. وهناك شخص يرى ذلك فشلاً؛ لأن معيار النجاح عنده هو الحفاظ على كرامته، هكذا نجد اختلاف المعايير يؤدي إلى اختلاف الأحكام.”

وأضاف الدكتور بن نهار أن هذا الاختلاف في المعايير ينطبق أيضًا على تقييم “طوفان الأقصى”، العملية العسكرية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم.

وقال: “طبق الأمر نفسه على طوفان الأقصى، الحكم عليه يعتمد على المعيار الذي تحكم به، والذين ينتقدون الطوفان اليوم يحكمون عليه بمعيار الكلفة، فبما أن الكلفة عالية فهي بنظرهم عملية خاطئة. لكن معيار الكُلفة ليس صحيحًا دائمًا، بدليل أن الجميع اليوم سعيد بانتصار الثورة السورية رغم أن كلفتها أكبر من كلفة غزة بأضعاف مضاعفة، والجميع يفخر بالثورة الجزائرية التي كانت كلفتها أكبر بكثير من كلفة غزة، والجميع يعد الاتحاد السوفيتي منتصرًا حين طرد النازيين مع أن الاتحاد السوفيتي خسر عشرين مليون إنسان!”

وتساءل الدكتور بن نهار: “ثم لو كنا سنحكم بمعيار الكُلفة فهذا يعني أن إسرائيل لو احتلت أي بلد عربي فالواجب ألا يقاومها أحد، لأن مقاومتها سيكون لها كُلفة كبيرة على أرواح الناس، وهكذا نجد أن معيار الكلفة يقودنا إلى خيار وحيد أمام إسرائيل، وهو خيار الاستسلام.”

كما أشار إلى أن الحديث عن كُلفة الحرب يجب أن يقابله حديث عن كُلفة السلام، قائلًا: “ثم لماذا نتحدث عن كلفة الحرب ولا نتحدث عن كلفة السلام؟ الضفة الغربية خسرت أكثر من أربعين بالمئة من مساحتها بسبب السلام، و800 ألف محتل صهيوني استوطن الضفة بسبب السلام، فلماذا تهمنا كُلفة الحرب ونتهرب من الحديث عن كلفة السلام؟”

وأكد الدكتور بن نهار أن الكُلفة تظل عاملًا مهمًا، لكنها ليست العامل الوحيد، بل يجب إضافة معيار آخر وهو “معيار الجدوى”.

وقال: “هل الكلام السابق يعني أن الكلفة ليست مهمة؟ لا شك أنها مهمة وجوهرية، لكن يجب أن نضيف لها معيارًا آخر، وهو معيار الجدوى، فالكلفة إذا لم تكن لها جدوى مناسبة فإنها مجرد طيش وعبث.”

وفيما يتعلق بجدوى “طوفان الأقصى”، قال الدكتور بن نهار: “فهل كان الطوفان مجديًا في مشروع استنزاف الكيان الصهيوني؟ حول هذا السؤال ينبغي أن يكون نقاشنا جميعًا، وشخصيًا أرى أنها كانت ذات جدوى عالية فعلاً، ويمكن أن نذكر عشرات الأسباب التي تثبت هذه الجدوى، وقد اعترف الصهاينة أنفسهم بكثير منها، لكن الجدوى المركزية في اعتقادي هو أن الطوفان وضع إسرائيل على مسار الانحدار بشكل عملي، فأن تضرب المقاومة عمق الأمن الإسرائيلي بما يؤدي إلى أكبر هجرة في تاريخ إسرائيل، ثم تحشد إسرائيل كل قوتها وبدعم مطلق من القوى الغربية لمدة سنة ونصف، ثم بعد ذلك كله تخرج المقاومة صامدة ومتماسكة وكأن الحرب كانت يومًا أو بعض يوم، هذا كله لهو أكبر ضربة حقيقية لإرادة البقاء للمجتمع الصهيوني، وأكبر ضربة لإرادة القتال للمؤسسة العسكرية، وحين تضرب إرادة البقاء وإرادة القتال معًا فأنت عمليًا تكون قد وضعت إسرائيل على مسار التدحرج من القمة.”

هذه التدوينة تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول المعايير التي نستخدمها في تقييم الأحداث الكبرى، وتذكرنا بأن الحكم على النجاح أو الفشل يعتمد دائمًا على الزاوية التي ننظر منها.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق


حالة الطقس
20°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة